الإمارات: الموقف السعودي من مجلس الأمن لامس الضمير العربي والإسلامي

العربي يصرح أن المجموعة العربية عانت من عدم قيام مجلس الأمن بمسؤولياته على مدى ستة عقود * نبيل فهمي: الاعتذار السعودي يعبر عن احباط عربي

عبد الله بن زايد و أكمل الدين أوغلي
TT

قال الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير خارجية الإمارات إن بلاده تابعت باهتمام بالغ قرار السعودية الشقيقة رفض شغل مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن، مؤكدا أن الإمارات تتفهم حالة الإحباط العامة التي أدت بالسعودية إلى اتخاذ هذا القرار ومسبباته الواردة في البيان الرسمي لوزارة الخارجية السعودية، ومن ضمنها الأداء غير الفعال لمجلس الأمن تجاه العديد من قضايا المنطقة التاريخية منها والملحة.. وقد أدت عدم الفاعلية هذه ولا تزال إلى العديد من المضاعفات السلبية على أمن المنطقة واستقرارها وحقوق شعوبها وأرواح أبنائها.

وأضاف وزير الخارجية الإماراتي: «إن دولة الإمارات، إذ تؤكد إيمانها الكامل بالآليات الدولية والعمل الجماعي الدولي فإنها ترى أن الموقف المبدئي الذي أعلنت عنه المملكة العربية السعودية يلامس الضمير العربي والإسلامي، وخاصة فيما يتعلق بعجز هذه الآليات عن التعامل بموضوعية مع هموم المنطقة وقضاياها، بل وفي العديد من الحالات تهميش آراء دول المنطقة ومواقفها فيما يتصل بقضاياها المصيرية والحيوية».

وأكد الشيخ عبد الله بن زايد أنه من هذا المنطلق فإن الإمارات تساند القرار السعودي ككلمة حق تسعى إلى معالجة الخلل في آليات العمل الجماعي الدولي وترسي أسسا أكثر عدالة وفاعلية فيما يتعلق بتعامل مجلس الأمن مع قضايا المنطقة.

وقال الشيخ عبد الله بن زايد في ختام تصريحه إن القرار السعودي يضع الأمم المتحدة، وبصورة خاصة الدول دائمة العضوية والأمين العام للأمم المتحدة، أمام مسؤولية تاريخية لمراجعة دور منظمة الأمم المتحدة وصلاحياتها وميثاقها بعد أن تأثرت مصداقيتها الدولية نتيجة ضعف أدائها والانقسام المعطل في مجلس الأمن بصورة خاصة.

في المقابل أعاد أمس الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي التأكيد على أحقية المملكة في احتجاجها على أسلوب إدارة مجلس الأمن وعدم قيامه بمسؤولياته في حفظ الأمن والسلم الدوليين.

وأوضح العربي في تصريح له أمس أن المجموعة العربية هي أكثر مجموعة عانت من عدم قيام مجلس الأمن الدولي بمسؤولياته على مدى أكثر من ستة عقود فيما يتعلق بفلسطين وسوريا.

وأعرب العربي عن أمله في أن يدفع القرار السعودي الجهود التي تبذل منذ سنوات لتطوير وإصلاح مجلس الأمن، مؤكدا أهمية ما جاء في بيان المملكة بشأن عجز مجلس الأمن عن حل عدد من القضايا الحيوية مثل القضية الفلسطينية، أو وضع حد للمأساة الإنسانية في سوريا، أو جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل.

وأضاف الأمين العام أن مجلس الأمن في حاجة إلى إصلاح شامل يتضمن تحديد نطاق استخدام أو التلويح باستخدام الفيتو من قبل الدول الخمس دائمة العضوية في المجلس، مشددا على ضرورة إعادة النظر في أسلوب مباشرة مجلس الأمن لمسؤوليات حفظ السلم والأمن الدوليين وضرورة تطوير عمله طبقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة.

ولفت الأمين العام للجامعة الانتباه بصفة خاصة إلى قراري مجلس الأمن رقم 242 لعام 1967، ورقم 338 لعام 1973، اللذين يقضيان بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة وانسحاب إسرائيل إلى خط الرابع من يونيو (حزيران) لعام 1967. وكذلك القرارات الخاصة بالقدس التي لم يباشر مجلس الأمن مسؤولياته نحو تنفيذها.

من ناحيتها أعلنت منظمة التعاون الإسلامي أمس دعمها لموقف السعودية بالاعتذار عن عدم قبول العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن الدولي ومطالبتها بإصلاحه.

وأكد الأمين العام للمنظمة أكمل الدين أوغلي في بيان أن القرار يعكس حرص السعودية على تحقيق الإصلاح المنشود لأجهزة الأمم المتحدة وخاصة مجلس الأمن «وهو الموقف الثابت الذي ما فتئت منظمة التعاون الإسلامي تؤكد عليه في كافة القرارات الصادرة عن القمم الإسلامية والاجتماعات الوزارية للمنظمة».

وأعرب أوغلي عن أمله بأن تؤدي هذه التطورات إلى «الإسراع في عملية إصلاح مجلس الأمن؛ وذلك بتعزيز شفافيته ومساءلته وتمثيله وتحقيق ديمقراطيته لكي يتمكن من الاضطلاع بدوره كاملا في صون السلم والأمن الدوليين وفقا لميثاق الأمم المتحدة».

وأكد أن الدول الأعضاء في المنظمة لها مصلحة مباشرة وحيوية في إصلاح مجلس الأمن، مشيرا إلى مطالبتها بالتمثيل المناسب في المجلس بما يتماشى مع وزنها الديموغرافي والسياسي، وبما يتفق ونسبة عضويتها في الأمم المتحدة، ولضمان تمثيل الأشكال الرئيسية للحضارات في المجلس.

وكانت السعودية اعتذرت يوم الجمعة الماضي عن عدم قبول مقعد غير دائم في مجلس الأمن، قائلة إن أسلوب وآليات العمل وازدواجية المعايير الحالية في المجلس تحول دون قيامه بأداء واجباته وتحمل مسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلم العالميين على النحو المطلوب، الأمر الذي أدى إلى استمرار اضطراب الأمن والسلم واتساع رقعة مظالم الشعوب واغتصاب الحقوق وانتشار النزاعات والحروب في أنحاء العالم.

وفي القاهرة، رأى وزير الخارجية المصري نبيل فهمي أن اعتذار السعودية عن قبول العضوية غير الدائمة لمجلس الأمن رغم التأييد الدولي الذي حظيت به يمثل رسالة صريحة وقوية تعبر عن إحباط العالم العربي من عدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالشرق الأوسط، ووصف ترشيح المملكة في الانتخابات الخاصة للعضوية في مجلس الأمن بأنه عكس تقديرا دوليا واسعا للسعودية «التي كانت ستمثل العالم العربي في مجلس الأمن خير تمثيل لما لها من مواقف قوية ومبدئية تستند إلى ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي».

وقال فهمي في بيان أصدرته الخارجية المصرية أمس، إن «موقف المملكة الشجاع يحظى بكل الاحترام والتقدير من قبل مصر خاصة مع تعثر مجلس الأمن في تحمل كامل مسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين والتعامل مع القضايا العاجلة في الشرق الأوسط، ويأتي على رأس هذه القضايا عملية السلام العربية الإسرائيلية وإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل النووية والكيماوية والبيولوجية، فضلا عن عدم نجاح المجلس في التعامل مع المأساة السياسية والإنسانية التي تمر بها سوريا، وكلها قضايا بالغة الحساسية والخطورة كانت محل الكثير من المبادرات والقرارات في مجلس جامعة الدول العربية أو منظمة الأمم المتحدة بما فيها مجلس الأمن الدولي».

وطالب الوزير المصري مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين كاملة بمعايير ثابتة ودون ازدواجية في القرارات ووفقا لميثاق الأمم المتحدة وحفاظا على مصداقية المنظمة الدولية.