مصر تتجه لإنهاء «الطوارئ» في 14 نوفمبر والحكومة تسعى لتجنب صدام «قانون التظاهر»

تخفيض حظر التجوال ليبدأ من الواحدة بعد منتصف الليل باستثناء الجمعة

TT

وافقت الحكومة المصرية أمس، على تقليل ساعات حظر التجول إلى أربع ساعات، تبدأ من الواحدة وحتى الخامسة صباحا، عدا يوم الجمعة والذي يبقى كما هو من السابعة مساءً وحتى الخامسة صباحًا. وفرضت السلطات المصرية منذ فض اعتصامين لمؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي في ميداني رابعة العدوية والنهضة في أغسطس (آب) الماضي حالة الطوارئ لشهر، ومددتها لشهرين آخرين، كما حظرت التجوال في 14 محافظة لمدة 11 ساعة وخففتها عدة مرات باستثناء أيام الجمعة، التي تشهد في العادة مظاهرات لأنصار الرئيس المعزول في القاهرة والمحافظات.

وأكدت الحكومة في اجتماع لها أمس، برئاسة الدكتور حازم الببلاوي رئيس مجلس الوزراء، مواصلة الجهود لإعادة الهدوء إلى الشارع المصري ومكافحة الإرهاب على ضوء الأعمال الإرهابية التي شهدتها البلاد أخيرا، وآخرها حادث الاعتداء على كنيسة العذراء بحي الوراق بمحافظة الجيزة (القريبة من القاهرة)، والتي أودت بحياة أربعة مسيحيين وإصابة 18 آخرين. وأعلنت السلطات المصرية أمس وفاة أول مواطن مسلم أصيب في الحادث، بعد أيام من محاولة إنقاذه بأحد المستشفيات. فيما قالت مصادر مطلعة في مجلس الوزراء المصري تحدثت لـ«الشرق الأوسط» إن «تخفيف ساعات حظر التجوال جاء بناء على التقارير الأمنية، وفي إطار حرص الحكومة على الاستجابة لمطالب الجماهير حول التخفيف من ساعات حظر التجوال، ومراعاة لمصالح أصحاب المحال التجارية وسائقي السيارات وغيرهم من أصحاب الأعمال والحرف التي تتأثر بحظر التجوال».

وأكدت المصادر المطلعة أن «الحكومة تتجه أيضا لرفع حالة الطوارئ يوم 14 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل». ولمحت المصادر إلى أن الحكومة قد تلجأ إلى الإبقاء على حظر التجوال عقب رفع الطوارئ، لأن قرار عدم رفعه سيكون حماية للمواطنين وممتلكاتهم، وللتصدي لأعمال الشغب التي يلجأ إليها عناصر تنظيم جماعة الإخوان المسلمين. وتابعت المصادر أن «الحكومة ترى أن إرجاء رفع الحظر في هذا الوقت سيكون له أثر إيجابي كبير على عودة الأمن تدريجيا للبلاد».

وتحاشت الحكومة المصرية تحت مظلة قانون الطوارئ مأزق الإفراج عن الرئيس الأسبق حسني مبارك، بعد أن انتهت فترة حبسه الاحتياطي بسجن مزرعة طرة في قضية قتل المتظاهرين وقضايا فساد مالي، ويفترض أنه بعد انتهاء الطوارئ أن ترفع الإقامة الجبرية التي يقضيها مبارك في مستشفى المعادي العسكري (جنوب القاهرة)، حسب قانونيين. وذكرت مصادر مصرية أن «مبارك لمح عبر مقربين له للسلطات المصرية عدم ممانعته في استمراره تحت نطاق الإقامة الجبرية بعد انتهاء العمل بقانون الطوارئ».

وواصل طلاب جماعة الإخوان المسلمين مظاهراتهم في الجامعات، وخاصة جامعة الأزهر الشريف بمدينة نصر (شرق القاهرة). ودعا تحالف دعم الشرعية الداعم لجماعة الإخوان أمس إلى «أسبوع الصمود»، والذي يبدأ فعالياته من اليوم الجمعة، لرفض ما سماه «الانقلاب العسكري» ودعم صمود الرئيس مرسي.

يأتي هذا وسط رفض شعبي وثوري من مسودة «قانون الحق في التظاهر» التي أعدتها الحكومة. وبينما اجتمع المجلس القومي لحقوق الإنسان لبحث بنود قانون «الحق في التظاهر»، وقال الصحافي جمال فهمي عضو المجلس: «أخضعنا المشروع الذي أعدته الحكومة للبحث والدراسة للتأكد من مدى احترامه لحقوق الإنسان».. عقد مجلس الوزراء أمس برئاسة حازم الببلاوي اجتماعا وزاريا لمناقشة قانون التظاهر. وقالت المصادر المطلعة نفسها بمجلس الوزراء إن «الحكومة مصممة على مواجهة الأعمال الإرهابية والعمليات التخريبية التي تقوم بها عناصر من تنظيم الإخوان، وإن محاولات الاعتداء على المواطنين والمنشآت العامة تدور في إطار مخطط إجرامي يهدف بوضوح إلى تقويض أركان الدولة المصرية».

وتابعت المصادر المطلعة أن رئيس الحكومة أبدى استعداده لتعديل بنود قانون التظاهر، كمحاولة منه لتهدئة غضب القوى السياسية والثورية التي تهدد بالدخول في صدام كبير ضد الحكومة حال جرى إقرار قانون التظاهر وتمريره، مضيفة: «مجلس الوزراء ناقش الملاحظات على القانون وما قامت به الحكومة كان في الطريق الصحيح». لكن المصادر أكدت أن تعديل بنود القانون تحتاج لوقت، قائلة: «لا بد من إتاحة الوقت الكافي للقانون.. ولسنا مضطرين لإصداره قبل 14 نوفمبر (موعد انتهاء الطوارئ)».

وأثار القانون الجديد موجة غضب عارمة في الأوساط الثورية في مصر. وقال نشطاء حقوقيون إن «القانون الجديد يصادر حق الاعتصام، وهو حق انتزعه المصريون خلال فترة العامين ونصف العام الماضية، وبذلوا فيه تضحيات كبيرة، معتبرين القانون نقطة تحول في مسار العملية الانتقالية التي شهدتها البلاد بعد عزل مرسي. كما دعت «تمرد» (وهي حركة شعبية قادت المظاهرات التي أدت إلى عزل مرسي) إلى مظاهرات حاشدة ضد النظام المصري حال موافقة الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور على القانون.

وتنظم جماعة الإخوان منذ عزل مرسي في 3 يوليو (تموز) الماضي مظاهرات في عدة مدن مصرية، تحولت بعضها لمواجهات عنيفة مع قوات الأمن والمواطنين، كما تشهد شبه جزيرة سيناء موجات من العنف المسلح ضد قوات الشرطة والجيش.

في السياق ذاته، يطالب سياسيون بتمديد العمل بقانون الطوارئ بعد انتهاء مدته الشهر المقبل نظرا للظروف الراهنة وغير المستقرة التي تمر بها البلاد. وانتقد الدكتور عفت السادات رئيس حزب السادات الديمقراطي كل الدعوات المطالبة بوقف العمل بقانون الطوارئ ووصفهم إياه بالردة إلى الخلف، مؤكدا أن هيبة الدولة والقضاء على إرهاب التنظيم الدولي للإخوان والجماعات الإرهابية يقتضي استمرار العمل بالقانون لحين تحقيق الاستقرار.

لكن شريف شوقي المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس الوزراء، أعلن في تصريحات سابقة أن «العمل بقانون الطوارئ ينتهي منتصف الشهر المقبل»، نافيا في الوقت ذاته أي نية لدى الحكومة لمد العمل به.

وقالت المصادر المطلعة في مجلس الوزراء المصري إن «قانون الطوارئ - على غير ما يتخيل الناس - لا يمنع المظاهرات»، موضحة أن الوضع سيكون أفضل بعد انتهاء مدة الطوارئ، والتي لم يطبق خلالها غير حظر التجوال، لافتة إلى أنه لا يمكن مد الطوارئ بعد 3 أشهر (والتي بدأت 14 أغسطس وتنتهي نوفمبر) إلا باستفتاء شعبي.