الحكومة المصرية تواجه انتقادات حادة بعد إقرارها مشروع قانون ينظم حق التظاهر

نشطاء وحقوقيون عدوه ردة ونقطة تحول في مسار المرحلة الانتقالية

TT

أقرت الحكومة المصرية الجديدة، المدعومة من الجيش، مشروع قانون جديدا للتظاهر مثيرا للجدل. وينتظر مشروع القانون موافقة الرئيس المؤقت عدلي منصور ليدخل حيز التطبيق، وسط انتقادات من نشطاء وحقوقيين عدوه ردة عن قانون سيئ الصيت وضعه برلمان هيمن عليه إسلاميون، قبيل عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن اجتماع مجلس الوزراء الذي أقر مشروع القانون قبل أيام شهد مناقشات حادة، بسبب اعتراضات عدد من الوزراء بينهم نائب رئيس الوزراء الدكتور زياد بهاء الدين، لكنه مرر بفارق كبير في الأصوات.

وتقول الحكومة التي يرأسها الدكتور حازم الببلاوي، إن بلاده تخوض حربا ضد الإرهاب، في أعقاب مظاهرات دامية بين أنصار الرئيس المعزول وقوات الأمن على امتداد البلاد، سقط خلالها مئات القتلى.

وقال حقوقيون إن القانون الجديد الذي جاء في أعقاب ثورتي 25 يناير (كانون الثاني) و30 يونيو (حزيران)، يصادر حق الاعتصام، وهو حق انتزعه المصريون خلال العامين ونصف العام الماضيين، وبذلت فيه تضحيات كبيرة، معتبرين القانون نقطة تحول في مسار العملية الانتقالية التي شهدتها البلاد بعد عزل مرسي. وحظر القانون الذي جاء في 21 مادة على المتظاهرين «أن يعتصموا أو يبيتوا في أماكن المظاهرة، أو تجاوز المواعيد المقررة للتظاهر أو الإخلال بالأمن أو النظام العام، أو تعطيل مصالح المواطنين، أو إيذاءهم أو تعريضهم للخطر، أو قطع الطرق والمواصلات أو تعطيل حركة المرور».

وتجيز المادة العاشرة التي تركزت عليها الانتقادات، «لوزير الداخلية أو مدير الأمن المختص اتخاذ قرار بإلغاء الاجتماع العام أو المظاهرة أو إرجائها أو نقلها لمكان أو خط سير آخر، مع منح المنظمين حق التقدم بطلب إلى قاضي الأمور الوقتية لإلغاء قرار الداخلية، على أن يصدر القاضي قراره مسببا على وجه السرعة».

وقال نشطاء سياسيون إن القانون الذي وضعه مجلس الشورى المنحل (الغرفة الثانية في البرلمان)، والذي هيمن عليه إسلاميون، لم يمنح الشرطة الحق في إلغاء المظاهرة، وأجبر وزير الداخلية على اللجوء للقضاء لمنع المظاهرة.

وانتقد تقرير لـ«الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» قانون التظاهر الجديد، قائلا إنه جاء وبعد تعديلات شكلية على المضمون، ليخل بحق أصيل استعاده المصريون عبر الجهد والدم الذي سال في الشوارع.

ووصف التقرير وزير العدل بأنه «معاد للديمقراطية كعادته»، وقال إنه يسعى لتمرير تشريعات سيئة السمعة مثل قانون تمديد الحبس الاحتياطي، وقانون توسيع مفهوم الإرهاب وقانون الضبطية القضائية وغيرها.

وتنظم جماعة الإخوان المسلمين منذ عزل مرسي في 3 يوليو (تموز) الماضي، مظاهرات في عدة مدن مصرية، تحولت بعضها لمواجهات عنيفة مع قوات الأمن، كان آخرها في احتفالات المصريين بالذكرى الـ40 للحرب المصرية - الإسرائيلية يوم 6 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التي سقط خلالها نحو 60 قتيلا.

ويقول المؤيدون للقانون إن الظروف الأمنية التي تشهدها البلاد، من مظاهرات تخرج عن إطار السلمية ومواجهة عمليات إرهابية تعطي للدولة الحق في تقييد بعض الحقوق.

وشهدت مصر أخيرا امتدادا للعمليات الإرهابية إلى العاصمة، حيث استهدف مسلحون محطة للأقمار الصناعية جنوب القاهرة بقذائف آر بي جي، بعد أن تركزت العمليات الإرهابية خلال الشهور الماضية في سيناء ومدن قناة السويس (بورسعيد والإسماعيلية والسويس شرق القاهرة).

وفرضت السلطات المصرية منذ فض اعتصامين لمؤيدي مرسي في أغسطس (آب) الماضي حالة الطوارئ لشهر ومدتها لشهرين آخرين، كما حظرت التجوال في 14 محافظة لمدة 11 ساعة وخففتها عدة مرات باستثناء أيام الجمعة الذي يشهد في العادة مظاهرات لأنصار مرسي.

ويعتقد مراقبون أن القانون الذي أصدره مرسي قبيل مظاهرات حاشدة ضده لم يمنع ملايين المصريين من المطالبة برحيله، مشيرين إلى أن الحكومة الحالية لا تزال تتصدى للأزمات التي تواجهها أمنيا، دون النظر إلى المعالجات السياسية والاجتماعية الممكنة، مما قد يعجل من ظهور تحالف جديد مناوئ لها.