عراقيون فرحون بعودة الكهرباء الوطنية بعد غيابها عقدا كاملا.. ووزارة الكهرباء تشدد على المتجاوزين

وسط شائعات ارتباط عودتها بالانتخابات المقبلة وتحسن الطقس

أسلاك كهربائية تتدلى في حي الكرادة (داخل) وسط بغداد لتوصيل الطاقة إلى البيوت بأسعار عالية («الشرق الأوسط»)
TT

يتبادل العراقيون اليوم جدلا وتكهنات واسعة، لا تخلو من ارتياح أمام عودة الكهرباء الوطنية إلى منازلهم لفترات وصلت إلى 24 ساعة في العاصمة بغداد ونحو 22 ساعة في بقية المحافظات، بعد قطيعة دامت عقدا كاملا، منذ عام 2003، اعتمدوا فيها على ما تمنحه لهم المولدات الأهلية من كهرباء استنزفت الكثير من أموالهم وأعصابهم أيضا بسبب سوء التجهيز والتذبذب في التيار.

وفي وقت يعزو فيه كثيرون استقرار وتحسن الكهرباء الوطنية إلى تحسن الطقس واعتداله في مرحلة الانتقال من الصيف إلى الشتاء، أو كونه دعاية سياسية لبعض الأحزاب الحاكمة مع اقتراب الانتخابات، أعرب مراقبون مختصون عن حيرتهم من التحسن المفاجئ للكهرباء في وقت كانت فيه وزارة الكهرباء تشكو من قلة الإنتاج وتحديات كبيرة تستلزم وقتا طويلا للتغلب عليها، وهي التي صرفت نحو 27 بليون دولار خلال ستة أعوام فقط لتأمينها من دون أن تنجح، وأعربوا عن خشيتهم من عودة تدهور إنتاج الطاقة بعد فترة وجيزة لعدم معالجة المشكلة على نحو حازم.

مقابل كل تلك التكهنات، فتحت وزارة الكهرباء صدرها لتفسير أسباب تحسن الطاقة الكهربائية، وأطلقت وعودها بشأن استمرار التحسن بالقضاء على كل التحديات التي تواجه عملها من عمليات تخريب وضياع واستيراد الغاز المطلوب في إنتاج الطاقة الكهربائية، مطلقة أرقاما وإحصاءات وافية عن كميات الطاقة المجهزة للمواطنين والكميات التي ستتم إضافتها خلال الفترة المقبلة، وذلك في مؤتمر صحافي، طالبت فيه وسائل الإعلام بمساعدتها في الحفاظ على ديمومة الطاقة الكهربائية.

مصعب المدرس، الناطق الإعلامي لوزارة الكهرباء، قال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن «الإنتاج الحالي للطاقة الكهربائية وصل إلى 11 ألف ميغاواط، وسيصل إلى 16 ألف ميغاواط خلال صيف عام 2014، ولدى الوزارة 42 مشروعا تنفذ حاليا وتخص قطاعات الإنتاج والنقل والتوزيع. فيما توقع المدرس أن يتم التخلص من المولدات الأهلية خلال الشهرين أو الأشهر الثلاثة المقبلة بعد أن تزداد ثقة المواطن في وزارة الكهرباء ويطمئن إلى أن الطاقة الكهربائية ستكون مستمرة طيلة 24 ساعة».

وأكد المدرس أن وزارة الكهرباء تسعى لأجل ترشيد استهلاك الكهرباء بطرق إجبارية ستعلن عنها لاحقا بعد فشلها في طرق التوعية التي كانت تستخدمها سابقا، وجعل الطاقة الكهربائية «مقدسة» لا يمكن التجاوز عليها.

وحول إشاعات المواطنين بأن تحسن الطقس يقف وراء تحسن الكهرباء، وأنها ستعاود انقطاعها بعد زيادة الطلب عليها في الشتاء، قال المدرس «الوزارة وضعت في الاعتبار زيادة الأحمال خلال الشتاء والصيف المقبلين من خلال إدخال وحدات توليدية إلى الخدمة عند ارتفاع الأحمال»، متوقعا أن يتم التخلص من المولدات الأهلية خلال الشهرين أو الأشهر الثلاثة المقبلة.

وبشأن ذلك، يقول المواطن تحسين عدنان، من منطقة البياع (جنوب بغداد) «نتمنى أن تكون وعود الكهرباء حقيقية هذه المرة ولا تعود للتذرع بالإرهاب تارة وبالمتجاوزين على الشبكة تارة أخرى، وأقترح أن يجري الاعتماد على استخدام العدادات الذكية وجداول الأسعار لترشيد الاستهلاك يراعى فيه الطبقة الفقيرة، كأن تكون أول 500 وحدة صرف مجانية (وهذه ستشمل حتما الطبقة الفقيرة فقط) وإذا زاد الصرف على 500 وحدة لغاية 1000 وحدة يكون السعر هو 10 دنانير عن كل الوحدات المصروفة.. وهكذا».

أما المواطنة أم علياء من منطقة الشعب فقالت «عودة الكهرباء تعني الخلاص من مشاكل اجتماعية ونفسية ومالية أيضا، وتحقق طفرة صناعية للكثير من المشاريع المتوقفة بسبب أزمة الطاقة، نتمنى أن تكون الوعود صادقة هذه المرة».

ولعل الوحيدين الذين تضرروا من عودة التيار الكهربائي من جديد هم أصحاب المولدات الأهلية الذين وجدوا في تحسن الطاقة خرابا لأرزاقهم، وراحوا يصرون على أن تلك الزيادة في التجهيز مؤقتة وستعود الحاجة إليهم أكثر من السابق في الشتاء المقبل، في وقت ارتفعت فيه مطالبات الأهالي بتخفيض أجور الاشتراكات الشهرية بسبب تحسن الطاقة الوطنية، ويستعد فيه آخرون إلى بيع مولداتهم والبحث عن عمل آخر بعد سنوات من الكسب الوفير من هذه المهنة التي انتشرت في العراق بعد عام 2003.

ويعاني العراق نقصا في الطاقة الكهربائية منذ بداية سنة 1990، وازدادت ساعات تقنين التيار الكهربائي بعد عام 2003، في بغداد والمحافظات، بسبب قدم الكثير من المحطات بالإضافة إلى عمليات التخريب التي تعرضت لها المنشآت خلال السنوات الماضية، حيث ازدادت ساعات انقطاع الكهرباء عن المواطنين إلى نحو عشرين ساعة في اليوم الواحد.