لجنة «الدستور المصري» تحسم خلافات بشأن وضع المسلمين والمسيحيين واليهود

مصادر لـ «الشرق الأوسط»: عبارة «مدنية الدولة» في مقدمة الصياغة الجديدة

TT

قالت مصادر في لجنة تعديل «الدستور المصري»، إن اللجنة حسمت خلافات بشأن وضع المسلمين والمسيحيين واليهود في التعديلات الجديدة، بعد أن ظلت محل خلاف بين التيارات السياسية والدينية في الدولة الإسلامية التي يمثل فيها المسيحيون المصريون نسبة تتراوح بين 10 و15 في المائة، بينما لا يتجاوز عدد اليهود عدة مئات، بعد أن كان عددهم يبلغ آلافا في النصف الأول من القرن الماضي. وأضافت المصادر أن عبارة «مدنية الدولة» في مقدمة الصياغة الجديدة للدستور.

ودخلت عبارة «غير المسلمين» صراعا جديدا تُخشى عقباه في أروقة لجنة الخمسين المنوط بها صياغة مواد الدستور الجديد، بين الأزهر الشريف وحزب النور السلفي من ناحية، والكنائس الثلاث من ناحية أخرى. وقالت مصادر مطلعة داخل اللجنة أمس: «حسمنا بشكل رسمي إضافة عبارة (غير المسلمين) بدلا من (المسيحيين واليهود) في المادة الثالثة، والمتعلقة بأهل الكتاب».

يأتي هذا في وقت واصلت فيه لجنة الخمسين عملها أمس مع لجنة الـ10 التي وضعت التوصيات المبدئية للتعديلات الدستورية، لمناقشة النقاط الخلافية خاصة المتعلقة بمواد القوات المسلحة والهوية. وقالت مصادر داخل لجنة الدستور، تحدثت مع «الشرق الأوسط» أمس، إنه جرى حسم إضافة «عبارة مدنية الدولة في مقدمة الدستور».. وما زال هناك جدل حول إضافة «الضرائب التصاعدية إلى الدستور».

ولم تحدد المصادر موعد الانتهاء من المسودة الأولية للدستور، قائلة إن «المسودة اولى لم تخرج من لجنة الصياغة؛ ن هناك مواد ما زالت في عملية الصياغة والمراجعة اللغوية، فضلا عن أن المواد الخلافية والمقترحات المقدمة فيها ما زالت محل نقاش داخل اللجان المصغرة، ولم يجر التوصل فيها إلى صياغات نهائية».

وأثارت المادة الثالثة من دستور عام 2012 المعطل، خلافا بين الأزهر والكنيسة منذ بدء عمل لجنة الخمسين، بعدما طالب ممثلو الكنائس المصرية الثلاث (الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية) بضرورة استبدال «غير المسلمين» بـ«المسيحيين واليهود»، معتبرين أن «عدم الاستبدال يميل إلى الطائفية»، وعلى الجانب الآخر أعلن الأزهر الشريف رسميا وقوفه ضد المساس بنص المادة الثالثة ومعه حزب النور السلفي. وقال الأزهر إن «حذف (المسيحيين واليهود) واستبدال (غير المسلمين) بها، سيؤدي إلى تكدير السلم الاجتماعي ويفتح الباب لدخول الديانات غير السماوية».

وتنص المادة الثالثة على أن «مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيس للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشؤونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية».

ويرى مسؤولون في مشيخة الأزهر الشريف، أن «هذا النص الحالي الذي جرى إقراره سيحدث أزمة في الأوساط الدينية ومع الكنيسة التي أصرت على تعديل نص المادة رغم تحفظ الأزهر».

لكن مصدرا كنسيا في لجنة الدستور قال لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «الرأي النهائي للجنة الخمسين وعند الاستفتاء على مسودة الدستور، ويجب ألا يقسم المجتمع إلى فئات بحذف عبارة (غير المسلمين)، لأن إضافة الأقباط واليهود فقط (الصيغة القديمة) ستفتح الباب أمام مطالبات بإضافة مذاهب». ولعب الأزهر والكنيسة دورا كبيرا في دعم الجيش لعزل الرئيس السابق محمد مرسي عن الحكم في 3 يوليو (تموز) عقب انتفاضة شعبية عارمة في 30 يونيو (حزيران) الماضي.

وشكل الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور لجنة من 10 خبراء قامت بإدخال تعديلات على الدستور وسلمته إلى لجنة الـ50 (الممثلة لقوى سياسية واجتماعية والكنائس والأزهر). وبدأت لجنة الخمسين أول اجتماعاتها يوم 8 سبتمبر (أيلول) الماضي بمقر مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان)، وتستمر أعمال اللجنة 60 يوما تنتهي في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

من جانبها، كشفت المصادر المطلعة بلجنة الدستور عن أن هناك مواد لم يجر حسمها في لجنة الصياغة وستجري إحالتها للجنة العامة لحسمها نهاية الأسبوع الحالي، ومنها مواد في باب نظام الحكم التي تتعلق بمجلس الشورى والنظام الانتخابي ونسبة العمال والفلاحين، وملف القوات المسلحة وبه مادتان، الأولى حول اختيار وزير الدفاع، والثانية حول حظر محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري. أما الملف الثالث فهو ملف السلطة القضائية، وبعض مواد الهوية وهي «الثانية والرابعة والمادة 219 المثيرة للجدل» والخاصة بأن «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة»، وجرى حسم مادة أهل الكتاب.

وبينما توقعت المصادر المطلعة أنه من المقرر حسم هذه المواد بشكل عاجل، خاصة مواد القوات المسلحة، قال الأنبا أنطونيوس عزيز ممثل الكنيسة الكاثوليكية باللجنة، إن «المادة الخاصة بمحاكمة المدنيين عسكريا كما جاءت بمسودة لجنة الخبراء لا ضرر منها، وخصوصا أن المحاكمة العسكرية للمدني تكون في حالة اعتدائه على منشآت عسكرية أو أفرادها، أما في حالة الخلافات الشخصية فينظر الأمر أمام القاضي الطبيعي».

وأكد عزيز في تصريحات له أمس ضرورة موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تعيين القائد العام، سواء بشكل دائم أو وضعها كفترة انتقالية لمدة دورتين رئاسيتين أو ثلاث دورات، مشددا على أن منصب القائد العام لا يقل عن منصب النائب العام الذي وضعت له احتياطات عند اختياره.