أحزاب المعارضة المغربية تستقبل الحكومة الجديدة بحملة واسعة للتشكيك في شرعيتها الدستورية

توقيف جلسة برلمانية بعد احتدام الجدل بين الأغلبية والمعارضة

TT

استقبلت أحزاب المعارضة المغربية في أولى جلسات مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) حكومة عبد الإله ابن كيران الثانية بحملة واسعة للتشكيك في شرعيتها الدستورية، بعدما رفضت تدشين عملها بحيازة الثقة البرلمانية كما ينص على ذلك الفصل 88 من الدستور.

وشنت المعارضة البرلمانية صباح أمس (الثلاثاء) خلال الجلسة العامة لمجلس النواب حملة انتقادات حادة تجاه ما وصفته استخفاف السلطة التنفيذية بالمؤسسة التشريعية، مهددة بمقاطعة الجلسات البرلمانية الأسبوعية في حالة رفض الحكومة تقديم تصريح لنيل ثقة البرلمان قبل استكمال ولايتها، خصوصا وأن رئيس الحكومة سبق أن أعلن خلال مقابلة تلفزيونية بثت ليلة الأحد الماضي عن استحداث لجنة داخل التحالف الحكومي يعهد إليها مهمة إدخال تعديلات على البرنامج الحكومي، وهو ما يعني نسخ الخطوط العريضة للبرنامج الحكومي في صيغته الأولى.

وأدى احتدام الجدل بين كبار مسؤولي الكتل النيابية حول دستورية الحكومة إلى توقيف الجلسة البرلمانية من طرف رئيس مجلس النواب كريم غلاب، ورفعها من أجل التشاور بين رؤساء الأغلبية والمعارضة، قبل أن يقرر استكمال الجلسة مع تعليق الحسم في مسألة حصول الحكومة على الثقة البرلمانية إلى أجل غير مسمى.

وانتفض عبد اللطيف وهبي، رئيس الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض في وجه حكومة ابن كيران متهما إياها بعدم احترام الدستور، موضحا أنه لا يمكن لحزب الاستقلال (صوت لصالح البرنامج في صيغته الأولى) أن يتحول إلى معارض له اليوم، وفي المقابل لا يمكن لفريق نيابي عارض برنامج الحكومة أمس (التجمع الوطني الأحرار) أن يؤيده اليوم.

وشدد وهبي على أن المخرج الوحيد من هذه الوضعية اللادستورية ورفع الحرج عن القوى السياسية المعنية بهذا التعديل هو تقديم الحكومة لتصريح جديد للحصول على ثقة البرلمان.

من جهته، انتقد أحمد الزايدي رئيس الفريق النيابي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الخروج الإعلامي لرئيس الحكومة على قنوات التلفزيون العمومي. وقال: «كنا من باب الأخلاق السياسية وبعد ثلاثة أشهر من المفاوضات ننتظر أن يحل ابن كيران بالبرلمان لتقديم رؤيته الجديدة للعمل بدل تسويق الصورة الإعلامية للحكومة».

نفس المنحى عبر عنه النائب عبد القادر كيحل، الذي تحدث باسم فريق حزب الاستقلال المعارض، حيث شكك في دستورية الجلسة البرلمانية المخصصة للرقابة قبل أن تحصل السلطة التنفيذية على ثقة المؤسسة التشريعية.

واتهم الكيحل الحكومة بـ«التخلف عن موعدها مع الدستور كما أخلفته في محطات متعددة»، مضيفا أن الحكومة «جاءت إلى البرلمان ليسائلها دون أن تحظى بتنصيبه».

وأوضح الكيحل أن «بيان الديوان الملكي تحدث عن تعيين حكومة جديدة»، مضيفا أن «الملك مارس سلطة التعيين، ورئيس الحكومة مارس سلطة الاقتراح، وعلى البرلمان أن يمارس سلطة منح الثقة».

ودافع عبد الله بوانو، رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، ومتزعم الائتلاف الحكومي، عن تأويل الحكومة. وعد دفع المعارضة بضرورة قيام مجلس النواب بتنصيب الحكومة لا يقوم على أي أساس دستوري، ذلك أن الدستور تحدث في الفصل 88 عن تنصيب الحكومة والمصادقة على البرنامج الحكومي من طرف المجلس بعد إجراء انتخابات تشريعية وليس بعد إجراء تعديل على الحكومة.

وقال بوانو إن الوضعية الدستورية لحكومة ابن كيران الثانية لا تختلف عن تجارب سابقة عرفتها حكومة عبد الرحمن اليوسفي، وحكومة إدريس جطو، وحكومة عباس الفاسي، التي شهدت تعديلا حكوميا، دون أن تقدم أي تصريح حكومي جديد.

وحمل بوانو بشكل ضمني حزب الاستقلال الذي انسحب من الحكومة مسؤولية الوضع الدستوري الذي تعيشه الحكومة، وقال: «إننا نفهم الإحراج الذي يقع فيه فريق برلماني معين، وإذا كان هذا الفريق محرجا من موقعه الجديد فإنه هو المسؤول عن هذا الإشكال وليس نحن».

وحذر بوانو أحزاب المعارضة من إطلاق تهديدات بتوقيف الجلسة، مؤكدا أن هذا المنحى «مرفوض مهما كانت الجهة التي يصدر عنها، وأن الجلسة العمومية للمجلس ستستمر في الانعقاد».