ممثل كنسي في لجنة الدستور المصرية: حذرنا من المادة 219.. وأبقينا على الثانية لتوافقها مع مبادئنا

الأنبا أنطونيوس عزيز يؤكد ضرورة حظر إقامة الأحزاب على أساس ديني

الأنبا أنطونيوس عزيز ممثل الكنيسة الكاثوليكية في لجنة الخمسين («الشرق الأوسط»)
TT

نفى الأنبا أنطونيوس عزيز ممثل الكنيسة الكاثوليكية في لجنة الخمسين المنوط بها صياغة الدستور الجديد للبلاد، وجود أي خلاف مع ممثلي الأزهر الشريف حول مواد الهوية أو المواد المتعلقة بشؤون الأزهر، وقال إن «الكنائس الثلاث توافقت مع الأزهر على المواد المتعلقة بشؤونه»، مؤكدا «نحن متفقون مع الأزهر منذ الدستور السابق ولا يوجد خلاف يتعلق برؤية الأزهر الشريف في المواد المتعلقة به.. وليس لدينا أي خلاف ضمني في تعديل المادة المتعلقة بالأزهر وهي المادة الرابعة من الدستور.. فالأزهر أدرى بشؤونه».

وطالب الأنبا أنطونيوس عزيز بتضمين الدستور مادة حقيقية تلغي فعليا تأسيس الأحزاب على أساس ديني، وقال إنها «تستخدم الدين ذريعة لأمور سياسية ولتحقيق أغراض أخرى.. فالكل عرف وأدرك تماما ما حدث بسبب إنشاء أحزاب على أساس ديني». وأضاف: «لا بد أن يتضمن الحظر بجانب تأسيس الأحزاب كلا من الجمعيات والمؤسسات الأهلية التي يتم إنشاؤها على أساس ديني».

وتنص المادة السادسة في الدستور المعطل الصادر عام 2012 على «تجنب قيام حزب سياسي على أساس التفرقة بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو الدين»، لكن بعض الأحزاب الإسلامية تجهر بممارساتها السياسية على أساس ديني وتحتمي بالدين.

وأوضح الأنبا عزيز أن الفارق شاسع بين اللجنة التأسيسية لدستور عام 2012 ولجنة الخمسين، وذلك بتمثيل لجنة الخمسين لمختلف أطياف المجتمع في مقابل غلبة التيار الإسلامي في اللجنة التأسيسية - على حد قوله - مضيفا أن «القيادة في الجمعية التأسيسية كانت مفروضة على أعضاء اللجنة وكانت هناك توجهات من الخارج، أما القيادة في لجنة الخمسين فتعمل بفكرها وتملك قرارها».

وعطل دستور 2012 الذي هيمنت جماعة الإخوان المسلمين على الجمعية التأسيسية التي قامت بوضعه، عقب الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي في 3 يوليو (تموز) الماضي، وإعلان خارطة المستقبل في اجتماع لقادة الجيش بقوى إسلامية ورموز دينية على رأسها شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية.

وعن رأيه في المادة 219 الخاصة بتفسير الشريعة الإسلامية في الدستور المعطل، حذر الأنبا عزيز من المادة 219 في دستور 2012 قائلا انها «لا تعبر عن الدين الإسلامي.. ووضعت في الأساس بطريقة مشكوك فيها.. وهذه المادة ضررها أكثر من نفعها، وتنتقص من حقوق المسلمين أكثر من المسيحيين.. وهي مادة اتفقنا مع الأزهر بشأنها مسبقا بضرورة حذفها»، مؤكدا وجود العديد من النصوص في بعض الكتب الدينية التي تفسر الشريعة الإسلامية والتي تضر بحقوق المسيحيين وتخل بمبدأ المساواة مع المسلمين داخل المجتمع.

ونصت المادة 219 في دستور عام 2012 على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة».

وعن أوجه الخلاف من وجهة نظر ممثل الكنيسة الكاثوليكية في مادة الشريعة الإسلامية، قال لـ«الشرق الأوسط»: «من حق المسلم المطالبة بتطبيق شريعته ولكن لا يجب أن ينسى أخاه المسيحي في الوطن، وأن يعامل المسيحي دون مساواة».

وحذفت لجنة الـ10 التي شكلها الرئيس المؤقت عدلي منصور من خبراء قانونيين وفق إعلان دستوري صدر في 8 يوليو (تموز) الماضي، المادة 219، لكن حزب النور السلفي الذي شارك بقوة في كتابة الدستور المعطل يعترض بشدة على حذفها، وطلب بشكل واضح بالتمسك بعدم حذف المادة بنصها السابق في الدستور الجديد.

وعن مطالب البعض بإلغاء المادة الثالثة من الدستور المتعلقة بأهل الكتاب، والتي أثير الجدل حولها مع الأزهر والسلفيين من قبل، قال ممثل الكنيسة الكاثوليكية: «لا يوجد خلاف من الأصل.. وجرى التوافق على النص السابق (المسيحيين واليهود) بدلا من استبدالها بعبارة (غير المسلمين).

وتنص المادة الثالثة من الدستور المعطل على أن «مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيس للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشؤونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية»، لافتا إلى أن لجنة الدولة والمقومات الأساسية التي تختص بالمواد المتعلقة بالهوية في الدستور، أقرت نص المادة.. والمسيحيون يرون النص مقبولا جدا وسيبذلون جهدهم للإبقاء عليه لما فيه من إقرار حقوق المصريين أصحاب الديانات المخالفة للإسلام وهما المسيحية واليهودية.

ويمثل الكنائس المصرية الثلاث «الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية» في لجنة الخمسين أربعة أعضاء، بالإضافة إلى ستة أعضاء في قائمة الاحتياط، وانسحبت الكنيسة المصرية من دستور 2012 الذي هيمن عليه الإسلاميون وأقر في استفتاء شعبي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وعن رأيه فيما أجمع عليه فقهاء القانون من ضرورة إلغاء مرجعية «هيئة كبار العلماء في مسائل الشريعة الإسلامية في المادة الخاصة بالأزهر لما لها من مساوئ تهدد المجتمع المصري وتمنح (كبار العلماء بالأزهر) سلطة التحكم في إصدار القوانين، الأمر الذي يتناقض مع مبادئ الدولة المدنية», قال «هذه مادة تخص الأزهر»، لكنه استطرد قائلا: «لا نمانع من وجودها».

وعن المادة العاشرة في الدستور المعدل الخاصة بـ«مساواة المرأة بالرجل في ميادين الحياة دون إخلال بمبادئ الشريعة الإسلامية»، أوضح ممثل الكنيسة الكاثوليكية في الدستور قائلا «كانت لنا ملاحظة على تعديل هذه المادة خاصة هذه الجملة التي تقول «دون إخلال بمبادئ الشريعة الإسلامية»، لأن تلك الجملة تحصيل حاصل لأنها موجودة بالمادة الثانية بالفعل، إضافة إلى وجود ديانات أخرى غير الاسلام في مصر. وتابع: «اقترحنا أن (تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة ورعايتها والتوفيق بين واجبات المرأة نحو أسرتها وعملها في المجتمع ومساواتها بالرجال في ميادين الحياة السياسية)».

واشتكى المسيحيون المصريون من إجراءات تمييزية بحقهم خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك وفي عهد جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها الرئيس المعزول محمد مرسي، رغم أن الدستور والقانون في البلاد يتيحان حرية الاعتقاد ويجرمان التمييز على أساس الدين. وحول رؤية الأقباط لنص المادة الثانية من الدستور، قال الأنبا عزيز «جرى الإصرار على الإبقاء على نص المادة الثانية كما هي دون تعديل أو تغيير، لأنها لم تغير شيئا من مبادئ الشعب المصري وتتوافق مع مبادئ الكنيسة، فالأديان تدعو للمعروف وترفض المكروه والخطيئة والمعصية، ولكن بالتوافق مع القانون بما لا يفرق بين المواطنين فالقانون هو سيد الموقف.

وتنص المادة الثانية في دستوري 1971و2012، على أن «الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع»، وطالب التيار السلفي داخل لجنة الدستور الجديدة بحذف كلمة مبادئ ووضع كلمة أحكام، لكن الأزهر والكنيسة رفضا هذا المقترح، وقال الأنبا عزيز «حذف كلمة مبادئ سينذر بخطر على الدستور الجديد وعلى المجتمع ككل، والمبادئ يمكن تطبيقها ولا خلاف عليها». وعن المادة 60 التي حظرت عمل الأطفال قبل تجاوز سن الإلزام التعليمي، أوضح الأنبا أنطونيوس عزيز: « أود أن تتناسب المادة الخاصة بالأطفال مع المواثيق الدولية للأمم المتحدة في وثيقة الطفل، وأن يضاف إليها نص لتجريم العنف ضد الطفل في ذات المادة، ونص آخر يلزم الدولة بالمواثيق الدولية الموقعة عليها كوثيقة الأمم المتحدة الخاصة بحماية الأطفال». وكشف الأنبا الكاثوليكي عن أن الكنيسة تفضل العمل بالنظام المختلط (الجمع بين الفردي والقائمة) في الانتخابات البرلمانية وقال « هذا هو النظام الأكثر مواءمة الآن ويسمح بالتمثيل المناسب للمسيحيين والمرأة في الانتخابات», لافتا إلى أن الكنيسة لا تفضل وجود مادة تتعلق بالعزل السياسي لرموز نظامي مبارك ومرسي، لكنها تؤيدها على من صدرت ضدهم أحكام قضائية، موضحا: «إننا طالبنا بإلغاء مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) في الدستور الجديد، لأن مجلس النواب (الغرفة الأولي) يقوم بمهامه.. ولا نرى أي أهمية له في الحياة السياسية سوى الدور التكميلي لمجلس النواب».