حزب النور السلفي يضغط لحذف «مدنية الدولة» من مقدمة الدستور المصري

تسريبات عن موافقة «لجنة الخمسين».. والاحتياطيون يهددون بالانسحاب

TT

يضغط حزب النور السلفي لحذف وصف «مدنية الدولة» من مقدمة الدستور المصري، وسط تسريبات عن استجابة «لجنة الخمسين» المنوط بها تعديل الدستور لضغوط «النور»، في وقت هدد فيه الأعضاء والاحتياطيون بالانسحاب بسبب منعهم من المشاركة في حضور الجلسات المغلقة لوضع الصياغة النهائية لوثيقة الدستور الجديد.

وقال مصدر مطلع في لجنة الدستور إن لجنة الصياغة حذفت كلمة «مدنية الدولة» من مقدمته، والتي توافق عليها غالبية أعضاء لجنة الخمسين، ليبقى نص المادة كما هو في دستور عام 2012 المعطل. وكشف المصدر عن أن حزب النور السلفي الذي شارك في وضع خارطة الطريق مع الجيش وقيادات أزهرية وكنسية، مارس ضغوطا على لجنة الصياغة بحيث يجري حذف كلمة «مدنية» من المادة الأولى، مقابل دمج المادة الثانية مع المادة 219 (المفسرة لمبادئ الشريعة الإسلامية) وهي المادة المثيرة للخلاف في بند مواد الهوية.

وأكد المصدر، الذي طلب عدم تعريفه، لـ«الشرق الأوسط» أن «خلافا شهدته لجنة الدستور بعد حذف كلمة مدنية»، لافتا إلى أن أعضاء لجنة الخمسين حرصوا على وضع كلمة مدنية للتأكيد على هوية الدولة انطلاقا من مطالب القطاعات العريضة من الشعب التي تطالب بمدنية الدولة، وأن «المدنية هنا تعني أن مصر ليست دولة عسكرية ولا دينية».

فيما يرى مراقبون أن دمج المادتين الثانية و219 التي وضعها الإسلاميون في الجمعية التأسيسية السابقة التي استحوذ على أغلبيتها جماعة الإخوان المسلمين، حل توافقي لعودة المادة 219، بهدف استرضاء حزب النور السلفي الذي حارب على وضعها في الدستور السابق، خوفا من مقاطعة التيار الإسلامي للاستفتاء على مسودة الدستور الجديد أو الحشد للتصويت بـ«لا» عليها.

وتنص المادة 219 في دستور عام 2012 المعطل على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة».

وأكد قيادي في حزب النور أن «الحزب يوافق على هذه الصياغة بعد حذف جملة (حسب مذاهب السنة والجماعة)، وعلى أساس أنها عرفت مبادئ الشريعة الإسلامية بغير التعريف الذي وضعته المحكمة الدستورية عام 1996 وهو أن كلمة مبادئ تعني المبادئ قطعية الدلالة والثبوت».

يأتي هذا في وقت شهدت فيه الجلسة المغلقة لمناقشة المسودة الأولى لمشروع الدستور أمس، اعتراض عدد من أعضاء لجنة الخمسين على سرية الجلسات وعدم حضور الأعضاء الاحتياطيين. وقال المصدر إن «الأعضاء الاحتياطيين هددوا باستقالات جماعية».

ويعد تعديل الدستور المعطل، الذي أقره المصريون في استفتاء شعبي عام 2012، أول خطوة في خريطة المرحلة الانتقالية، التي أعلنها الرئيس المؤقت عدلي منصور في إعلان دستوري في الثامن من يوليو (تموز) الماضي، على أن يتبعه إجراء انتخابات برلمانية ثم رئاسية خلال تسعة أشهر من إصدار ذلك الإعلان.

من جانبه، قال المصدر المطلع بلجنة الخمسين إن اللجنة حسمت جزءا كبيرا من مواد الهوية (وتضم الأربع مواد الأولى من الدستور)، وحسمت خلافات بشأن وضع المسلمين والمسيحيين واليهود، بعد أن ظلت محل خلاف بين التيارات السياسية والدينية في الدولة الإسلامية التي يمثل فيها المسيحيون المصريون نسبة تتراوح بين 10 في المائة و15 في المائة، بينما لا يتجاوز عدد اليهود عدة مئات.

وأضاف المصدر أن «هناك انفراجة متوقعة بشأن مواد الهوية، خاصة بعد توافق ممثلي الأزهر والكنائس على بقاء المادتين الثانية والثالثة دون تعديل».

وتنص المادة الثانية على أن «الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع». بينما تنص المادة الثالثة على أن «مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشؤونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية».

وقال المصدر المطلع نفسه إنه «لا زال الخلاف مستمرا بشأن النظام الانتخابي الانتقالي، وهناك اقتراحان حيث يؤيد فريق تطبيق النظام الفردي لدورة برلمانية واحدة، بينما يرفض فريق آخر النظام الفردي ويطالب بالقوائم الحزبية النسبية»، لافتا إلى أن «اللجنة قد تلجأ إلى نظام مختلط من الفردي والقوائم بنسبة 50 في المائة لكل نظام».

وأضاف المصدر أن لجنة الخمسين استحدثت مادة تمنع عضو البرلمان من الترشح أكثر من مدتين برلمانيتين أو فصلين تشريعيين (10 سنوات)، على أساس أن هذا يمنع من الاحتكار للعمل البرلماني ويساعد في تجديد الدماء.

وشهدت جلسة مناقشة المسودة الأولى أمس، تقدم حسين عبد الرازق العضو الأساسي باللجنة بمذكرة إلى عمرو موسى رئيس اللجنة، بشأن مشاركة الاحتياطيين في الجلسات العامة. وقال عبد الرازق في المذكرة، إن هيئة المكتب تجاوزت اختصاصاتها وانتزعت لنفسها اختصاصات اللجنة العامة، باتخاذ قرار بعدم حضور الاحتياطيين اجتماعات اللجنة العامة للخمسين، المخصصة لمناقشة المسودة الأولى للدستور الجديد، وذلك دون الرجوع لأعضاء اللجنة.

وتابع عبد الرازق أن القرار بمنع الاحتياطيين يتضارب مع المادة الحادية عشرة المحددة لاختصاصات هيئة مكتب اللجنة في وضع جدول أعمال كل جلسة ومتابعة العمل داخل اللجنة واللجان الفرعية، وكذلك مع المادة الأولى من القرار الجمهوري، لكنه استطرد قائلا: «القول بأن حضور الأعضاء الاحتياطيين التصويت في الجلسات العامة يبطل التصويت، قول مرسل لا سند له من فقه أو قانون».

لكن محمد سلماوي المتحدث الإعلامي باسم لجنة الخمسين، قال في تصريحات خلال مؤتمر صحافي أمس، إن اللجنة أشادت بالدور الذي قام به الأعضاء الاحتياطيون في المرحلة الأولى، ولكن القرار الجمهوري نص على أن لجنة الخمسين (الأعضاء الأصليون) هي المنوط بها التصويت على المواد.