«الاستقلال» و«التجمع» المغربيان يقدمان مقترحي قانونين ينظمان حق المواطنين والمجتمع المدني في التشريع

القضاء الدستوري يرفض تعويض برلمانيين توفيا في مجلس المستشارين

TT

في سابقة هي الأولى من نوعها في الحياة التشريعية المغربية منذ استقلال المغرب عام 1956، قدم حزب الاستقلال المعارض، والتجمع الوطني للأحرار، المشارك في الائتلاف الحكومي، مقترحي قانون تنظيمي (عضوي) ينظم حق المواطنين بشكل مباشر، ومنظمات المجتمع المدني في التشريع عبر ملتمسات تشريعية شعبية من دون الحاجة إلى خدمات الفرق البرلمانية والوزراء.

ويرى المراقبون والخبراء في مجال التشريع أن هذه الخطوة البرلمانية تعد نقلة نوعية في مجال توسيع هامش المجال الديمقراطي رغم حرصهم الشديد على رفض السماح للمواطنين ومنظمات المجتمع المدني بالتشريع في مجالات حساسة.

ووسع المقترحان من دائرة الممنوعات من التشريع وفي مقدمتها تعديل الدستور أو وضع القوانين التنظيمية أو تعديل الأنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان، فضلا عن قانون الموازنة السنوية والمعاهدات والاتفاقات الدولية.

وحرم المقترحان على الملتمسات الشعبية الاقتراب من دائرة التشريع الملكي التي تجري عبر ظهائر (مراسيم ملكية)، حيث أضفت مبادرة حزب الاستقلال حصانة كبيرة على المجال الملكي سواء في المجال الديني أو العسكري أو الدبلوماسي أو الدستوري أو في مجال التعيينات في المجالات الاستراتيجية وجعلها مستثناة من أي تشريع شعبي يروم إعادة النظر فيها.

ووسع مقترح حزب التجمع الوطني للأحرار من دائرة القيود حينما اشترط في الملتمسات احترام ثوابت الأمة المغربية، وألا تتعارض مع قيم الهوية ولا تعتدي على الاختصاصات الممنوحة للبرلمان.

ووضع المقترحان قيودا صارمة تضمن قبول الملتمس الشعبي من طرف البرلمان. واشترط مقترح حزب الاستقلال ضرورة حصول الملتمس على 400 ألف توقيع، بينما حددها التجمع بـ25 ألف داعم يمثلون على الأقل ثلاث جهات من جهات المغرب، فضلا عن أن يكون الملتمس مكتوبا ومفصلا على شكل قانون.

وحول المسطرة (الإجراءات) التي ستتبعها الملتمسات الشعبية قبل أن ترتدي حلتها التشريعية وتجد طريقها للتنزيل، اقترحت المبادرتان أن يشرف البرلمان على مسطرة التشريع منذ إحالتها إلى مكتب أحد رئيسي المؤسسة التشريعية مرورا بعرضها على اللجان التشريعية المعنية، وصولا إلى مرحلة إخراجها في شكل ملتمس تشريعي ونشره في الجريدة الرسمية.

من جهة أخرى، أثارت فتوى جديدة أصدرها القضاء الدستوري في المغرب الأسبوع الماضي تقضي بمنع أي تجديد في عضوية مجلس المستشارين (الغرفة الثانية)، الجدل من جديد حول الشرعية الدستورية لمجلس المستشارين.

وأصدر المجلس الدستوري، المؤسسة التي تشرف على حسن تطبيق الدستور، قرارا يقضي برفض تعويض المقاعد الشاغرة في مجلس المستشارين بسبب وفاة اثنين من أعضائه، رغم أن مقتضيات المادة 91 من القانون التنظيمي المتعلق بالغرفة الثانية، توجب على المحكمة الدستورية بمناسبة شغور مقعد على أثر وفاة مستشار بهذا المجلس التصريح بشكل تلقائي بتعويضه بالمرشح الذي يليه مباشرة في لائحة الترشيح لشغل المقعد الشاغر.

وعلل قضاة المحكمة الدستورية قرارهم غير القابل للطعن بالقول إن الوضعية الدستورية الانتقالية التي يوجد فيها مجلس المستشارين لا تسمح بتجديد أعضائه، مضيفين أن النسخ التدريجي لمقتضيات دستور 7 أكتوبر (تشرين الأول) 1996، الذي ما زال يشتغل وفقه المجلس، لا تجيز إحياء بعض أحكامه والعمل بها أو الاستناد إليها.

وأيد محمد دعيدعة، رئيس فريق الفيدرالية الديمقراطية للشغل (النقابة الأكثر تمثيلية في الغرفة الثانية) في مجلس المستشارين، قرار المجلس الدستوري، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن قرار القضاء الدستوري ينسجم مع منطوق الدستور الجديد، وبالتالي لا يمكن تجديد العضوية داخل المجلس من دون تنظيم انتخابات جديدة. وأوضح المستشار دعيدعة أن مجلس المستشارين يعيش برمته فترة انتقالية محكومة بضوابط دستورية ينبغي احترامها.

يذكر أن المجلس الدستوري قضى في قرار سابق مثير للجدل بدستورية ثلث أعضاء المستشارين انتهت ولايتهم التشريعية خلال السنة الماضية مما أثار ضجة سياسية وقانونية كبرى، حيث رأى معارضو القرار أنه يشرعن استفادة 90 مستشارا برلمانيا من المال العام عبر استمرار حصولهم على تعويضاتهم الشهرية التي قدرها 35 ألف درهم (الدولار يساوي 8.45 درهم) مع تمتعهم بجميع الامتيازات المرافقة لمنصبهم رغم عدم قانونية وضعيتهم.

تجدر الإشارة إلى أن الفصل 176 من دستور 2011، نص على استمرار مجلس المستشارين، القائم في تاريخ دخول الدستور حيز التنفيذ والمنتخب وفق أحكام الدستور السابق، في ممارسة صلاحياته إلى حين انتخاب المجلس الذي سيخلفه، وهو ما أكده المجلس الدستوري.