مصادر لبنانية: تحرير المطرانين يتصدر لقاء اللواء إبراهيم بالأسد والراعي بأمير قطر

مطالبة بإعادة تحريك ملف المفقودين اللبنانيين في السجون السورية

TT

تسارعت وتيرة الاتصالات اللبنانية على أكثر من مستوى أمس لتحرير المطرانين المخطوفين بريف حلب بولس يازجي ويوحنا إبراهيم، بعد أيام على الإفراج عن المخطوفين اللبنانيين التسعة في أعزاز، شمال سوريا.

ولم يقتصر التواصل على مستوى ملف المطرانين السوريين فحسب، بل تعداه إلى إعادة تحريك ملف المفقودين اللبنانيين في السجون السورية، بعدما لم تثمر جهود أهاليهم طوال السنوات الفائتة في التوصل إلى كشف مصيرهم. وفي موازاة تحرك أهالي المفقودين والمخفيين في السجون السورية في اليومين الأخيرين، على ضوء إشارة الرئيس اللبناني ميشال سليمان بعد إطلاق سراح مخطوفي أعزاز إلى أنه «يبقى في البال جميع المفقودين اللبنانيين في خلال الحرب الأهلية وواجب الاستمرار في الالتزام والعمل على كشف مصيرهم وتحريرهم أو إعادة جثامين من قضى منهم»، كانت لافتة زيارة قام بها أمس المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى سوريا، حيث التقى الرئيس السوري بشار الأسد. وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام، وهي وكالة الأنباء الرسمية في لبنان، أن إبراهيم التقى الأسد «وبحث معه في ملف المطرانين المخطوفين».

ولم يقتصر التحرك بشأن المطرانين المخطوفين على دمشق، بل امتد إلى قطر التي ساهمت بشكل فاعل في إتمام صفقة تحرير مخطوفي أعزاز اللبنانيين، إذ قصدها أمس البطريرك الماروني بشارة الراعي والتقى أميرها تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، الذي وعده «بالسعي وبذل الجهود لإطلاق المطرانين»، مؤكدا التمسك بـ«الحضور المسيحي في لبنان والشرق الأوسط».

وفي سياق متصل، أعلن بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا يازجي، شقيق أحد المطرانين المخطوفين، أنه «ليس من جديد بشأنهما». وأشار إلى اتصالات هاتفيه أجراها به كل من الرئيس اللبناني ووزير الداخلية اللبنانية مروان شربل واللواء إبراهيم، وقال: إن «جميع الاتصالات تؤكد على الجدية الكاملة في متابعتهم هذا الملف»، لافتا إلى «أننا جميعا نتابع اتصالاتنا ونعمل يدا واحدة، ونأمل أن ننال النتيجة المرجوة».

من جهة أخرى، أفادت معلومات غير رسمية في بيروت أمس بأن إبراهيم، تطرق خلال لقائه الرئيس السوري إلى موضوع المفقودين اللبنانيين في السجون السورية. لكن رئيس جمعية دعم المعتقلين والمنفيين اللبنانيين في السجون السورية (سوليد) غازي عاد قال لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «ما من معطيات رسمية بعد حول نية السلطات اللبنانية فتح ملف المفقودين في السجون السورية»، موضحا أن المعلومات المتداولة مصدرها وسائل الإعلام». وسأل عاد: «أليس بديهيا أن يصار إلى الاتصال بالأهالي والجمعيات المعنية قبل أن يصار إلى أي تحرك رسمي جدي؟».

وتنفي دمشق بشكل قاطع وجود أي معتقلين لبنانيين في سجونها، غير أولئك الذين أطلقت سراحهم في وقت سابق على دفعات، معلنة إقفال الملف. لكن أهالي المفقودين ومعتقلين محررين يؤكدون وجود لبنانيين في السجون السورية. وترجح اللجان والجمعيات غير الحكومية الناشطة في مجال المفقودين والمخفيين قسرا وجود عدد يتراوح بين 600 و1000 مفقود في السجون السورية.

وأشار عاد إلى أن «الجدية في مقاربة ملف المفقودين اللبنانيين ينبغي أن تبدأ بالمصادقة على مشروع اقترحه وزير العدل شكيب قرطباوي على مجلس الوزراء منذ مطلع العام الحالي ويقضي بتشكيل لجنة أو هيئة وطنية تأخذ على عاتقها مواكبة موضوع المخطوفين والمفقودين من خلال وضع آلية عمل محددة»، متسائلا: «إذا أراد أهالي المفقودين والمخفيين متابعة ملفات أولادهم، من هي المرجعية التي يجب أن يتوجهون إليها؟».

وفي سياق متصل، سألت لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان المدير العام للأمن العام (إبراهيم) و«عبره الدولة اللبنانية إذا كان الزخم الرسمي (بملف مخطوفي إعزاز) سيمتد ليشمل قضية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، وغير اللبنانيين الذين اعتقلوا على أراضيه، ويتم الكشف عن مصائرهم بالسرعة الممكنة؟». وتوجهت في بيان صادر عنها أمس إلى سليمان «الذي سبق وتعهد بإعطاء كل الاهتمام لملف المفقودين الذين احتجزوا واختفوا على أيدي الميليشيات والقوى التي تقاتلت خلال الحرب في لبنان (1975 - 1990) والعدو الإسرائيلي»، وإلى «اللواء إبراهيم وكافة المسؤولين في لبنان»، بمجموعة من الأسئلة، أبرزها: «أما آن الأوان للتعامل الجدي مع ملف المفقودين والمخفيين قسرا والكشف عن مصائرهم؟ هل سيتخذ القرار الرسمي، هذه المرة، لتأمين حق المعرفة لذويهم؟ متى سيتاح لهؤلاء الأهالي التعبير عن مشاعر الفرح أو الحداد؟».

وكان رئيس جمعية المعتقلين اللبنانيين السياسيين في سوريا علي أبو دهن، وهو معتقل سابق في السجون السورية، قد أكد قبل أيام خلال مشاركته في ندوة عقدتها جمعية «أمم للتوثيق والأبحاث» بأن «عددا غير معروف من اللبنانيين ما يزالون في السجون السورية»، مطالبا بأن يكون «السعي للإفراج عنهم أولوية في ظلّ الاضطرابات التي تعمّ سوريا».

وشدد رئيس جمعية «أمم» المواكبة لملف المفقودين اللبنانيين، لقمان سليم، في الندوة ذاتها، على أن «موضوع المعتقلين السياسيين في السجون السورية، من أفرج عنه منهم ومن لا يزال قيد الاعتقال، يقع في منطقة من الالتباس التاريخي والمفهومي معا: التباس العلاقات اللبنانية - السورية عموماَ، والتباس التهمة والتعريف القانوني». واعتبر أن «معالجة مسألة المعتقلين هؤلاء هي أحد المداخل التي لن يكون بدّ من ولوجها في إطار أي سعي جاد إلى تصحيح العلاقات اللبنانية - السورية، وصولا إلى تنقية ذاكرة هذه العلاقات».

سياسيا، أكدت الأمانة العامة لقوى 14 آذار أن تحرير المخطوفين اللبنانيين في سوريا «لن يكتمل إلا من خلال إطلاق المطرانين وتحرير جميع الصحافيين اللبنانيين المحتجزين ومن بينهم المصور في قناة (سكاي نيوز عربية) سمير كساب الذي خطف منذ أسبوع». وفي موازاة مطالبتها بكشف مصير المهندس جوزيف صادر الذي خطف على طريق مطار بيروت منذ أكثر من أربع سنوات، من دون كشف مصيره، ذكرت أنه «في سجون نظام الأسد مئات المعتقلين اللبنانيين منذ عشرات السنين ولم نر أي تحرك جدي من قبل جهات رسمية أو حزبية أو روحية لمعالجة هذا الموضوع».