أبو أنس الليبي يدفع ببراءته أمام محكمة نيويورك

مصادر: أضرب عن الطعام فنقل إلى أميركا.. وأسرته: مصاب بالتهاب الكبد الفيروسي > الجلسة المقبلة في 22 أكتوبر

عدسات المصورين الصحافيين امام محكمة مانهاتن في نيويورك في انتظار مثول قيادي القاعدة أبو أنس الليبي امس «ا. ب. ا»
TT

دفع أبو أنس الليبي المشتبه في انتمائه لتنظيم القاعدة، ببراءته أمس أمام محكمة في نيويورك من تهم تتعلق بتفجيري السفارتين الأميركيتين في شرق أفريقيا في 1998. ومثل أبو أنس الليبي، واسمه الحقيقي نزيه عبد الحميد الرقيعي، أمام المحكمة وهو يرتدي سترة سوداء وسروالا رياضيا رماديا. وكان عناصر من القوات الأميركية الخاصة اعتقلوا الليبي في 5 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي وأحضروه إلى نيويورك بعد استجوابه على متن سفينة حربية أميركية. إلى ذلك، قال مصدر مطلع على التحقيقات مع قيادي «القاعدة» لوكالة «رويترز» إن تدهور صحة الليبي كان وراء القرار الذي اتخذته السلطات الأميركية بنقله إلى نيويورك في عطلة نهاية الأسبوع، وإنه قد أدخل إلى أحد المستشفيات فور وصوله إلى الولايات المتحدة.

وقال مسؤول أميركي إن الليبي أصبح خاضعا للقوانين الأميركية حال دخوله البلاد، مما يعني أن السلطات لن تتمكن من التحقيق معه دون إخباره بحقه الدستوري في الامتناع عن ذكر أي شيء قد يؤدي إلى إدانة نفسه.

وكان مسؤولون أميركيون قد قالوا الأسبوع الماضي إن أحد الأسباب الرئيسة التي حدت بالولايات المتحدة إلى اعتقال الليبي من أمام مسكنه في طرابلس، كان الحصول على معلومات عن هيكل تنظيم القاعدة الذي أسسه أسامة بن لادن. وكانت الإدارة الأميركية قد جهزت فريقا تحقيقيا مختصا على متن المدمرة «سان أنطونيو» التي نقل إليها الليبي عقب اختطافه. ويقول مسؤولون أميركيون إن الخطة الأصلية كانت تقتضي إبقاء الليبي على متن المدمرة لعدة أسابيع ليتسنى للمحققين الحصول على المعلومات منه دون إبلاغه بحقوقه الدستورية.

ولكن الليبي، الذي تقول أسرته إنه مصاب بالتهاب الكبد الفيروسي، امتنع عن الأكل والشرب حال وصوله إلى المدمرة، مما اقتضى نقله إلى نيويورك، مبدية قلقها الشديد «على وضعه الصحي».

وتلا القاضي لويس كابلان لائحة الاتهامات ضد الليبي الذي تحدث بصوت أجش ليؤكد اسمه وعمره وأنه يفهم الإجراءات.

وقرر القاضي عقد الجلسة التالية في 22 أكتوبر الحالي. وكان الليبي، خبير الكومبيوتر، على قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) للمطلوبين، وأعلنت مكافأة بقيمة خمسة ملايين دولار لمن يساعد في إلقاء القبض عليه لدوره المفترض في التفجيرين.

ويتهم الليبي، وهو متزوج وأب لأربعة، بالتآمر لارتكاب عمليات قتل وخطف وتشويه أميركيين والتخطيط لإلحاق الأضرار بممتلكات أميركية أو تدميرها، ومهاجمة مبان دفاعية أميركية.

وكشف مسؤول أميركي أن الليبي تم استجوابه على يد فريق خاص من المحققين يعرف باسم «فريق استجواب المعتقلين المهمين»، على متن البارجة الأميركية. ومن المتوقع أن يظهر الليبي أمام موظف قضائي الثلاثاء المقبل، في الوقت الذي يواجه فيه تهما بالضلوع في أحداث تفجيري سفارتي الولايات المتحدة الأميركية في كل من تنزانيا وكينيا العام 1998.

من جهته، قال مدعي مانهاتن بريت بهارارا في بيان مقتضب إن الليبي (49 عاما) «نقل في نهاية الأسبوع مباشرة إلى نيويورك حيث اتهم منذ أكثر من 10 أعوام».

وقد وجهت التهم إلى الليبي في نيويورك عام 2000 بالاعتداءات ضد السفارتين الأميركيتين في تنزانيا وكينيا. وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي وضع مكافأة بقيمة خمسة ملايين دولار لاعتقاله. وأدى اعتداء نيروبي إلى مقتل 213 شخصا بينهم 12 أميركيا وأوقع أكثر من خمسة آلاف جريح في 7 أغسطس (آب) 1998. أما اعتداء دار السلام الذي وقع في الوقت نفسه تقريبا فأوقع 11 قتيلا و85 جريحا. واعتقل الليبي في 5 أكتوبر الحالي من أمام منزله في طرابلس على أيدي القوات الخاصة الأميركية، ونقل أولا إلى سفينة حربية أميركية في المتوسط (يو إس إس سان أنطونيو)، لكي يتم استجوابه دون وجود أي محام. ويتهمه الأميركيون خصوصا بأنه نفذ اعتبارا من عام 1993 عمليات «مراقبة نظرية وقام بتصوير» السفارة الأميركية في نيروبي. وفي السنة التالية، بحسب نص الاتهام، قام الليبي، وهو خبير معلوماتية، بدراسة عدة أهدف محتملة لاعتداءات مع أعضاء آخرين من «القاعدة»، وبينها السفارة الأميركية في نيروبي والوكالة الأميركية للتنمية الدولية في المدينة نفسها، و«أهداف بريطانية وفرنسية وإسرائيلية في نيروبي». ثم قامت مجموعته بنقل هذه المعلومات إلى أسامة بن لادن في السودان. واتهم في نيويورك في عام 2000 أمام محكمة مانهاتن الفيدرالية مع 20 عضوا مفترضا آخر من تنظيم القاعدة، بالتآمر على قتل مواطنين أميركيين والتآمر لتدمير مبان وأملاك للولايات المتحدة على علاقة باعتداءات تنزانيا وكينيا. والعديد من هؤلاء المتهمين، بينهم أسامة بن لادن، قتلوا منذ ذلك الحين.

وكان أبو أنس الليبي عضوا في «الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا» قبل أن ينضم إلى تنظيم القاعدة. ويأمل الأميركيون في أن يتمكنوا من الحصول على معلومات ثمينة منه حول السنوات الأولى لنشاط هذه المجموعة. وفي التسعينات أقام في بريطانيا حيث نال اللجوء السياسي بحسب مكتب التحقيقات الفيدرالي. ونددت طرابلس باعتقاله، معتبرة العملية «اختطافا»، وأكدت أنها لم تبلغ بالأمر قبل حصوله.

وأعلنت طرابلس الثلاثاء قبل الماضي أنها استدعت السفيرة الأميركية، فيما طالب المؤتمر الوطني الليبي العام واشنطن بأن تسلمه «فورا» أبو أنس الليبي، واصفا العملية الأميركية بأنها «انتهاك صارخ للسيادة الوطنية». لكن الرئيس الأميركي باراك أوباما أكد أنه سيحاكم أمام القضاء الأميركي. وقال: «نعلم أن الليبي ساهم في التخطيط وتنفيذ مؤامرات أدت إلى مقتل مئات الأشخاص بينهم العديد من الأميركيين. لدينا أدلة قوية على ذلك، وسيحال إلى القضاء». والأسبوع الماضي قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هارف إن الولايات المتحدة تصرفت وفقا «للقوانين الدولية حول الحرب، وواقع أننا مخولون بحسب القانون الدولي الدفاع عن أنفسنا». ورفضت الولايات المتحدة قول ما إذا كانت طلبت إذنا من الحكومة الليبية لتنفيذ العملية.