البشير يدعو إلى اعلان النفير العام لملء الفراغات الإيمانية

زعيم حزب الأمة المعارض يؤكد استعداد المعارضة للقاء الجبهة الثورية بشروط

صورة وزعتها بعثة الأمم المتحدة في دارفور أمس تظهر قوات شرطة من السنغال بعد يومين من مهاجمة بعثة الأمم المتحدة مما أدى إلى مقتل ثلاثة عناصر سنغالية وجرح آخر (أ.ف.ب)
TT

أعلن ناشطون سودانيون عن إطلاق السلطات السودانية أفرادا من المعتقلين منذ الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الأضحى، ونقلوا في مواقع التواصل الاجتماعي عن أن الحزن والغضب خيم على أوساط واسعة من السودانيين سبب مقتل أكثر من 220 مواطنا. في وقت اعتبر فيه الرئيس السوداني عمر البشير أن بعضا من أفراد شعبه فقدوا الارتباط بالهوية الإسلامية تحت حصار القيم الغربية وصاروا من أنصار الهدم والتخريب، فيما أكد رئيس حزب الأمة المعارض الصادق المهدي استعداد قوى المعارضة لعقد لقاء مع الجبهة الثورية التي تحمل السلاح في حال التزام الأخيرة بالنهج السلمي، داعيا إلى القصاص من قتلة التظاهرات الأخيرة.

وقال الناشطون على صفحات التواصل الاجتماعي، إن «السلطات السودانية أطلقت سراح عدد من المعتقلين في الساعات الأولى من صبيحة عيد الأضحى المبارك، أبرزهم رئيس حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ، والقيادي في الحزب الشيوعي صديق يوسف النور وآخرين». غير أن الناشطين اعتبروا أن هذا العيد كان كئيبا على الأسر السودانية بسبب الأعداد الكبيرة من القتلى الذين بلغ عددهم بحسب منظمة «العفو الدولية» أكثر من 200 قتيل وإصابة المئات واعتقال ما يصل نحو ألفين. وقال أحدهم إن العيد كان حزينا في الحارة التي يسكن فيها بشمال الخرطوم حيث لقي أحد أبناء الحارة مصرعه خلال تظاهرات سبتمبر (أيلول)، وأضاف أن جميع أسر الحارة جاءت بالذبائح تكريما لأسرته. وكانت هناك دعوة وجهها الناشطون قبل حلول عيد الأضحى بأن تتم زيارة لأسر القتلى والمعتقلين في الاحتجاجات الأخيرة للتضامن معهم والتأكيد على أنهم سيواصلون المسيرة التي سقطوا من أجلها أولئك الشباب أو تم اعتقالهم.

وذكر الناشطون على المواقع السودانية أن المواطنين السودانيين عازمون على مواصلة «الثورة» حتى إسقاط نظام الرئيس السوداني عمر البشير، ودعوا إلى القصاص من القتلة.

من جهته دعا الرئيس السوداني عمر البشير، في كلمة له بمناسبة عيد الأضحى بثها التلفزيون الرسمي أمس، إلى إعلان النفير العام لملء الفراغات الإيمانية على مستوى الفرد وعلى مستوى الجماعة لإصلاح العلاقة مع الله وإزالة نقاط الضعف، وتمثل طريق السلف للمحافظة على الهوية والشخصية الإسلامية. وقال: «لابد من جهود ذاتية اجتماعية في تحري سبل العودة إلى الذات»، وأضاف أن البعض فقد الارتباط بالهوية الإسلامية تحت حصار القيم الغربية وتعرضوا إلى تغيرات ثقافية واجتماعية وسياسية، وأنهم «صاروا من أنصار الهدم والتخريب، حيث صرف الناس عن طريق الهداية وتم تحريك الشباب نحو الغواية وإزكاء نار العداوة وبذر الفتن»، وأضاف أنه يبتهل إلى الله ليبطل كيد المتربصين بالسودان.

من جانبه، دعا نائب الرئيس السوداني الحاج آدم يوسف، في خطبة العيد في إحدى مساجد الخرطوم إلى وقف العداء والكف عن إراقة الدماء وتأجيج الصراعات بين كل أبناء الشعب السوداني، مؤكدا على أهمية السعي لتحقيق الأمن والاستقرار ووحدة الصف، وشدد على أن الواجب الأكبر في تحقيق ذلك يعود إلى الحكام، وقال، إن «بلاده ماضية في المحافظة على الشريعة الإسلامية وتحقيق وحدة الصف والتمسك بالسلام».

إلى ذلك، رهن رئيس حزب الأمة القومي السوداني المعارض الصادق المهدي، أمام طائفة الأمصار في خطبة عيد الأضحى في مسجده بأم درمان، لقاء قوى المعارضة مع الجبهة الثورية (تحالف الحركات المسلحة) حال التزام الأخيرة بنهج الكفاح السلمي. وقال، إن «الاحتجاجات الأخيرة على تحرير المحروقات جعلت الجبهة تتراجع بعض الشيء لإتاحة الخيار السلمي»، مؤكدا استعداد قوى المعارضة للقاء الحركات المسلحة للقوى المكونة للجبهة الثورية، بما فيها الحركة الشعبية - قطاع الشمال حال التزامهم بنهج الكفاح السلمي ضد الحكومة في أي زمان ومكان للتنسيق مع المعارضة من أجل الديمقراطية والحفاظ على وحدة السودان وإقرار السلام. داعيا القوى السياسية كافة للتوافق على نظام جديد سيخلف الحكومة القائمة بعد إسقاطها، وقال، إن «حزبه مع إسقاط النظام وفق المعارضة السلمية بلا عنف أو استنصار بالقوى الخارجية»، وأكد أن تلك الوسائل كفيلة بإسقاط الحكومة.

وطالب المهدي بالقصاص من قتلة ضحايا الاحتجاجات الأخيرة على رفع الدعم عن المحروقات، وقال: «لن يتم السكوت عن حقوق الضحايا وسيتم تصعيد الموقف إلى المنظمات الحقوقية الدولية حال الفشل في تحديد المتهمين»، داعيا إلى تشكيل لجنة مختصة لا تنتمي إلى أجهزة حزب المؤتمر الوطني الحاكم لتحقيق المساءلة والقصاص. وقال، إن «النظام الحالي في بلاده يقف أمام طريق مسدود ويفتقد الشروط اللازمة لأي نظام في عالم اليوم»، وأضاف أن «20 في المائة من سكان السودان هاجروا إلى الخارج ومثلهم يعيشون على المعونات الإنسانية الأجنبية»، محذرا من قيام القوى المتطلعة إلى نظام جديد بحزمة من الإجراءات تبلغ الإضراب العام والعصيان المدني، وأنها ستجد تجاوبا من مؤسسات الدولة.

وأكد المهدي دعمه لاستمرار المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها مطلبا للشعوب في تحقيق العدالة، وعاب على دول أفريقية محاولة الانسحاب من ميثاقها وإلغائها، داعيا إلى إصلاح المحكمة وتقويمها لعدم المساس بالحكام الأفارقة الحاكمين، مجددا دعوته إلى تشكيل محكمة هجين وإجراء إصلاحات توفق بين الاستقرار والمساءلة.

من جانبه قال رئيس تحالف قوى الإجماع الوطني فاروق أبو عيسي، إن «المعارضة بصدد التوقيع على الإعلان السياسي والمقترح الذي قدمته الجبهة الثورية السودانية بشأن المرحلة ما بعد إسقاط نظام المؤتمر الوطني»، وأضاف أن التوقيع علي هذا الإعلان سيكون في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.