خلافات حادة داخل الحكومة الإسرائيلية عشية إطلاق سراح أسرى فلسطينيين

السلطة تجدد رفض مقايضتهم بالاستيطان وتستعد لاستقبالهم غدا

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدى وصوله إلى اجتماع الحكومة الأسبوعي في القدس أمس (رويترز)
TT

فجرت قضية إطلاق سراح الدفعة الثانية من الأسرى الفلسطينيين والمقرر غدا (الثلاثاء)، خلافات كبيرة بين الوزراء الإسرائيليين، مما حدا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للدفع بمزيد من عمليات بناء وحدات استيطانية جديدة في الضفة الغربية، في محاولة لاستمالة أو «رشوة» اليمين الإسرائيلي، الذي هدد بسن قوانين تمنع إطلاق سراح الأسرى إلا ضمن صفقات تبادل.

وقال نتنياهو أمس في مستهل جلسة الحكومة الإسرائيلية، إن «أي قرار ستتخذه الحكومة بشأن الأسرى يلزم جميع الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي به». وأضاف: «يجب تنفيذ القرارات الحكومية الخاصة بالملف الفلسطيني وإن كان الأمر صعبا أو غير مريح».

ومن المفترض أن تكون لجنة وزارية خاصة يرأسها نتنياهو نفسه اجتمعت بالأمس، وحددت أسماء نحو 26 أسيرا فلسطينيا سيطلق سراحهم في وقت متأخر الثلاثاء، ضمن اتفاق سابق بين السلطة وإسرائيل، برعاية أميركية. وأثار إطلاق الدفعة الجديدة، جدلا كبيرا في إسرائيل وفلسطين.

وهدد وزير الاقتصاد الإسرائيلي، نفتالي بينت، وهو مسؤول حزب «البيت اليهودي»، بسن قوانين في الكنيست تمنع إطلاق سراح أسرى ضمن المفاوضات، وإنما فقط عبر صفقات تبادل.

وتبادل بينت مع وزيرة القضاء الإسرائيلية، ومسؤولة ملف المفاوضات، تسيفي ليفني، الاتهامات بشأن إطلاق سراح الأسرى. وبعدما أكدت ليفني في جلسة خاصة لبحث المسألة أنه يجب الالتزام بالاتفاقات والإفراج عن الأسرى، انفجر بينت في وجهها، وقال إنه «من غير المقبول أن نطلق سراح أسرى فقط من أجل أن تلتقي ليفني مع صائب عريقات»، كبير المفاوضين الفلسطينيين.

وعد بينت إطلاق سراح «القتلة» إجراء غير مقبول، لـ«تبرير وجود ليفني في الحكومة وتسليط الضوء عليها». وردت ليفني بأن على بينت أن يتحسب من أقواله ويعي ما يقول وما هي تداعيات ذلك.

وانضم وزراء في «الليكود» إلى بينت، وأعرب القطب الليكودي وزير المواصلات، يسرائيل كاتس، كذلك عن معارضته للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، وقال إنه سيدعم مشروع القانون اليميني المطروح بحظر الإفراج عنهم إلا في إطار صفقات تبادل.

وقال داني دانون، وهو مسؤول آخر كبير في «الليكود»، إنه ضد إطلاق سراح الأسرى، وأضاف: «هذا يعد تشجيعا للإرهاب، والمسؤولية تقع على عاتق رئيس الحكومة وعليه أن يتحمل تبعات ذلك، وليس ليفني وحدها».

وانتقل الخلاف من الوزراء إلى أحزابهم، إذ حذر عمير بيرتس، وزير حماية البيئة، الذي ينتمي إلى حزب «الحركة» الذي تقوده ليفني، من خطورة تداعيات ما وصفه بـ«التحريض الذي يمارسه حزب البيت اليهودي وأتباعه وصولا إلى حد الكارثة».

ووصف بيرتس أعضاء حزب البيت اليهودي بـ«المنافقين» لكونهم «ينعمون من جهة برغد السلطة، بينما يهاجمون الحكومة من جهة أخرى لقرارها الإفراج عن السجناء الفلسطينيين رغم مشاركتهم في التصويت على هذا القرار».

ورفضت رئيسة كتلة البيت اليهودي، النائبة أييليت شاكيد، انتقادات بيرتس لحزبها. وقالت إن «المفاوضات مع الفلسطينيين لن تتمخض عن أي نتيجة، سوى إطلاق سراح مخربين قتلة، وهذا أمر حقير أخلاقيا وظالم سياسيا».

وفي رام الله وغزة، تستعد السلطة لاستقبال الدفعة الثانية من الأسرى وسط جدل كذلك، إذ قالت مصادر في إسرائيل إن إطلاق سراح الأسرى يجري مقابل دفع الاستيطان، وإن جزءا من الأسرى سيجري إبعادهم من الضفة لقطاع غزة.

وقالت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، إن نتنياهو سوف يعلن في الأيام القريبة طرح عطاءات لبناء 1700 وحدة استيطانية جديدة في القدس والضفة الغربية، بهدف «خلق حالة توازن مقابل إطلاق سراح الدفعة الثانية من السجناء».

وأشارت الصحيفة إلى أن 1500 وحدة من الوحدات الاستيطانية المزمع بناؤها، سوف تقام في مستوطنة «رمات شلومو» في القدس الشرقية، بينما ستقام 200 وحدة استيطانية أخرى في تجمعات استيطانية أخرى في الضفة الغربية.

وبحسب الصحيفة، فإن «نتنياهو أبلغ (وزير الخارجية الأميركي جون) كيري خلال اجتماعهما يوم الأربعاء الماضي في روما عن خطة البناء هذه».

وفي الوقت نفسه، قال موقع «واللا» العبري، نقلا عن مصادر مطلعة، إن قائمة الأسرى الثانية، ستتضمن أسماء يصفهم المستوى الأمني الإسرائيلي بـ«الخطيرين»، وإن نتنياهو قرر إبعاد بعضهم إلى قطاع غزة.

وأضافت المصادر: «هذه القائمة ستشهد سجناء معروفين وخطيرين، ولن تشمل أي أسير فلسطيني من القدس ولا من إسرائيل (داخل أراضي عام 48)».

وتلقفت حركة حماس التسريبات الإسرائيلية، وقال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم: «نحن مع إطلاق سراح أي أسير فلسطيني من سجون العدو، فهذا حقه أن يعيش مع أهله وذويه حرا كريما، ولكن من دون مقايضة بأي حق من حقوق شعبنا، فالأسرى بحاجة إلى صفقات مشرفة ومن دون تمييز أو اجتزاء».

وردت السلطة فورا، قائلة إنها ترفض المقايضة في إطلاق سراح الأسرى سواء في ما يخص المستوطنات أو الإبعاد.

وأعلن وزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، أن اتفاق الإفراج عن قدامى الأسرى من سجون الاحتلال، ينص على عدم إبعاد أي أسير من المفرج عنهم إلى خارج أرض الوطن، أو عن منطقة سكنه، وأن الاتفاق ينص على عدم استثناء أي أسير من الأسرى الذين اعتقلوا قبل 4-5-1994، وهو تاريخ إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية.