المعارضة السورية مستاءة من تقلبات «حماس».. ومراقبون يربطونها بمتطلبات علاقتها مع إيران

قيادي في الحركة: لا علاقة لحلفنا الاستراتيجي مع طهران بموقفنا من أزمة سوريا

مقاتل من الجيش الحر يؤدي الصلاة في احدى المناطق التي يسيطر عليها في حلب (رويترز)
TT

طالبت المعارضة السورية حركة حماس الفلسطينية بعدم «التدخل في الشأن الداخلي السوري والاهتمام بالقضية التي تناضل من أجلها»، على خلفية تصريحات أطلقها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل أخيرا ودعا فيها «الجماعات التي تقاتل في سوريا إلى أن توجه البندقية إلى فلسطين». وفي حين وضعت أوساط مراقبة مواقف «حماس» في إطار «إعادة تمتين علاقتها مع إيران»، أكد قياديون في الحركة استمرار دعمها «للحل السلمي في سوريا بما يضمن حرية الشعب وكرامته».

وعلى الرغم من أن حركة حماس تتبع سياسيا لتنظيم «الإخوان المسلمين» العالمي، لكن ذلك لا يمنع قياديين إخوانيين في سوريا من انتقاد مشعل على مواقفه. وقال القيادي السوري في تنظيم «الإخوان المسلمين»، ملهم الدروبي، وهو عضو المجلس الوطني السوري، إن «تقلبات الحركة حيال الموضوع السوري هو بمثابة نتيجة طبيعية للظروف الدولية والإقليمية والعربية التي يمر بها الفلسطينيون عادة التي تدفعهم إلى الانتقال من مركب إلى آخر وفق المستجدات التي تطرأ».

ونصح الدروبي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قياديي «حماس» بالابتعاد عن «التدخل في الشأن السوري وإعطاء التعليمات للمقاتلين على الأرض»، منتقدا بشدة تصريحات مشعل الأخيرة. وذكر بأن «الثورة السورية بدأت سلمية، لكن عنف النظام ووحشيته دفعاها للتسليح، في حين أن الطائفية التي طالبنا مشعل بالابتعاد عنها ناتجة بدورها عن النظام وسلوكه». وكان مشعل قد أشار في تصريحات له قبل أكثر من أسبوع إلى أنه «من حق الشعوب الانتفاض من أجل حقوقها، ولكن يجب أن يتم ذلك بوسائل سلمية»، في إشارة إلى مقاتلي المعارضة في سوريا، مؤكدا أنه «ضد العنف الطائفي أيا كان مصدره».

ودفعت هذه التصريحات «جيش الإسلام» أحد أبرز الفصائل التي تقاتل النظام السوري في ريف دمشق، إلى توجيه انتقادات لاذعة لمشعل واتهامه بـ«الارتباط بإيران». وقالت الهيئة السياسية للقيادة العامة لـ«جيش الإسلام» الأسبوع الماضي، إنها «أحرص على الأقصى من خالد مشعل وأمثاله الذين امتهنوا المتاجرة بقضيتهم». واعتبرت أن «من يمارس جهاد المكاتب لا ينبغي أن يوجه النصائح لمن يتقلب في الخنادق»، مشيرة إلى أن «جيش الإسلام أقدر على تحديد أولوياته وخياراته، ويعلم بالضبط لمن يوجه البنادق ومتى».

وجاءت تصريحات مشعل بعد فترة على إعلان انحيازه إلى حراك الشعب السوري ووقوفه الكامل مع مطالبه العادلة، متمايزا بذلك عن بعض قادة «حماس» الآخرين، على غرار موسى أبو مرزوق ومحمود الزهار، اللذين حافظا على موقفهما الداعي إلى حل سياسي «وسطي» للأزمة بما يجنب الشعب والدولة في سوريا ويلات الصراع الدامي.

وفي هذا الإطار، يتوقع الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، المواكب للشأن الفلسطيني، علي الأمين أن «تتبلور مواقف جناح مرزوق والزهار أكثر في المرحلة المقبلة». ويرى في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحركة ستكون أكثر حيادية بشأن الملف السوري بهدف تسهيل عودتها إلى إيران»، معربا عن اعتقاده بأن الأخيرة «ستشكل الحامي الأساسي للحركة بعد هزيمة المشروع الإخواني في مصر، خصوصا أن ذلك سيصب في مصلحة إيران التي ستجد فصيلا فلسطينيا مهما يؤمن غطاء لنفوذها العربي».

في المقابل، يؤكد ممثل حركة «حماس» في لبنان علي بركة لـ«الشرق الأوسط» أن «العلاقة مع إيران لم تنقطع وهي مرتبطة بالصراع العربي الإسرائيلي ومشروع المقاومة»، نافيا «وجود أي علاقة بين هذا التحالف الاستراتيجي وموقف الحركة مما يجري في سوريا».

وفي موازاة إشارته إلى «تأييد حماس لمطالب الشعوب العربية في الحرية والكرامة، ومنها الشعب السوري، لكن بطريقة سلمية ومن دون أي تدخل أجنبي»، يوضح بركة أن «تحوّل الصراع في سوريا إلى صراع عسكري مسلح لم يغير من قناعات الحركة، بل دفعها أكثر لتأييد التوصل إلى حل سياسي لا سيما أن المسألة باتت أزمة إقليمية ودولية».

وكانت العلاقات بين النظام السوري وحركة حماس قد ساءت تدريجيا على وقع تطور الأزمة السورية، وخروج أعضاء من مكتبها السياسي من العاصمة السورية. كما وجهت الكثير من الاتهامات للحركة على أنها ساعدت المعارضة السورية في التدريب وخصوصا على أسلوب الأنفاق والعبوات الناسفة الأمر الذي نفته مرارا.