المجلس التونسي الأعلى للأمن يقر خطة جديدة لمكافحة الإرهاب

الداخلية تعلن العثور على سيارة مفخخة في ولاية سيدي بوزيد.. وإضراب ضد الحكومة في عدد من المدن

TT

أقر المجلس التونسي الأعلى للأمن، الذي اجتمع صباح أمس لمدة فاقت الثلاث ساعات، بقصر قرطاج بالضاحية الشمالية للعاصمة التونسية، طرقا جديدة لمكافحة التنظيمات الإرهابية المسلحة. وأكد المجلس، الذي حضره الرؤساء الثلاثة (المرزوقي والعريض وبن جعفر) ضرورة إحكام التنسيق بين الوحدات الأمنية والجيش قبل اتخاذ القرار بالتدخل لمجابهة تلك المجموعات، وكذلك إقرار التدخل المشترك لوحدات الحرس والأمن والجيش عند التصدي للمجموعات الإرهابية المسلحة. وشهدت الجلسة حضور وزراء الداخلية والدفاع والعدل والخارجية، إلى جانب مشاركة عدد من القيادات العسكرية والمديرين العامين للأمن.

وقالت رئاسة الجمهورية في بيان لها إن «مختلف الجبهات الأمنية عازمة على القضاء على المجموعات الإرهابية المسلحة». ويأتي هذا الاجتماع الأمني بعد يوم واحد من فشل انطلاق الجلسة الأولى للحوار السياسي بين الحكومة والمعارضة، واشتداد التوتر الأمني، بعد نزول أحزاب المعارضة إلى الشارع للمطالبة باستقالة حكومة علي العريض، وتهديدها بالدخول في اعتصام مفتوح في ساحة الحكومة بالقصبة.

وكانت مواجهات حصلت أول من أمس بين مجموعة مسلحة وعناصر مختصة في مكافحة الإرهاب بمنطقة سيدي علي بن عون (سيدي بوزيد وسط تونس)، قد أودت بحياة ثمانية عناصر من الحرس. ورجح محمد علي العروي، المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية، أن المجموعة المسلحة بسيدي علي بن عون لها علاقة بالتيار السلفي الجهادي، وعلى ارتباط بالأحداث التي شهدتها منطقة قبلاط شمال العاصمة التونسية قبل أيام.

وعلى خلفية الأحداث التي جدت في منزل بورقيبة وفرار المتهمين، ذكرت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» أن قوات الأمن التونسية أوقفت 11 عنصرا سلفيا بعد حملة تفتيش شنتها على أثر حادث اغتيال أحد أعوان الأمن، كما أوقفت أربعة عناصر محسوبة على التيار السلفي على أثر محاولة اقتحام منطقة الأمن بمدينة منزل بورقيبة.

وفي إطار تنديدهما بالإرهاب، دخل كل من الاتحاد الجهوي للشغل (نقابة العمال) بسيدي بوزيد والقصرين في إضراب عام لمدة يوم واحد بكامل الولاية (المحافظة) «تضامنا مع رجال الأمن الذين اغتالتهم يد الغدر بسيدي علي بن عون»، كما جاء في بيان لنقابة العمال.

وعلى أثر تعطل الدروس بالإعدادية النموذجية ابن رشد بالقصرين (وسط غربي تونس) تولى أعوان الأمن التونسي بأزيائهم وأسلحتهم إجلاء ابنة لطفي بن جدو، وزير الداخلية التونسي، التي تدرس بالمعهد. وصرح أساتذة من المعهد لـ«الشرق الأوسط» بأن هذه هي المرة الأولى التي يتصرف بها أعوان الحماية المكلفون بحماية ابنة بن جدو بمثل هذه الكيفية. يذكر أن بن جدو ترك منذ تعيينه في الحكومة أسرته بالقصرين ولم ترافقه إلى العاصمة التونسية.

ومن ناحيتها، رفضت نقابات قوات الأمن بكل من الكاف والقصرين وسيدي بوزيد، مسقط رأس عناصر الحرس الهالكين في مواجهات سيدي علي بن عون، حضور أي مسؤول وطني في مواكب تأبين الضحايا. وكانت نقابات الأمن قد طردت الرؤساء الثلاثة من ثكنة العوينة أثناء موكب تأبين عنصرين من الحرس توفيا في مواجهات مسلحة بمدينة قبلاط.

في غضون ذلك، قال منتصر الماطري، الأمين العام لاتحاد نقابات قوات الأمن الداخلي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الإرهاب يسعى إلى انهيار مقومات الدولة وجر البلاد إلى الفوضى، وهو ما تستغله الجماعات الإرهابية التي ترغب في أن تحل محل الدولة وتفرض أيديولوجيتها ونظامها. وعلى الرغم من الإصابات المتكررة في صفوف قوات الأمن واستهدافها من قبل المجموعات المسلحة، فقد دعا الماطري الأمنيين إلى وحدة الصف ونبذ الخلافات وتجنب كل ما من شأنه أن يسهم في إخلال الأمن العام والنسيج الأمني. وقال إن «قوات الأمن والمؤسسة العسكرية هما الضامنان في الوقت الراهن دون سواهما لأمن البلاد» على حد تعبيره. وبشأن اغتيال عناصر الحرس في سيدي علي بن عون، قال الماطري إن إصاباتهم كانت على مستوى الرأس والصدر، وهو ما أدى إلى وفاتهم بعد وقت وجيز من إصابتهم رغم كل محاولات الإنقاذ. وأشار إلى أن تلك الإصابات الدقيقة تؤكد على أن المجموعات المسلحة على درجة كبيرة من التدريب.

من جهته، أعلن محمد علي العروي، الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية، أمس، أن قوات الأمن عثرت على سيارة مفخخة «جاهزة للتفجير» في ولاية سيدي بوزيد. وقال العروي في تصريح لإذاعة «موزاييك إف إم» التونسية الخاصة «تم حجز أسلحة ومتفجرات وسيارة مفخخة فيها ثلاث أسطوانات جاهزة للتفجير، وحاليا يجري التعامل معها من قبل الهندسة العسكرية».

ودعا يسري الدالي، الخبير الأمني والمدير السابق لإدارة الدراسات وتطوير الكفايات للأمن الوطني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، الحكومة التونسية إلى «إنشاء هيئة وطنية للاستعلامات»، قائلا إن هذا الهيكل من شأنه «أن يحسن من أداء المؤسسة الأمنية ويساعدها في جهود مجابهة خطر الإرهاب»، حسب قوله. كما دعا الدالي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى بعث «هيكل موحد يجمع بين قوات الأمن والحرس والجيش لضمان حسن التنسيق بين مختلف وحدات هذه المؤسسات خاصة خلال الأحداث الشبيهة بما جد في الأيام الأخيرة بتونس».

من جانبه، أدان الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلي، بشدة العمل الإرهابي الإجرامي الشنيع الذي أودى بحياة مجموعة من أعوان الحرس الوطني التونسي، في مواجهات مع مجموعة مسلحة في منطقة سيدي بوزيد (وسط غربي تونس). وأكد أوغلي في بيان صدر أمس «الموقف الثابت والمبدئي لمنظمة التعاون الإسلامي الذي يدين الإرهاب بجميع أشكاله وأنواعه ويدعو إلى تكاتف الجهود لاستئصاله».

وبشأن جلسات الحوار بين المعارضة والحكومة التي تعطلت انطلاقتها يوم الأربعاء 23 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي تحت ضغط الشارع وكذلك العمليات الإرهابية، أعلن حسين العباسي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، الطرف القوي الراعي للحوار السياسي، أن انطلاق الحوار تأجل إلى اليوم الجمعة بعد جلسات ماراثونية جمعت بين الائتلاف الثلاثي الحاكم وأحزاب المعارضة، وتواصلت إلى ساعة متأخرة من ليلة الخميس بمقر وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية. وواصل أمس الرباعي الراعي للحوار (نقابة العمال ونقابة رجال الأعمال ورابطة حقوق الإنسان ونقابة المحامين) مشاوراته مع الرؤساء الثلاثة، وطالب بمزيد من التوضيح مواقف الحكومة بخصوص التعهد بالاستقالة.

في غضون ذلك، قالت حركة نداء تونس، التي يتزعمها الباجي قائد السبسي، وهي أبرز المنافسين لحركة النهضة، في بيان لها، إنه «لا معنى ولا جدوى من عودة الحوار دون تعهد الحكومة الرسمي والكتابي الموقع بالاستقالة في غضون ثلاثة أسابيع، وفقا لخارطة الطريق. وحملت الحركة الحكومة كل المسؤولية عن تصاعد الأعمال الإرهابية، على حد ما تضمنه البلاغ.

وتشترط حركة النهضة، التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم من جانبها، أن تقدم الحكومة استقالتها بعد الانتهاء من كل المهام التأسيسية المتمثلة في صياغة الدستور وتشكيل الهيئة العليا للانتخابات والتصديق على القانون الانتخابي وتحديد موعد ثابت للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.