الشارع المصري مل مظاهرات «الإخوان»

مواطنون لـ «الشرق الأوسط» : زادت عن الحد وتكرر نفسها بغباء سياسي

أنصار الرئيس المصري المعزول مرسي يقذفون مناوئيهم بالحجارة في محافظة الجيزة أمس (أ.ف.ب)
TT

«شوف يا أستاذ المثل بيقول إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده». ثم أردف الرجل السبعيني وهو يحتسي كوب الشاي على مقهى شعبي وسط القاهرة متابعا: «الإخوان عايزين إيه.. مرسي بح.. خلاص الناس كرهتهم والملل له حدود، وشكلهم أصبح بايخ.. فيلم حمضان بيتكرر كل أسبوع».

التقط الحديث رجل آخر متحدثا بنبرة غضب: «وسخوا حتى جدران عربات المترو.. الحكومة نظفتها وأعادت طلاءها، لكنهم كتبوا عليها من جديد نفس العبارات والشعارات المسيئة، التي لا تتوافق مع دين ولا قيم وتقاليد، بل بعضها خادش للحياء».

وتابع الرجل بعصبية: «لا يوجد جدار في البلد إلا وشوهوه، بل وصل الأمر إلى كتابة هذه العبارات المسيئة على جذوع الأشجار، وأبواب الشقق والعمارات، وكذلك المساجد والكنائس».

وتسود حالة من الملل والسأم الشارع المصري من مظاهرات «الإخوان»، التي أصبحت، خاصة في أيام الجمعة، مشهدا مكررا وممجوجا، يربك المرور ومصالح الناس، ولا يخلو من اشتباكات ومطاردات مع الأهالي، بعضها قد يسفر عن قتلى ومصابين.

وفشلت السلطات في البلاد في إقرار قانون حمل اسم «الحق في التظاهر»، بعد اعتراضات شديدة من قوى ثورية وحزبية وناشطين سياسيين، ومجتمعات حقوقية مدنية.

لكن سمير عبد الرحيم، وهو من شباب الباحثين في المركز القومي للبحوث بالقاهرة يقول: «أنا مع قانون تنظيم التظاهر، وأرى أن الاعتراض عليه في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها البلاد، بمثابة خيانة للوطن، ومن الممكن أن يجري تحديد مدة العمل بهذا القانون بحيث ترافق الفترة الانتقالية فقط، وينتهي العمل به بعد الانتخابات البرلمانية، وانتخاب رئيس جديد للبلاد».

يتابع عبد الرحيم قائلا بنبرة سخرية: «من قال إن متظاهري (الإخوان) سلميون، ثم من أعطاهم هذا الحق.. سيدي فتش عن البزنس وراء هذه المظاهرات.. هناك أموال تدفع للبلطجية ومأجورين، وهناك مطابع تطبع الشعارات والرايات التي يرفعونها، وهناك تجار وسمسارة سلاح يبيعون لهم قطع السلاح، وغيرها من الشماريخ وقنابل المولوتوف.. لقد مللنا هذا العفن».

يضيف عبد الرحيم: «نحن أصبحنا أمام مسرحية هزلية، بطلاها الحكومة من ناحية، وجماعة الإخوان من ناحية أخرى، والجمهور هو هذا الشعب المسكين المطحون في عمله وفي قوت يومه.. الحكومة مع (الإخوان) وضدهم، و(الإخوان) لذلك يواصلون ابتزازها على كل المستويات، وطبقة أصحاب المصالح والمرتزقة وما أكثرهم، يريدون أن يستمر النص على ما هو عليه.. واتفرج يا سلام على مظاهرات (الإخوان)».

ثم شدد عبد الرحيم، الباحث في شؤون التربة واستصلاح الأراضي، قائلا: «هل فعلا سوف تنشر كلامي هذا في الجورنال». وحين طمأنته إلى أن رأيك هذا هو أمانة في يدي، وسوف ينشر.. أردف قائلا: «الصحافة فعلا أمانة، وقوة تغيير واستنارة في المجتمع».

ويرى خبراء أن ما يعزز ملل الشارع المصري وضجره من مظاهرات «الإخوان»، أنها أصبحت مكررة، تستنسخ بعضها بعضا، وفشلت على مدار الأشهر الماضية، ومنذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي المنتمي لـ«الإخوان»، في تعزيز قوتهم في الشارع، بل أصبحت تأخذ من رصيدهم لدى الناس، خاصة أنهم يرفعون سقف مطالب بات تحقيقه مستحيلا وغير واقعي، بعد أن وضعت الدولة أقدامها بقوة على المسار الديمقراطي الذي توافقت عليه قوى مدنية مع الجيش والشرطة عقب عزل الرئيس السابق، استجابة لإرادة شعبية تجسدت في مظاهرات عارمة غير مسبوقة في تاريخ البشرية، بحسب إجماع الكثير من المراقبين في العالم.

يضيف هؤلاء الخبراء: «الرهان محسوم في النهاية لصالح الحكومة المصرية، خاصة مع تشديد قبضة الجيش والشرطة في التعامل مع مظاهرات (الإخوان)، يناصر هذه القبضة في الوقت نفسه ظهير شعبي من الأهالي والناس البسطاء العاديين بدافع من الغيرة على مصالح البلد، وأي شيء يتهدد سمعة مصر وأمنها».