سويسرا تقدم على خطوة عملاقة نحو الشفافية المصرفية

في وقت تعاني فيه أوروبا من التهرب الضريبي

TT

أبرمت سويسرا وهي أكبر مركز مالي خارجي في العالم، اتفاقية لتبادل المعلومات المالية مع ما يقرب من ستين دولة في العالم مما قد يغير وجه البلاد المالي. وتحقق برن بذلك قفزة عملاقة نحو الشفافية المصرفية بعد أن وافق المجلس الاتحادي السويسري على اتفاقية متعددة الأطراف مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بشأن المساعدة الإدارية المتبادلة في المسائل الضريبية. وحسب ما ذكرت تقارير إعلامية في بروكسل فإن التشريع، الذي سيدخل حيز التنفيذ في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) بعد موافقة البرلمان الاتحادي، سيمكن السلطات السويسرية من الكشف عن أرقام الحسابات المصرفية المفتوحة في البلاد لمحققين أجانب.

وبموجب الاتفاقية، يمكن الحكومة السويسرية من دعوة المصارف الخاصة الكبيرة مثل يوليوس باير، ومجموعة كريدي سويس لتسليم معلومات سرية إلى الرقيب الضريبي الدولي ويعتبر هذا الملف من الملفات التي تحظى بأهمية خاصة لدى الأوروبيين وخاصة في الفترة الأخيرة، وناقش وزراء المال والاقتصاد في الشهر الماضي، مكافحة الاحتيال الضريبي والتهرب وجرى بحث المبادرات الأخيرة سواء على الصعيد الأوروبي أو العالمي المتصلة بالتبادل التلقائي للمعلومات.

وقد بحث الوزراء في الإجراءات التي يمكن أن تحقق تنسيقا أفضل ومعيارا عالميا فعالا في هذا الخصوص وقد شارك أنغيل غوريا الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في النقاش وجرى تبادل وجهات النظر حول تطوير نموذج عالمي للتبادل التلقائي للمعلومات ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من إعداده في العام المقبل وقال ريمنتاس سادزيوس وزير المالية في ليتوانيا التي تتولى بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبي، إن العالم يعطي أهمية عالية لموضوع التهرب الضريبي ومكافحته وهو أيضا ضمن أولويات رئاسة الاتحاد الأوروبي وتعتبره تحديا رئيسا وسنواصل التقدم في تطوير نظام أوتوماتيكي لتبادل المعلومات في الاتحاد الأوروبي وبالتنسيق مع منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي.

وقال بيان صدر في ختام قمة أوروبية في مايو (أيار) الماضي ببروكسل إن التهرب من دفع الضرائب يتسبب في الحد من قدرة البلدان على زيادة الإيرادات، وعدم القدرة على تنفيذ السياسات الاقتصادية في وقت توجد فيه قيود وصعوبات في الموازنة.

وأشار البيان إلى أن مكافحة التهرب الضريبي تضمن بشكل أكبر العدالة الضريبية، وفي هذا الصدد وافق المجلس الأوروبي، على تسريع العمل في مجال مكافحة التحايل والغش الضريبي، على أن يتم العمل على اتخاذ تدابير من شأنها أن تعزز وتوسع نطاق التبادل التلقائي للمعلومات على جميع المستويات.

واتفق قادة دول الاتحاد الأوروبي على أهمية التعاون الدولي في مجال تبادل المعلومات الضريبية من أجل مواجهة التهرب والغش الضريبي وهو ما أظهرته تصريحات القادة على هامش القمة ومن أجل مكافحة التهرب الضريبي بشكل أفضل حث رئيس المفوضية الأوروبية مانويل باروسو الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على تعميم تبادل المعطيات المصرفية على كل أنواع الموارد.

وأكد رئيس الوزراء الهولندي مارك روتا على ضرورة تعزيز التعاون الدولي في مجال تبادل المعلومات الضريبية لمواجهة التهرب الضريبي وعمليات الاحتيال والغش الضريبي وحول ضرورة كشف السلطات في دول مثل لوكسمبورغ والنمسا وغيرهما للبيانات المصرفية للمساهمة في محاربة التهرب الضريبي، قال روتا إن هذه الدول عليها أن تفعل كل ما يمكن أن تقوم به لمساعدة الدول الأخرى على مواجهة الاحتيال والغش الضريبي وفي نفس الوقت رحب روتا بما أظهرته هذه الدول من انفتاح واستعداد للتعاون والعمل المشترك في إطار تبادل المعلومات لمكافحة الترهب الضريبي مشيرا إلى أن الأمر جدير بأن يطرح للنقاش وبمنتهى الوضوح والشفافية.

من جانبه قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إنه من الضروري تعزيز التعاون الدولي في مجال تبادل المعلومات الضريبية، وفي نفس الوقت خفض الضرائب على الشركات.

وأضاف «أعتقد أن هذه أمور مهمة لتشجيع الاستثمارات وبالتالي توفير فرص العمل كما ينبغي علينا التأكد من أن هذه الشركات تسدد الضرائب المطلوبة وهذا يعني تحقيق تعاون دولي لتبادل المعلومات الضريبية ومكافحة التهرب الضريبي»، وبشأن الشفافية المصرفية أحبط رئيس وزراء لوكسمبورغ جان كلود يونكر الآمال بقوله إنه «لن يكون ممكنا» الذهاب أبعد مما قرره وزراء مالية الدول الأعضاء في الاتحاد خلال اجتماعهم في 14 مايو الماضي.

وقرر الوزراء حينها منح المفوضية الأوروبية تفويضا لتعيد التفاوض حول الاتفاقات الضريبية مع خمس دول هي سويسرا وأندورا وموناكو وسان مارين وليشتنشتاين لكنهم لم يتمكنوا من تجاوز نقطة خلاف كبيرة وهي مراجعة القانون الأوروبي حول الضرائب والادخار الذي يقتضي الإجماع وقد كان ذلك القانون الصادر في 2003 ينص على تبادل تلقائي للمعلومات داخل الاتحاد الأوروبي لكن لوكسمبورغ والنمسا تستفيدان من استثناء. وأعلنت لوكسمبورغ أنها ستنضم إلى الاتفاق في 2015 وستتخلى جزئيا عن سريتها المصرفية لكنها على غرار النمسا لا تنوي في الوقت الراهن المصادقة على مراجعة القانون المعدل الذي ينص على توسيع تبادل المعلومات تلقائيا إلى موارد أخرى مثل التأمين على الحياة. وتريد الدولتان انتظار نهاية المفاوضات مع الدول الخمس الأخرى قبل الانضمام إلى اتفاق محتمل.