ترقب دفعة ثالثة من السجينات خلال أيام وبوادر صفقة تبادل جديدة بين النظام و«الحر»

ناشطون يربطونها بإطلاق المطرانين وإجراءات قانونية تؤخر الإفراج عن الملوحي

TT

يكتنف الغموض تفاصيل الصفقة التي أدت إلى الإفراج، على مراحل، عن 62 معتقلة سورية سياسية، في حين من المتوقع أن يطلق سراح الدفعة الثالثة من المعتقلات المنوي الإفراج عنهن خلال أيام. وبعد أن بات مؤكدا خبر الإفراج عن 62 سجينة من بين 4300 معتقلة سورية في سجون النظام، فإن ثماني منهن فقط كن قد اعتقلن لأسباب يقول النظام إنها متعلقة بالأحداث الأخيرة في سوريا، أما البقية فاحتجزن لأسباب متعلقة بنشاط أقربائهن.

وفي حين لم تظهر أي صورة للمعتقلات الـ14 اللاتي أطلق سراحهن الثلاثاء الماضي، ظهرت مقاطع فيديو للسجينات الـ48 المفرج عنهن ليل أمس، بعدما كن قد وصلن إلى منطقة المصنع على الحدود اللبنانية - السورية، حيث قابلن الوسيط القطري وعناصر من الأمن العام اللبناني، وفق شروط الصفقة، وأعيد نقلهن إلى ريف دمشق، حيث تعيش عائلاتهن، وذلك بناء على رغبتهن، بحسب ما أكده لـ«الشرق الأوسط» أمس رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عبد الكريم ريحاوي. ومن أبرز المفرج عنهن حتى الآن، وفق ما أكده الناشط الحقوقي عبيدة فارس لـ«الشرق الأوسط»، الشقيقتان الناشطتان غادة وسوسن العبار، والناشطة الإعلامية وردة سليمان، ودانيا يعقوب التي تعمل في مجال الدعم النفسي للأطفال، ودينا الأحمد، وهبة فيصان وزينب عجوب اللتان كانتا قد أحيلتا إلى محكمة الإرهاب. كما ضمت اللائحة الناشطة طل الملوحي، المعتقلة منذ عام 2009 التي صدر قرار بالإفراج عنها ومن المتوقع أن تنال حريتها في الساعات القليلة المقبلة. ومن بين المطلق سراحهن نساء تجاوزن الستين من العمر وفتيات لا تزيد أعمارهن على الـ14 عاما.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس بأن الإجراءات القانونية للإفراج عن الناشطة طل الملوحي، بعد توقيع النائب العام على قرار محكمة الجنايات، قد استكملت بعد إصدار محكمة الجنايات قرارا بالموافقة على إعفائها من ربع مدة الحكم الصادر بحقها ومن المنتظر الإفراج عنها في أي لحظة، بينما أكد ريحاوي أن الملوحي أخرجت من سجن عدرا، ومن المفترض، وفق الإجراءات التي يقوم بها النظام في حالات مماثلة، أن تكون قد أعيدت إلى فرع المخابرات في كفرسوسة، حيث اعتقلت «لإعطائها دروسا في المواطنية»، وفق ريحاوي الذي توقع ألا يجري الإفراج عنها قبل مساء اليوم، آملا ألا تتعرض للعرقلة. ومن المتوقع، بحسب ريحاوي، أن يجري الإفراج في الأيام المقبلة، على مراحل، عن 66 معتقلة وردت أسماؤهن في لائحة التبادل التي تضم 128 اسما وسبق للمعارضة أن اقترحتها مقابل إفراج لواء «عاصفة الشمال» عن اللبنانيين التسعة الذين كانوا مخطوفين بأعزاز. ويربط البعض إطلاق سراح المعتقلات على دفعات بتنفيذ المرحلة الثانية من «الصفقة الثلاثية» التي شملت المخطوفين اللبنانيين التسعة والطيارين التركيين المعتقلين في لبنان والمعتقلات السوريات في السجون السورية، والمتمثلة إما بإطلاق سراح المطرانين المخطوفين في حلب بولس يازجي ويوحنا إبراهيم، أو بدفع الجزء الثاني من مبلغ المال المتفق عليه، بحسب ما يقوله الناشط الحقوقي عبيدة فارس لـ«الشرق الأوسط». لكن رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان، عبد الكريم ريحاوي، يتوقع أن يرتبط إطلاق سراح المعتقلات على دفعات بالظروف التي يعشنها، التي يحاول النظام تحسينها قبل إخراجهن لتحسين صورته أمام المجتمع الدولي. ويتوقع أن تكون حالة من سيفرج عنهن في الأيام المقبلة، وتحديدا من «فرع فلسطين 135» في دمشق، أسوأ من اللاتي أفرج عنهن. وتأتي هذه التطورات غداة تحرك لافت للمدير العام للأمن العام اللبناني، اللواء عباس إبراهيم، الذي قاد عملية التفاوض عن الجهة اللبنانية لإطلاق سراح اللبنانيين التسعة، باتجاه سوريا، حيث التقى قبل يومين الرئيس السوري بشار الأسد، طالبا منه تقديم الدعم لإطلاق سراح المطرانين. وأعلن إبراهيم في وقت سابق أنه «بتوجيه من الرئيس اللبناني ميشال سليمان ووزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل، سيكمل التفاوض بشأنهما (المطرانان)»، ليعلن أمس أن السلطات السورية أبدت تجاوبا في التعامل مع هذا الملف. ويشير ريحاوي إلى إمكانية أن «تفتح صفقة التبادل الأخيرة الباب أمام صفقات أخرى، إنما هذه المرة بين (الجيش الحر) من جهة والنظام السوري من جهة أخرى، بعدما كان الأخير يتبع سياسة رفض التفاوض مع المعارضة أو يعمد إلى إفشالها بسبب أسماء محددة لنكتشف بعد ذلك، أنهم قتلوا، تاركا المعتقلين من ضباطه وعناصره لدى (الجيش الحر)، ولا سيما في الرقة وريف حلب، وهو الأمر الذي أدى إلى استياء كبير لدى الطائفة العلوية بشكل خاص». ويتفق ما يقوله ريحاوي مع بيان نشر أمس على موقع «لواء أويس القرني» على «فيس بوك»، تعلن بموجبه القيادة العامة في مدينة الطبقة بمحافظة الرقة أن اللواء سيقوم بعملية تبادل للأسرى مع النظام، داعيا الناشطين في المدينة، ممن لديهم معلومات حول أحد المعتقلين في سجون النظام من أبناء المحافظة، إلى إرسال أسمائهم. وقال إن أولوية التبادل ستكون للنساء.

وكان الناشط الحقوقي عبيدة فارس قد أوضح أن لائحة أسماء المعتقلات أعدت انطلاقا من الأسماء التي تبلغتها المعارضة، السياسية منها والعسكرية، وتجاوز عددها الـ300 سجينة، لكن النظام رفض الإفراج عن أكثر من 128. وأشار إلى أن التقديرات تبين أن عدد المعتقلات يناهز 8 آلاف، بعدما عمد النظام إلى اعتماد سياسة اعتقال النساء من أجل إجبار النشطاء من عائلاتهن على تسليم أنفسهم أو التوقف عن العمل مع المعارضة.

ورأى فارس أن صفقة التبادل الأخيرة «أظهرت حجم ارتباط النظام السوري بالأجندات الخارجية، حيث إنه وللمرة الثانية يفرج عن معتقلين سوريين لديه مقابل الإفراج عن معتقلين غير سوريين (لبنانيون في هذه الصفقة وإيرانيون في صفقة سابقة)، بينما يرفض النظام إجراء صفقات لتبادل أسرى من ضباط سوريين برتب عالية من الموالين للنظام».

ودعا المجتمع الدولي لبذل المزيد من الضغوط لوقف انتهاكات حقوق الإنسان الواسعة وضرورة تضمين هذا البند في أي حل سياسي مقترح، إذ لن يكون الانتقال إلى مرحلة العدالة الانتقالية ممكنا من دون حل مشكلة المختفين قسريا، ومعالجة كل تبعاتها القانونية والاجتماعية.