اشتباكات بين الأكراد ومقاتلين متشددين قرب الحدود السورية ـ العراقية

استهداف منطقتين علويتين واشتباكات عنيفة في ريف حمص.. وهيئة شرعية بحلب لا تعترف بـ«الدولة»

سوريون قرب سيارة بعد انفجارها الذي تسبب في قتل شخص وجرح 40 أمس (إ.ب.أ)
TT

اتسعت رقعة الاشتباكات في عدد من المحافظات السورية أمس، وذلك بعد يوم على انقطاع التغذية بالتيار الكهربائي عن مناطق واسعة وتحديدا في دمشق، بعد قصف معارض استهدف أنبوب غاز يغذي محطة تشرين الحرارية. وفي حين استهدف تفجير سيارة مفخخة منطقة دوار النزهة العلوية في حمص، تخوف أهالي بلدة صدد ذات الغالبية السريانية بريف حمص من اندلاع اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلين إسلاميين يسعون للسيطرة على مستودعات أسلحة قريبة.

وتزامنت هذه التطورات الميدانية مع إعلان الهيئة الشرعية في مدينة الباب بحلب اعترافها بـ«الدولة الإسلامية في العراق والشام»، كـ«فصيل مقاتل» وليس «دولة»، في حين دارت اشتباكات عنيفة بين مقاتلي «داعش» والنصرة من جهة، ومقاتلين أكراد من جهة ثانية في منطقة اليعربية الحدودية مع العراق، في محافظة الحسكة.

وفي حمص، هز انفجار سيارة مفخخة منطقة دوار النزهة التي تقطنها غالبية من الطائفة العلوية، ما أدى إلى مقتل شخص على الأقل وجرح ما لا يقل عن 20 آخرين، حالة بعضهم خطرة. كما استهدفت قذيفة منطقة في حي المهاجرين، ذات الغالبية العلوية، وأدت إلى سقوط قتيل على الأقل وعدد من الجرحى.

وكانت القوات النظامية قصفت صباح أمس مناطق في بلدة الدار الكبيرة ما أدى لسقوط جرحى. ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان عن سكان من بلدة صدد التي تقطنها غالبية سريانية قولهم إن المقاتلين الذين يسيطرون على الحي الغربي أو ما يعرف بطريق دمشق، وحي التل الواقع شرق البلدة على طريق مهين، يمنعون الأهالي من النزوح بعد حركة نزوح كبيرة في اليومين الماضيين. ويتخوف ناشطون من أن تشهد منطقة صدد، اشتباكات عنيفة، بدأت أمس، بين «جبهة النصرة» بمؤازرة مقاتلي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و«الكتيبة الخضراء» و«مغاوير بابا عمرو» من طرف والقوات النظامية من طرف آخر.

وتأتي هذه الاشتباكات بعد سيطرة مقاتلي «النصرة» و«داعش» على بئر للغاز قرب صدد ومفرزة الأمن وكتيبة الهجانة في محيط مستودعات الأسلحة قرب بلدة مهين، التي تعد أضخم مستودعات الأسلحة في سوريا. ويسعى مقاتلو المعارضة إلى السيطرة عليها.

وفي العاصمة دمشق، تعرضت مناطق في حيي جوبر والقابون لقصف نظامي أدى لسقوط عدد من الجرحى، فيما قصفت القوات النظامية مناطق في بلدة جسرين، وسيطرت مدعمة بعناصر من حزب الله اللبناني، بحسب المرصد السوري، على نحو 70% من بلدة حتيتة التركمان بعد اشتباكات عنيفة دارت الأيام الفائتة مع مقاتلي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة» وعدة كتائب مقاتلة.

وأفاد المرصد، نقلا عن ناشطين في البلدة، بمقتل 7 مقاتلين من «داعش» خلال اشتباكات ليلية انتهت بانسحاب مقاتلي النصرة وكتائب المعارضة، مشيرا إلى مقتل ما لا يقل عن 25 جنديا نظاميا في اشتباكات استمرت خلال الأيام الثلاثة الماضية، في حين لم ترده معلومات عن خسائر في صفوف مقاتلي حزب الله.

وتأتي اشتباكات دمشق غداة انقطاع التيار الكهربائي أول من أمس عن مناطق واسعة في العاصمة وبقية المحافظات، إثر انفجار قال ناشطون إنه ناتج عن زرع ألغام من قبل مقاتلي المعارضة، قرب مطار دمشق. وأعلن وزير الكهرباء السوري عماد خميس، مساء الأربعاء الماضي، أنّ «اعتداء إرهابيّا استهدف مساءً خط غاز يغذي محطات توليد الكهرباء بالمنطقة الجنوبية، أدّى إلى انقطاع الكهرباء في مناطق واسعة».

وفي ريف دمشق، نفذ الطيران الحربي غارات جوية على مناطق في بلدتي سقبا والمليحة ومحيط معمل تاميكو الذي سيطرت عليه قوات المعارضة منذ أيام وتحاول القوات النظامية استعادة سيطرتها عليه، نظرا لموقعه الاستراتيجي. وأكد ناشطون تعرض أطراف مدن عربين والنبك وقارة وبلدة دير العصافير لقصف نظامية، بموازاة سقوط قذائف هاون على ضاحية جرمانا.

وفي شمال شرقي سوريا، دارت اشتباكات عنيفة بين مقاتلين من وحدات حماية الشعب الكردي من جهة، وعناصر «داعش» وجبهة النصرة من جهة ثانية، بعد هجوم بدأته وحدات «الحماية» الكردية على مقرات المقاتلين الإسلاميين في محيط اليعربية في محافظة الحسكة.

وانتهت الاشتباكات وفق المرصد السوري، بسيطرة المقاتلين الأكراد على قريتي المزرعة والسيحة في محيط اليعربية. وتعتبر منطقة اليعربية، الخاضعة لسيطرة تنظيم «داعش»، ذات أهمية استراتيجية بالنسبة للمقاتلين الأكراد والإسلاميين في آن معا، إذ يوجد فيها معبر حدودي مع العراق، وتشكل ممرا للمقاتلين والذخيرة. وفي حين تؤمن اليعربية للأكراد سبل التواصل مع أقرانهم في كردستان العراق، يرى مقاتلو «داعش» و«النصرة» فيها نقطة وصل مع غرب العراق، أي منطقة الأنبار، حيث يحظى المقاتلون المرتبطون بـ«القاعدة» بنفوذ واسع.

وفي حلب، أعلنت الهيئة الشرعية في مدينة الباب وريفها أمس عدم اعترافها بتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» كدولة، وقالت إنها «تعترف بهم كفصيل مقاتل، إخوة لنا، لهم ما لنا وعليهم ما علينا». وأوعزت السبب إلى «الحرص على وأد الفتن وتفشيل من يؤججها»، بعد أن «تحملنا الكثير من جور بعض المسيئين والذين يتصرفون من دون أي حس بالمسؤولية الدينية والأخلاقية والسياسية»، وفق بيان أصدرته أمس.

وحذرت «الهيئة الشرعية» من أن «أي تجاوز من قبل عناصر فصيل الدولة سيقابل بالتعامل بالمثل»، مذكرة إياهم بأن «دفع العدو الصائل هو أوجب الواجبات بعد الإيمان بالله تعالى».

وفي محافظة طرطوس، أفاد المرصد السوري بتشييع جماعي لجثامين أكثر من 30 جنديا وضابطا نظاميا، قتلوا في اشتباكات مع مقاتلي المعارضة ومقاتلين متشددين في مناطق متفرقة. وأشار المرصد إلى تشييع قرية تالين التابعة لمدينة بانياس العميد الركن المظلي مظهر علي سليمان، أول من أمس، وهو ضابط في الحرس الجمهوري، قُتل قبل يومين في اشتباكات بريف دمشق.

وأعلن المرصد، استنادا إلى مصادر عدة، أن «عدد قتلى القوات النظامية منذ انطلاقة الثورة السورية ناهز الـ50 ألفا»، قال إنه وثق نحو 30 ألفا منهم.