موسوي وكروبي يتنفسان قدرا من الحرية مع تخفيف قيود احتجازهما

السماح بزيارات دورية لعائلتيهما وتحسين الرعاية الصحية

مير حسين موسوي و مهدي كروبي
TT

بعد أربعة أشهر من انتخاب حسن روحاني رئيسا لإيران تعيد البلاد النظر في الإقامة الجبرية المفروضة على اثنين من قيادات المعارضة وإن كان المحافظون يخشون عواقب رفعها عن شخصيتين ما زالتا في منزلة الأبطال في عيون كثير من الإيرانيين وفقا لتقرير بثته رويترز أمس.

لم يوجه أي اتهام إلى الزعيمين المعارضين مير حسين موسوي ومهدي كروبي المسؤولين البارزين السابقين اللذين تخطى عمر كل منهما السبعين. لكن الاثنين تحت رقابة مشددة منذ أوائل 2011 رغم أنهما يعانيان مشاكل صحية.

موسوي وكروبي كانا ممن رشحوا أنفسهم للرئاسة وقادا الحركة الخضراء التي شككت في صحة نتائج الانتخابات التي أعادت محمود أحمدي نجاد للرئاسة في 2009.

والآن حيث يبدو أن إيران تسعى لعلاج مشاكل قديمة سواء في الداخل أو الخارج جرى تخفيف قدر من القيود المفروضة على الزعيمين المعارضين وأحيل ملفهما إلى مجلس قوي تابع لجهاز أمن الدولة.

ويرى البعض أن هذا في حد ذاته علامة على أن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي يريد حل المسألة رغم أن المجلس لم يجر إلى الآن أي اتصال بالزعيمين المعارضين أو أسرتيهما.

وخلال عهد أحمدي نجاد كان يوصف الاثنان بأنهما من المحرضين واتهما بمساعدة أعداء البلاد على تقويض حكم رجال الدين. كانت أبواب ونوافذ المنزل الذي يحتجز به موسوي مغلقة باللحام ولم يكن يسمح له أو لكروبي إلا باتصالات محدودة مع أسرتيهما. لكن منذ انتخاب روحاني بات بإمكانهما الآن أن يستقبلا زيارات أسرية أسبوعية جرى تخفيف وجود حراس الأمن خلالها كما بات بالإمكان تلقي علاج طبي متخصص.

وقال محمد تقي ابن كروبي الذي يقيم في بريطانيا: «إن الوضع السياسي تغير تماما منذ تولى السيد روحاني السلطة والحبس المفروض على والدي أحسن بلا شك في بعض الأوجه مما كان عليه من قبل، لكن هذا الحبس غير قانوني على الإطلاق وفقا للقانون الإيراني. ما من شك في هذا».

ومنذ تولى روحاني السلطة اختلفت الأجواء بقوة فيما يتصل بعلاقات إيران المضطربة سواء مع العالم الخارجي أو في الداخل.

فقد لمحت إيران إلى استعداد للحد من الأنشطة النووية مقابل تخفيف العقوبات التجارية والمالية التي تعرقل اقتصادها.

وبينما تقرر العفو عن عشرات المعتقلين السياسيين في إيران كما يبدي روحاني عزما على رفع القيود الاجتماعية والسياسية التي فرضت خلال فترتي أحمدي نجاد في الرئاسة إلا أن الأمر معقد بالنسبة لحالة موسوي الذي كان رئيسا للوزراء خلال معظم سنوات الثمانينات وكروبي الذي كان رئيسا للبرلمان. فمنذ أربع سنوات خرجت حشود ضخمة للشوارع احتجاجا على فوز أحمدي نجاد في انتخابات عدُّوا نتائجها مزورة.

وأخمدت قوات الأمن الاحتجاجات وفي عام 2011 فقد الزعيمان المعارضان حريتهما بعد أن وجها نداء بالاحتشاد تأييدا للاحتجاجات التي كانت تجتاح العالم العربي. وهذا الشهر أعلن وزير العدل مصطفى بور محمدي أن المجلس الأعلى للأمن القومي يعيد النظر في ملفيهما.

وشهد هذا المجلس الذي يشرف على السياسة الدفاعية والأمنية للبلاد تعديلات تعكس تغير العهد في إيران.

وتثير المشاكل الصحية التي يعانيها موسوي وكروبي قلق الزعامة الدينية إذ إن أي تدهور كبير في حالتهما الصحية أثناء احتجازهما سيثير غضب مؤيديهما. لكن هذا لا يعني الإفراج عنهما.

وقال سياوش راندجبار دايمي خبير الشؤون الإيرانية بجامعة مانشستر في بريطانيا إن السلطات لا تعرف ماذا سيكون رد الفعل. موسوي وكروبي شخصيتان بارزتان وستطغى صورتهما كبطلين. المعسكر اليميني لا تزال تساوره شكوك عميقة.

أما الأجهزة الأمنية فمن المرجح أن تخشى أن يحرك إطلاق سراحهما الجموع وتخرج حشود ضخمة تأييدا لهما وتشوه الصفحة السياسية الجديدة في عهد روحاني. وعلاوة على هذا كله فإن خامنئي صاحب الكلمة العليا في شؤون البلاد عازم على عدم تكرار الاضطرابات التي شهدها عام 2009 وقوضت سلطته وهددت وجود الجمهورية الإسلامية نفسه.

ومهدي كروبي (76 سنة) محتجز في منزل بشمال طهران، لكن بات الآن بمقدور زوجته فاطمة واثنين من أبنائه وأحفاده زيارته كل أربعاء ويمكن أن تمتد الزيارة لساعات. ويكون أحد حراس الأمن موجودا في الغرفة ويمكن للأسرة الحديث في مناخ من الخصوصية النسبية.

أما قبل انتخاب روحاني فكانت أسرته وأسرة موسوي تنتظر بالشهور للاتصال بهما. وقال محمد تقي كروبي: «كنا قلقين جدا. ما من أحد كان يعرف ما يجري. وفي بعض الزيارات كان يوجد ما يصل إلى ثمانية حراس ولم يكن يسمح للأسرة بالتحدث حديثا خاصا. وأي مخالفة كانت عقوبتها تأجيل الزيارات التالية».

ويشغل كروبي نفسه بقراءة الكتب التي تسمح السلطات لزوجته بإحضارها وبقراءة صحيفتين تقدمان له. كما يمضي بعض الوقت في كتابة يومياته.

وهو يعاني آلاما مبرحة في الظهر منذ شهرين وصعوبة في المشي. وبعد التقدم بطلب سمحت السلطات لطبيب اختارته الأسرة بمعالجته في المنزل. وقال محمد تقي: «هذا تطور. استغرق الأمر ما بين أربعة أسابيع وخمسة لكن سمح للطبيب بالمجيء في النهاية».

وفي أواخر يوليو (تموز) نقل كروبي إلى مركز القلب في طهران حيث عولج من انسداد في الشريان التاجي.

وهذا الشهر نقل موسوي (71 سنة) إلى نفس المركز مرتين خلال 24 ساعة لعلاج عدم انتظام سريع في ضغط الدم.

ورافق حراس أمنيون موسوي الذي عانى مشاكل في القلب في منتصف 2012 إلى المستشفى مع زوجته زهرة رهنورد لكنهم رفضوا السماح له بالبقاء هناك.

ويعاني موسوي من مشاكل في المعدة والقلب والساقين. وقال أردشير أمير أرجمند مستشار موسوي في اتصال من فرنسا: «إن حالة موسوي الصحية تحت رحمة قوات الأمن». وأضاف: «هناك رعاية طبية بقدر معين لكن الأسرة ما زالت في غاية القلق لأن الوضع يتطلب علاجا منتظما في مناخ هادئ دون توتر ومن خلال طبيب تثق فيه. ويستقبل الآن موسوي وزوجته بناتهما في زيارات أسبوعية أيضا».

وقال أرجمند: «هذه علامات إيجابية. يراودنا أمل جديد في المستقبل»، مشيرا إلى إحالة الملف إلى المجلس الأعلى للأمن القومي.