عمرو موسى: وساطتي لحسم «مواد الهوية» لم تفشل لأنها «لم تنته بعد»

رئيس «لجنة الخمسين» لوضع الدستور المصري أكد لـ «الشرق الأوسط» أن الجيش لم يطلب حصانات أو استثناءات

TT

قال رئيس «لجنة الخمسين» لوضع الدستور المصري، عمرو موسى، إن الجيش لم يطلب أي حصانات أو استثناءات في الدستور المقبل، وأضاف في حوار مع «الشرق الأوسط» أن وساطته لحسم مواد الهوية لم تفشل لأنها «لم تنته بعد». وقال موسى إن مواد الدستور الذي قارب على الخروج إلى النور، تحدد صلاحيات الرئيس وتعريفها وليس تقليصها، مشيرا إلى أن توصيف الرئيس هو أنه «الرجل الأول الذي يقود البلاد لكنه ليس الوحيد».

وشدد على الحاجة لمراجعة ما سماها «قوانين الاستثناءات» التي تسببت في الفساد. وفي ما يتعلق بما يتردد عن إلغاء مجلس الشورى، قال إن الأغلبية مع إلغاء هذا المجلس، لكن توجد أفكار لإعادة مجلس الشيوخ وفقا لمعايير محددة. وأضاف: «ليس لدينا رؤساء سابقون حتى يحصلوا على عضوية مجلس الشورى أو الشيوخ، وإنما لدينا رئيسان في السجن».

ومن تحت قبة مجلس الشورى، كان اللقاء مع عمرو موسى، حيث كان الحوار معه في قاعة قريبة من لجنة صياغة الدستور والتي بدأت عملها منذ ساعات. وبادر موسى قائلا: «نحن انتهينا من نصف المدة المحددة لوضع الدستور وانتقلنا إلى مرحلة الصياغة وحسم بعض الأفكار التي تتعلق ببناء الدولة على أسس تخدم التطورات والمستجدات الراهنة».

وكشف موسى عما يدور خلف الكواليس من موضوعات وقضايا مطروحة للنقاش، كما تحدث عن كل ما يثار من خلافات حول «لجنة الخمسين» ومدنية الدولة ومواقف حزب النور السلفي، كما نفى وجود أي استثناءات أو حتى حصانات جديدة في الدستور المقبل، قائلا عما نشر عن اجتماع مغلق له مع قائد الجيش، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، إنه «غير دقيق»، وأضاف: «نحن التقينا أكثر من مرة، والجيش لم يطلب حصانات أو استثناءات»، مشيرا إلى أن تحصين القضاء والبرلمان هدفه خدمة المجتمع وليس العمل ضده.. وإلى نص الحوار. وكشف موسى عما يدور خلف الكواليس من موضوعات وقضايا مطروحة للنقاش، كما تحدث عن كل ما يثار من خلافات حول «لجنة الخمسين» ومدنية الدولة ومواقف حزب النور السلفي، كما نفى وجود أي استثناءات أو حتى حصانات جديدة في الدستور المقبل، قائلا عما نشر عن اجتماع مغلق له مع قائد الجيش، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، إنه «غير دقيق»، وأضاف: «نحن التقينا أكثر من مرة، والجيش لم يطلب حصانات أو استثناءات»، مشيرا إلى أن تحصين القضاء والبرلمان هدفه خدمة المجتمع وليس العمل ضده.. وإلى نص الحوار.* إلى أين وصلت «لجنة الخمسين» في إنجاز الدستور؟

- وصلنا إلى منتصف المدة المقررة لوضع الدستور.. (وهي) شهران، وقد أنجزنا خلال الشهر الأول كل المناقشات حول الدستور وبدايات الصياغة والاتفاق على الموضوعات وتحديدها وتبويبها، وبعد أسبوع سنبدأ في صياغات الدستور في صورتها النهائية وسنناقش من الغد الحريات وضمانات الحرية وسيجري عليها التصويت الأولي، ووفق نظام العمل فكل مادة نتفق عليها نقوم بالتصويت عليها.

* نفهم أنه جرى الانتهاء من وضع الدستور بالكامل؟

- بالفعل انتهينا من وضع الدستور، وعلى سبيل المثال هناك مواد مستحدثة ومواد مكررة ومواد معدلة وأخرى ملغاة، والتعديل نفسه هو ما بين تعديلات لغوية بسيطة وجذرية. فالمستحدثة هي التي تغطي فراغات في دستور 2012 وتأخذ في الاعتبار الظروف المستجدة، مثل عدد من الحقوق التي كانت غائبة والإجراءات المتعلقة بالسلطة الرئاسية الخاصة بالرئيس وسلطة رئيس مجلس الوزراء، وهكذا. أما المكررة فمثل مادة الشريعة كما هي حرفيا - المادة الثانية. أما الذي جرى إلغاؤه فهو يتعلق بما جرى وضعه من تزايد، مثل سلطة المجتمع في تأديب الناس، وهكذا. ومن ثم قمنا بإعادة المسؤولية لسلطة الدولة وضبط الأمور بدلا من إشراف جماعات محددة على سلوك الناس.

* ماذا عن الخلافات والمشاكل التي تواجه عمل اللجنة؟

- توجد خلافات بالفعل ولكنها إيجابية، لأن هذا هو جزء من النقاش الديمقراطي. والفرق ما بين اللجنة الراهنة واللجنة السابقة عليها في 2012 أنه كانت اللجنة كلها تقريبا لونا واحدا في الفكر والتوجهات، أما هذه اللجنة فليست لونا واحدا لأن بها اليسار واليمين والمدني، وهكذا. ومن ثم الخلافات والاختلافات موجودة ومتوقعة، وهذا يعطي للدستور الجديد قوة.. وليس مجرد مجموعة تبدي رأيها، وإنما هي تناقش في محاولة للتوصل إلى ما هو معقول ومقبول ورصين.

* هل جرى حل الخلاف حول من سيقوم بصياغة الدستور؟ وهل حسم لصالح «لجنة العشرة» أم «لجنة الخمسين»؟

- الصياغة سوف تقوم بمراجعتها «لجنة العشرة» لضبط أمورها، أما «لجنة الخمسين» فسوف تراجع وسوف تصدر بعدها الصياغة النهائية.

* ما هي الصيغة التي استقر عليها الأمر بالنسبة لما سمي بتقليص صلاحيات الرئيس؟

- المسألة بالضبط هي تحديد سلطات الرئيس أو تعريفها. ويجب أن يكون لدينا رئيس تحترم سلطاته ويحترم شخصه، رئيس يقوم بقيادة البلاد، ولكن ليس وحده.. وهنا يأتي الضابط الرئيس لسلطة الرئيس، أي هو الرجل الأول في الدولة ولكنه ليس الرجل الوحيد.

* وإنما هناك مسؤوليات أخرى كما ورد في الدستور الذي يعد حاليا وبين أيديكم؟

- هناك مسؤوليات رئيس مجلس الوزراء ومسؤوليات البرلمان والسلطة القضائية والتي يجب ألا يكون بها تدخل.

* ماذا عن مجلس الشورى؟ هل سيجري إلغاؤه أم الإبقاء عليه؟

- مجلس الشورى عليه خلاف. ورقم واحد أن هناك إجماعا على ضرورة إلغائه، والأمر الثاني هناك خلاف حول استبدال به مجلس شيوخ بسلطات تشريعية محددة، وأن تكون السن الدنيا لأعضائه أربعين سنة كي تتوفر الخبرة، وأن يكون العضو حاصلا على شهادة عليا. وهناك جزء مهم وهو ضرورة وضع معايير لهذا المجلس، منها ألا يكون مجاملا في اختياراته، وأن يكون له سلطة مكملة للتشريع، وبالتالي يبحث القانون في مجلسين (غرفتين).

* ألا يعطل هذا آلية إنجاز العمل؟

- نحن نعاني من مجموعة من القوانين الركيكة التي وضعت خلال سنوات سابقة وكان يشوبها طابع الشخصنة، وبالتالي عندما يكون هناك غرفتان - حتى ولو على حساب الوقت - فهناك فائدة لوجود مجلس الشيوخ. وأنا أذكر أنه في حقبة الأربعينات من القرن الماضي، صدر القانون المدني بالعظمة التي يتميز بها. إذن مجلس الشيوخ يؤدي واجبا معينا ومهما في تأكيد الكفاءة التشريعية، وليس مجرد مجلس لا رأي له ولا شورى. وبالتالي سيكون مجلس الشيوخ بمعايير محددة، وعدد أقل، واحتياجات منصوص عليها، وشهادة أعلى، واختصاص تشريعي ثابت، وألا يتعرض لأمور هي: الميزانية والاستجواب وإسقاط الحكومة وسحب الثقة. ويجري الاكتفاء بمهمة معينة هي الجودة التشريعية وتأكيدها ودوره التشريعي واضح. أضف إلى ذلك أن مصر عاشت مشكلة كبيرة وهي القوانين السابقة التي تحتاج لمراجعة، خاصة مع إعادة بناء البلد، وهناك قوانين كثيرة كانت تتحدث عن استثناءات وهي سبب من أسباب الفساد، وبالتالي يمكن لمجلس الشيوخ أن يقوم بمراجعة هذه القوانين.

* هل أنت مع الإجماع بإلغاء مجلس الشورى أم مع الصوت الذي يطالب بعودة مجلس الشيوخ؟

- أنا مع الغالبية في إلغاء مجلس الشورى، ومع عدد كبير من الأعضاء في ضرورة إعادة مجلس الشيوخ القديم الذي كان يقوم باختصاصات مهمة جدا في تنظيم حياة المجتمع.

* هل يستغرق إعادة بناء مجلس الشيوخ وقتا على حساب توقيت انتهاء «لجنة الخمسين» من عملها؟

- سوف نكثف ساعات العمل وسيكون لدينا اجتماعات ثلاثية على مدار اليوم وحتى المساء، وبالتالي يمكن إنجاز كل ما نريد عمله لصالح مصر وما تحتاجه في مرحلة البناء.

* ماذا عن حكاية تحصين الرئيس ومنحه عضوية في مجلس الشورى مدى الحياة؟

- هناك أفكار لأن يحصل الرؤساء السابقون على عضوية مجلس الشورى، وهذه لم نصل إليها ولم تدخل في مرحلة الصياغة، وهي مجرد أفكار يطرحها البعض ولم تحسم.

* إذن، هل سيجري استبعادها من الدستور في تقديرك؟

- هناك بعض الشخصيات متحمسة لهذا الطرح في مجلس الشيوخ باعتباره مجلسا مطلوبا أن يضم كفاءات وخبرات، وعليه فمن المفترض أن ينضم له رؤساء الوزراء السابقون أو رؤساء الجمهورية السابقون.. وفي مصر لا يوجد رؤساء جمهورية سابقون، وإنما لدينا اثنان في السجن.. وبالتالي فلن يكونا في مجلس الشيوخ على الأقل في المستقبل المنظور. وإنما هناك عدد من رؤساء الوزارات - طالما أنه ليس عليهم شيء وغير متهمين بقضايا - يمكن انضمامهم إلى مجلس الشيوخ في حال التوافق حولهم.. إنما - حتى الآن - كل هذه مجرد أفكار مطروحة وليست مواد متفقا عليها أو جرى صياغتها.

* ماذا عن الحصانات التي تطرح هنا أو هناك؟

- لا شيء جديد في هذا، هناك حصانة قضائية وبرلمانية معروفة، وإنما الجديد هو تحديد هذه الأمور، وأن هذه الحصانة لا تعني أبدا أن يكون الشخص استثناء على المواطنين، وأن التحصين يكون من أجل خدمة المواطنين وليس استخدامه ضدهم أو التكبر عليهم أو خرق القوانين أو الإساءة للناس.

* هل طلبت القوات المسلحة حصانات بعينها كما يتردد؟

- لا أبدا.. وإنما هناك ظروف خاصة موجودة وقد تتطلب بعض الصياغات المطلوبة لفترة معينة، وليس من بينها حصانة أو تمييز بعينه. وحتى هذه الأمور المعينة هذه التي أشرت إليها ما زال النقاش دائرا حولها وليست محل اتفاق نهائي بعد.

* هل كما ذكرت بعض الصحف أن لقاء مغلقا جرى بينكم وبين الفريق أول عبد الفتاح السيسي بشأن طلبات محددة؟

- ما ذكر في الصحف غير دقيق.. وقد اجتمعت معه أكثر من مرة بالفعل، أما تعبير «مغلق» هذا فغير مفهوم بالمرة.

** البعض يتحدث عن فشل وساطة قمت بها لحسم مواد الهوية في الدستور؟

- لم تفشل وساطتي لأنها لم تنته بعد.

* حزب النور السلفي يتمسك بالمادة «219» المتعلقة بالشريعة، والكنيسة تطالب بتعديل مادة «أهل الكتاب».. هل جرى حسم هذه المطالب؟

- فعلا «النور» متمسك بالمادة «219»، والكنيسة عندها صياغات مطروحة، وحزب النور يطرح المادة الخاصة به وكذلك الأزهر، وكلها أفكار تحت البحث معا.

* هل تتوقع أن تعطل هذه المواد التوقيت المحدد لإنجاز الدستور؟

- أتوقع أنه سيجري الاتفاق عليها في ظرف وقت قصير، وبما يرضي جميع الأطراف.

* ما هي نتائج اللقاء مع شيخ الأزهر؟

- في الحقيقة شيخ الأزهر رجل مستنير وواسع الأفق، ويعلم طبيعة الشعب المصري الذي يجمع مسلمين ومسيحيين، وبالتالي الحديث معه يؤدي إلى مزيد من الاستنارة والاحترام للإمام الأكبر.

* هل جرى حسم مدنية الدولة؟

- اتفق عليها بأن الحكومة مدنية وليست دينية.

* ما حقيقة ما يتردد عن مشاركة الأعضاء الخمسين الاحتياطيين والخلافات حول هذا الموضوع؟

- هم شاركوا في الفترة الأولى أثناء النقاش والصياغات الأساسية التي بدأت، والآن ندخل في مرحلة الصياغات والتصويت، وهذا يخص أعضاء «لجنة الخمسين» الأصليين فقط. ومع ذلك سوف نعقد كل فترة اجتماعا عاما شاملا يحضره «لجنة الاحتياطيين» كي نضعهم في الصورة ويعبروا عن آرائهم. وسوف تقوم «لجنة الخمسين» بالصياغة ثم تقوم «لجنة العشرة» بالمراجعة وتضع الصورة النهائية، ثم ترد مرة ثانية إلى «لجنة الخمسين» للقراءة الأخيرة والتصويت عليها.

* هل كل هذه الإجراءات تستغرق شهرا فقط؟

- على الأقل سوف ننجز كل شيء.

* مصر إلى أين؟ وكيف تراها؟

- الفوضى القائمة تعطي إشارات، وأول إشارة لها أن هناك إصرارا لدفع البلاد نحو الهاوية. والثانية أن الشعب والمجتمع أصبح في غاية الضيق مما يحدث والذي يهدد حياته واستقراره. والثالثة أن الدولة ليست فقط هي التي تقف في وجه هؤلاء، وإنما المجتمع.. ودائما نرى المواطنين وضيقهم من المظاهرات غير السلمية، وهذا كله لن يستمر طويلا مثل الاعتداءات والفوضى والعنف، لأن المجتمع بدأ يرفض كل هذه المظاهر السلبية والدولة تستعيد سلطاتها.

* يوم 4 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي، وهناك توقعات بأعمال عنف يقوم بها الإخوان، هل تتوقع تصعيدا يؤثر على البناء السياسي الذي تقوم به الدولة حاليا؟

- أرجو ألا (يكون) هذا، وأن تكون المحاكمة واضحة وعادلة، كما نطالب بهذا للرئيس الأسبق ولكل مواطن.

* ممن تقلق؟

- الذي يقلص مساحات القلق إنجاز بنود خارطة المستقبل، ولذا نريد أن ننجز الدستور في موعده، وكذلك إجراءات الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.. وكل هذا يعطي الاستقرار المنشود للبلاد وتنتقل البلاد من المرحلة الانتقالية إلى مرحلة الاستقرار.

* كيف ترى أداء الحكومة، والاحتجاج على سوء الإدارة؟

- الوزارة بها عناصر كثيرة تقوم بواجبها حتى بين الجماهير، مثل وزراء الإسكان والتموين والتجارة والصناعة والخارجية، وأرجو أن تظهر نتائج جهدهم بشكل مرض للشعب.