لبنان: طرابلس تستقبل العيد على وقع المفاجآت الأمنية

علوش: لا مؤشرات حول الإعداد لمعركة في المدينة

TT

بقيت مدينة طرابلس، شمال لبنان، على مخاوفها في اليوم الأول لعيد الأضحى المبارك، خشية أي رد فعل سلبي نتيجة توجيه الاتهام إلى أشخاص من جبل محسن (ذي الغالبية العلوية)، في التفجيرين اللذين نكبا المدينة، في الثالث والعشرين من شهر أغسطس (آب) الماضي، بتوترات واشتباكات تنغص فرحة العيد.

وأدى توجيه هذه الاتهامات منذ أربعة أيام بالوضع في طرابلس، خصوصا بعد إلقاء القبض على المدعو يوسف دياب من جبل محسن، إلى اشتباكات بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة عمل الجيش اللبناني على تطويقها، بينما يسجل منذ ذلك الحين إطلاق رصاص متقطع بين فترة وأخرى على الخط نفسه.

وكان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر قد ادعى على ثلاثة موقوفين هم يوسف دياب (من جبل محسن) وأنس حمزي وحسين جعفر، وعلى أربعة فارين من وجه العدالة (من جبل محسن أيضا)، بجرم تأليف عصابة مسلحة بقصد القيام بأعمال إرهابية وتفجير مسجدي «التقوى» و«السلام»، وأحالهم تبعا للادعاء الأساسي إلى قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا، وكان القضاء اللبناني قد ادعى في 30 أغسطس الماضي على أربعة أشخاص، هم نقيب في الجيش السوري، ذكرت وسائل الإعلام أنه مسؤول أمن منطقة طرطوس في غرب سوريا، وسوري آخر، ولبنانيان، في الملف نفسه، وبذلك يصبح عدد المدعى عليهم في تفجيري طرابلس الذي راح ضحيته 51 قتيلا و350 جريحا، 11 شخصا.

وقد كشف المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي أن خمسة أشخاص نفذوا تفجيري طرابلس، مشيرا إلى أن صورة الموقوف يوسف دياب ظهرت وهو يركن السيارة التي فجرت أمام مسجد السلام، وهو اعترف خلال التحقيق بذلك، لافتا إلى أن «هذا الملف بات عند القضاء والقضية ثابتة ولا توجد أي ثغرة في الملف».

من جهته، قال رفعت عيد أمين عام الحزب العربي الديمقراطي، إن الحزب لا يأخذ بكلام ريفي بل بكلام القضاء اللبناني، لافتا إلى أن الحزب يعمل على إبعاد الفتنة عن مدينة طرابلس لكن الفريق الآخر يريدها على ما يبدو.

وأضاف عيد: «نحن جاهزون لأي أمر، وما نطالب به هو أن يقول القضاء اللبناني كلمته في هذا الموضوع»، مشيرا إلى أن الأسماء المتداولة لا علاقة لها بالحزب ويمكن أن تكون شخصيات مناصرة للحزب وهم أبرياء حتى يثبت العكس.

وفي هذا الإطار، قال عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يوجد على الأرض في طرابلس ما يشي بأن هناك من يحضر لمعركة، بين جبل محسن وباب التبانة، لكن إصرار رفعت عيد على منطق التحدي، وحماية المتهمين الموجودين في جبل محسن وعدم تسليمهم، قد يؤدي إلى بعض ردود الفعل».

وشرح علوش في الوقت نفسه أن «الطرابلسيين رغم كل الشائعات التي تنتشر، فإن من يحملون السلاح بينهم ويستخدمونه هم نسبة قليلة، وبالتالي فإن ردود الفعل من المفترض أن تبقى محدودة».

وساد طرابلس بعد اعتقال دياب وتوجيه الاتهامات له حالة من التوتر والخوف، وسرت شائعات حول اقتراب انفجار الوضع الأمني، وحديث عن أن «عيد الأضحى سيكون هذه السنة مختلفا» لما سيشهده من أحداث ساخنة.

في المقابل، كان رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي قد نوه بما توصلت إليه التحقيقات الأمنية «من خيوط مهمة في جريمة التفجيرين الإرهابيين»، مهنئا «شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي على هذا الإنجاز المهم، وعلى توقيف أحد المتهمين في هذه الجريمة».

وأكد «أنه لا خيار لنا جميعا سوى التمسك بالخطة الأمنية في طرابلس والمتابعة من قبل الجميع لإنجاحها بما يكفل تحقيق الأمن والاستقرار في المدينة، وطي صفحة الحروب العبثية التي يدفع الطرابلسيون أثمانا باهظة بسببها من أرواحهم وممتلكاتهم وصورة مدينتهم وقيمها».

وتأتي هذه التطورات بعد إعلان وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل عن تنفيذ خطة أمنية جديدة في طرابلس ستنتقل بعد نجاح مرحلتها الأولى إلى أخرى جديدة. لكن علوش قال: «لا أعرف ما هي الخطة الأمنية لأنه لم يتم الإعلان عن ماهيتها أو أهدافها، وبالتالي فأنا عندي شعور بعدم وجود خطة، مع تأكيدنا على أهمية الوجود الأمني لحفظ حياة الناس».

جدير بالذكر أن الشيخ هاشم منقارة المعروف بقربه من النظام السوري كان قد ألقي القبض عليه والتحقيق معه سابقا في قضية التفجيرين، وكذلك شخص مقرب منه يدعى أحمد الغريب ما زال مسجونا.

ويزيد من إحساس الطرابلسيين بالغضب أن غالبية المتهمين الذين تم إلقاء القبض عليهم والتحقيق معهم إلى اللحظة، هم من أبناء المدينة.