الحكومة المغربية تعلن عن مشروع القانون المنظم للقضاء

استبعدت إشراف وزير العدل على جهاز النيابة العامة

TT

أعلنت وزارة العدل والحريات في المغرب أمس عن تفاصيل مشروع القانون التنظيمي للقضاء وسط جدل كبير حول القيود الصارمة التي فرضها القانون على قضاة المغرب رغم أنه خفف من هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية.

وسحب مشروع القانون سلطة الإشراف على النيابة العامة من وزير العدل والحريات، ونقل تبعية قضاة النيابة العامة إلى سلطة الوكيل العام للملك (النائب العام) لدى محكمة النقض (أعلى هيئة للتقاضي).

وثبت مشروع القانون سن تقاعد القضاة بـ64 مع إمكانية تمديده إلى 68 سنة، واستثنى القانون الرئيس الأول لمحكمة النقض والوكيل العام للملك (النائب العام)، اللذين يعينان من طرف الملك، من الخضوع لهذا الشرط، إذ يستمران في أداء مهامهما إلى حين صدور ظهير شريف (مرسوم ملكي) ينهيها.

ونظم المشروع الحكومي مجموعة من الحقوق والامتيازات الممنوحة للقضاة مقابل واجبات ملقاة على عاتقهم، وفي مقدمتها حماية الدولة للقضاة من التهديدات أو التهجمات أو الإهانات أو السب أو القذف وجميع الاعتداءات أيا كانت طبيعتها، وتعويض القضاة عن الديمومة والإشراف على التسيير والتدبير الإداري في المحاكم.

وتبقى أهم الحقوق التي أوردها مشروع القانون ضمان الحق للقضاة في التعبير والانخراط في جمعيات أو إنشاء جمعيات مهنية. واشترط القانون الجديد توفر نصاب 300 قاض موزعين على 15 محكمة استئناف على الأقل، على أن يوجد في كل محكمة استئناف خمسة قضاة بينهم امرأة قاضية.

وأحدث المشروع الحكومي وضعية جديدة ضمن الجسم القضائي، أطلق عليها «القاضي النائب»، إذ يعين هذا الأخير بعد تخرجه في المعهد، ويمارس مهامه كقضاة للأحكام أو النيابة العامة. لكنه لا يصبح قاضيا رسميا إلا بمقرر من مجلس الأعلى للسلطة القضائية، على ضوء تقارير تقييم الأداء ينجزها رؤساؤه بعد قضائه سنتين من العمل في المحاكم.

ونظم مشروع القانون المسار المهني للقضاة من خلال تحديد أوضاعهم بمناسبة تعيينهم أو ترقيتهم أو انتقالهم أو تقاعدهم. وألغى المشروع أربع رتب من الدرجة الثالثة، وأحدث درجتين جديدتين للترقي بالنسبة للدرجة الاستثنائية. وحدد المشروع الحالات التي ينقل فيها القاضي وحصر انتداب القضاة في حالات الضرورة القصوى وبشروط وآجال محددة قانونا.

ووضع مشروع القانون معايير لتقييم أداء قضاة الحكم وقضاة النيابة العامة، تتضمن على الخصوص الأداء المهني والمؤهلات الشخصية للقاضي والسلوك والعلاقات بالمحيط المهني، ومنح القاضي حق الاطلاع على آخر تقرير تقييم للأداء الخاص به مع إمكانية التظلم. وأحاط مشروع القانون تأديب القضاة مع اتخاذ عدد من الضمانات، منها تحديد الواجبات التي يترتب عن الإخلال بها فتح المتابعة التأديبية، وتحديد درجات العقوبة والنص على مبدأ تناسب العقوبة مع الخطأ المرتكب، ونص القانون على الإشارة إلى تقادم المتابعة التأديبية.

ووضع مشروع القانون الجديد حدا للتنقيلات العقابية والتعسفية التي كان يتعرض لها القضاة بسبب مواقفهم. ونص القانون على نشر النقص الحاصل داخل المحاكم في الموقع الإلكتروني للمجلس الأعلى للسلطة القضائية (الذي يرأسه الملك)، لتلقي طلبات القضاة.

وبخصوص نظام الترقية تضمن مشروع القانون إجراءات تهيئ لائحة الأهلية ونشرها على الموقع الإلكتروني للمجلس وبالمحاكم قبل متم شهر يناير (كانون الثاني) من كل سنة.

في سياق ذلك، أعلنت وزارة العدل والحريات عن ملامح القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي سيرأسه العاهل المغربي الملك محمد السادس.

ونص المشروع على أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية مؤسسة دستورية مستقلة تتمتع بالأهلية القانونية والاستقلال الإداري والمالي وتتوفر على مقر خاص بها في الرباط.

وكرس القانون مبدأ استقلال وحياد المجلس بالاعتماد على آلية التنافي، حيث إن العضوية في المجلس تتنافى مع عدد من المهام وخاصة الممارسة الفعلية بالمحاكم وممارسة أي مهنة قضائية، أو مهمة عامة انتخابية ذات طابع سياسي أو نقابي أو مسؤولية في جمعية مهنية للقضاة. وحدد المشروع التزامات صريحة يمنع بمقتضاها على أعضاء المجلس اتخاذ أي موقف أو القيام بأي تصرف أو عمل يمكن أن ينال من تجردهم أو من استقلالية المجلس. كما أشار المشروع إلى أن أعضاء المجلس يؤدون اليمين قبل مباشرتهم لمهامهم بين يدي الملك محمد السادس.

وضمانا لتمثيلية شاملة وفعالة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية حدد المشروع شروطا واضحة لترشح القضاة لعضوية المجلس، ونظم آليات انتخاب ممثليهم، على أن يحدد الرئيس المنتدب للمجلس التاريخ الذي تجري فيه الانتخابات والحد الأدنى لعدد المقاعد المخصصة للنساء القاضيات من بين الأعضاء العشرة المنتخبين بما يتناسب مع حضورهن داخل السلك القضائي بالنسبة لكل هيئة ناخبة، وذلك من خلال اعتماد لائحتين اثنتين، لائحة عامة تضم أسماء المترشحين والمترشحات ولائحة خاصة بأسماء المترشحات، إضافة إلى تحديد شكل ورقة التصويت ومضمونها وعدد مكاتب الاقتراع.