مجلس الأعيان الأردني الجديد: عودة رموز التيار المحافظ وغياب الإسلاميين

ضم 43 وزيرا سابقا وشخصيات لها باع في القانون والاقتصاد.. وتسع نساء

TT

انشغلت النخب السياسية والأوساط الشعبية في الأردن خلال اليومين الماضيين بتركيبة مجلس الأعيان الجديد التي أعلن عنها الخميس الماضي، بعد أن غابت عن رئاسة المجلس الشخصية الديمقراطية طاهر المصري، بينما طغت على تشكيلته رموز التيار المحافظ والبيروقراطي.

وعين العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مساء الخميس الماضي مجلس أعيان جديدا من 75 عضوا برئاسة عبد الرؤوف الروابدة، وهو برلماني مخضرم وأول رئيس وزراء في عهد الملك عبد الله الثاني. وكان غياب المصري عن تشكيلة مجلس الأعيان الجديد الحدث الأبرز داخل الساحة السياسية الأردنية، لدرجة أن أوساطا سياسية رجحت أن إبعاده عن المجلس قد يعني التمهيد لتسميته رئيسا للوزراء مستقبلا.

لكن المصري نفى أن يكون خروجه من تشكيلة الأعيان مقدمة لتسلمه موقع رئاسة الحكومة. وقال إنه لا توجد أي خطط لتكليفه بتشكيل حكومة جديدة في الأردن، وأنه لم يبلغ بأي شيء عن أي موقع مستقبلي في الدولة الأردنية.

وتلقى المصري، الذي «فوجئ» كغيره من النخب السياسية الأردنية بعدم التجديد له في رئاسة مجلس الأعيان، اتصالا من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مساء الخميس، أي قبل إعلان تشكيلة مجلس الأعيان بـ45 دقيقة، ليبلغه بأنه لن يكون رئيسا لمجلس الأعيان. وأثنى الملك خلال الاتصال الهاتفي على أداء المصري ووصفه بأنه «سياسي نبيل».

ومجلس الأمة الأردني (البرلمان) يتألف من مجلس الأعيان ومجلس النواب. وحسب الدستور الأردني يعين الملك أعضاء مجلس الأعيان الذي يوصف بأنه «مجلس الملك» ويتألف من 75 عضوا. وترسل إليه جميع التشريعات التي تقر من مجلس النواب (150 عضوا منتخبين من الشعب) لإقرارها أو تعديلها.

ووصف النائب خميس عطية تشكيلة مجلس الأعيان الجديدة بأنها تعبير عن عودة تيار الإدارة العامة لمفاصل القرار السياسي في الدولة الأردنية، بعد أن غلبت عليها شخصيات محسوبة على التيار المحافظ وأخرى لها باع طويل في الوظيفة العامة.

وغاب عن التشكيلة رؤساء وزراء تسلموا مواقعهم في عهد الملك عبد الله الثاني «المملكة الرابعة»، وصفوا بأنهم شخصيات إصلاحية خاصة رئيس الوزراء الأسبق عون الخصاونة الذي كان خاض معركة كبرى مع أقطاب المحافظين في قضية قانون الانتخاب بعد أن أرسل مشروعا إصلاحيا إلى مجلس النواب يلغي قانون الصوت الواحد ويعطي للناخب صوتين في الدائرة الفردية إضافة إلى صوت للقائمة الحزبية. إلا أن المشروع شهد تغييرا جوهريا عقب استقالة حكومة الخصاونة، جرى على أثره إعادة الصوت الواحد للدائرة الفردية وتخصيص 27 مقعدا للدائرة على مستوى الوطن من أصل 150 مقعدا.

كما خلت تشكيلة مجلس الأعيان من رئيس الوزراء الأسبق الإصلاحي الدكتور عدنان بدران، ورئيس الوزراء الأسبق والبرلماني المخضرم المهندس علي أبو الراغب. وغاب عن التشكيلة أيضا جميع رؤساء الحكومات في عهد الملك الراحل الحسين بن طلال.

وتساءلت نخب سياسية في الأردن عن أسباب غياب المعارضة عن مجلس الأعيان ورموز الحراك الشعبي الذي ظهر على الساحة السياسية خلال مرحلة الربيع العربي. وكان واضحا أن التشكيلة أيضا لم تضم أي شخصية محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين أو قريبة منها، بخلاف مجالس الأعيان السابقة التي ضمت شخصيات من قيادات جماعة الإخوان المسلمين مثل المراقب العام السابق للجماعة عبد المجيد ذنيبات، وشخصيات إسلامية مثل الدكتور عبد الله العكايلة، والدكتور بسام العموش، والإسلامي عبد الرحيم العكور.

ووجهت انتقادات للتشكيلة الجديدة لمجلس الأعيان حتى من التيار التقليدي المناطقي الذي يرى فيها أنها إعادة تدوير للمواقع من خلال إعادة تعيين غالبية الوزراء السابقين في مجلس الأعيان، إذ ضمت التشكيلة 43 وزيرا سابقا، وهو رقم كبير قياسا بمجالس أعيان سابقة، علاوة على وجود أربعة رؤساء حكومات سابقين في التشكيلة.

وضم مجلس الأعيان الجديد وجوها اقتصادية بارزة، مثل رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي، والدكتور رجائي المعشر، والدكتور جواد العناني والدكتور محمد الحلايقة. كما دخل إلى المجلس خبراء في القانون ورجال قضاء، مثل الدكتور كمال ناصر، ورئيس محكمة التمييز السابق محمد صامد الرقاد، والقاضية الدولية العضو في محكمة الجنايات الدولية تغريد حكمت، وهي أول قاضية عربية ومسلمة تكون عضوا في المحكمة الجنائية الدولية. كما ضمت التشكيلة الشخصية المعروفة على المستوى الدولي وزير الخارجية السابق عبد الإله الخطيب، والكاتب الصحافي صالح قلاب، إضافة إلى الشاعر حيدر محمود.

وأبدت الحركة النسوية الأردنية ارتياحها للتشكيلة لأنها ضمت تسع نساء غالبيتهن من أقطاب الحركة النسائية، مثل اميلي نفاع واسمى خضر ومي أبو السمن ونوال الفاعوري، إضافة إلى ناشطات وقياديات لهن تأثير في مجالهن مثل التربوية هيفاء النجار ورائدة القطب.

وضمت التشكيلة، التي غاب عنها الإسلاميون ورموز المعارضة، ثلاثة يساريين وهم البرلماني المخضرم بسام حدادين والوزير السابق المهندس موسى المعايطة، إضافة إلى الشيوعية اميلي نفاع.