«الولاية الرئاسية الرابعة» تؤجج الصراع بين فريق يدعم بوتفليقة وآخر يعارض استمراره في الحكم

بن بيتور لـ «الشرق الأوسط»: الجزائر تعاني من أزمة متعددة الأبعاد

عبد العزيز بوتفليقة
TT

تحتدم معركة سياسية قوية حاليا في الجزائر، بين طرف يدعم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بقوة ويدفعه إلى الترشح لولاية رابعة بمناسبة انتخابات الرئاسة المنتظرة بعد ستة أشهر، وطرف يعارض استمرار بوتفليقة في الحكم بحجة أن حصيلة حكمه كانت سلبية وأنه «كرس الحكم الفردي».

وزاد عمار سعداني، أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني الجزائرية (أغلبية برلمانية)، في حدة المعركة عندما قال أول من أمس في لقاء بمناضلي الحزب في البليدة (50 كلم جنوب العاصمة) إن «جبهة التحرير تناشد بوتفليقة الترشح لولاية رابعة». وقال بالتحديد في قاعة مليئة بالمناضلين هتفوا بحياة الرئيس: «الإنجازات التي تحققت في عهده تدفع بنا إلى مناشدته الاستمرار في الحكم». وفي نفس اليوم ونفس المنطقة، قال وزير النقل عمر غول، وهو أيضا رئيس حزب «تجمع أمل الجزائر»، إن «ماضي بوتفليقة في الجهاد (ضد الاستعمار الفرنسي) شاهد على مكانة الرجل. زيادة على ذلك هو مهندس المصالحة الوطنية التي بفضلها عاد الأمن والاستقرار إلى الجزائر. فكيف لا نطلب ولاية أخرى لرجل بمثل هذه الصفات؟». ويعد غول من أشد المسؤولين السياسيين ولاء للرئيس، وهو حاليا بصدد خوض حملة مبكرة لدعم ترشح بوتفليقة لفترة رئاسية جديدة. وقد انخرط في هذه الحملة وزير الصناعة ورئيس حزب «الحركة الشعبية الجزائرية» عمارة بن يونس، الذي صرح للصحافة بأن بوتفليقة «سيجدنا بجانبه مساندين له بمجرد أن ينطق برغبته الاستمرار في الرئاسة».

ويعد سعداني وغول وبن يونس من أكثر المقربين من «جماعة الرئيس»، التي تربطها صلات متينة برجال الأعمال الذين وفروا التمويل اللازم لحملات بوتفليقة في انتخابات الرئاسة في 2004 و2009، وحصلوا بالمقابل على مشاريع عادت عليهم بأموال طائلة، خصوصا في قطاعات الأشغال العمومية والنقل (مشاريع الطريق السيار، ومترو العاصمة وترامواي بعدة مدن في البلاد). وهؤلاء مستعدون من جديد لتمويل حملة أخرى للحفاظ على المكاسب.

وفي الجهة المقابلة، يسعى قادة أحزاب ونشطاء في جمعيات ومنظمات إلى قطع الطريق أمام فوز بوتفليقة المحتمل بولاية رابعة. ويقود هذا المسعى رئيس حزب «جيل جديد» سفيان جيلالي، ورئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور ورئيس حزب عهد 54، فوزي رباعين، ورئيسا «حركة مجتمع السلم» و«حركة النهضة» الإسلاميتان، عبد الرزاق مقري وفاتح ربيعي.

وفي العادة، ترمي «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» بثقلها عندما يتعلق الأمر بمعارضة الرئيس بوتفليقة، لكن الضعف الذي تعاني منه حاليا بسبب خلافات داخلية، حال دون تعاطيها مع الجدل الذي يدور حول ما يسمى «الولاية الرئاسية الرابعة» ويعبر المعارضون عن رفضهم استمرار بوتفليقة في الحكم، في تجمعات بأنصارهم تنقلها فضائيات خاصة حديثة النشأة والصحف المستقلة عن الحكومة، بينما تقاطعهم وسائل الإعلام الثقيلة العمومية خاصة التلفزيون الذي يروج لـ«إنجازات الرئيس» على الدوام.

وقال بن بيتور، المرشح للرئاسة، في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «أستغرب لهذا الخطاب الذي يصور لنا الجزائر وكأنها جنة، بينما الحقيقة هي أن البلاد تعاني من أزمة متعددة الأبعاد، سياسية وثقافية واقتصادية ودبلوماسية، وأزمة هوية أيضا. فعلى الصعيد الاقتصادي، ليس خافيا أن البلاد تشهد تبعية غير مسبوقة للمحروقات زيادة على تفاقم حجم الريع وانعدام النمو الاقتصادي». وأضاف أن «توفر الغاز غير التقليدي في أماكن كثيرة من العالم، سيجعل الكثير من زبائن الجزائر في غنى عن نفطها في المستقبل ولو نزل سعر برميل النفط إلى 70 دولارا، لن تجد الدولة دينارا واحدا للإنفاق على التجهيز». وتابع: «98 في المائة من المداخيل بالعملة الصعبة، مصدرها بيع المحروقات، و75 في المائة من الجباية مصدرها النفط، وهذه التبعية تؤكد مدى حاجتنا لإعادة بناء الاقتصاد».