سقوط قتيلين آخرين في طرابلس.. والجيش يبدأ الانتشار في جبل محسن

وزير الداخلية اللبناني لـ«الشرق الأوسط»: خطة أمنية - اجتماعية نتائجها بعد 48 ساعة

TT

لا شيء يعلو فوق صوت الرصاص في طرابلس إلا الاتهامات والاتهامات المضادة بالمسؤولية عما يحصل، فيما تكاد تجمع المواقف السياسية على رفع الغطاء عن المتورطين في الاشتباكات بين منطقة جبل محسن ذات الأغلبية العلوية ومنطقة باب التبانة ذات الأغلبية السنية. لكن الواقع على الأرض يبقى مختلفا تماما ويشير إلى أن الجولة 18 من معارك عاصمة الشمال ستكون طويلة الأمد هذه المرة، وهذا ما يعلنه جهارا «قادة المحاور».

أسبوع على المعارك الدائرة على المحورين وصل خلالها عدد الضحايا إلى 12 قتيلا، اثنان منهم سقطا أمس في جبل محسن، وأكثر من ثمانين جريحا، ولا تزال، فيما يبدو، الخطة الأمنية التي بدأ تنفيذ الخطوة الأولى منها بعد ظهر أمس، غير قابلة للتطبيق.

وفي حين بات لسان حال أهالي المنطقة هو السؤال عن السبب الذي يمنع القوى الأمنية من اتخاذ قرار الحسم وإنهاء معارك طرابلس المفتوحة، يؤكد مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش قادر على القيام بمهمته على أكمل وجه في اللحظة التي يتخذ فيها القرار، لكن نتائج هذه الخطوة التي سبق أن نفذت في مخيم نهر البارد الفلسطيني في شمال لبنان، بعد دخول الجيش إليه والقضاء على مجموعة «فتح الإسلام» في عام 2007 ستترك آثارها السلبية على القوى الأمنية التي هي وليدة البيئة والمجتمع اللبناني، إضافة إلى احتمال سقوط عدد كبير من الضحايا من المدنيين والعسكريين، وهو الأمر الذي يقف لغاية الآن حاجزا أمام اتخاذ أي قرار مماثل.

وكانت الاشتباكات تراجعت أمس بين منطقتي التبانة وجبل محسن فيما استمر سماع أصوات الطلقات النارية المتفرقة مع تسجيل عمليات قنص على شارع سوريا والبراد والبيسار وسوق القمح، الحارة البرانية والبقار والأميركان، ما أدى إلى مقتل موسى أحمد المصري ومحيي الدين عبد اللطيف في جبل محسن، وفق ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام، مشيرة كذلك إلى أن وحدات من الجيش اللبناني بدأت بعد ظهر أمس الانتشار في منطقة جبل محسن، بدءا بالنافورة ومرورا بالمشارقة وصولا إلى حي الأميركان، وهي الخطوة الأولى من الخطة الأمنية المنوي تنفيذها بين جبل محسن والتبانة وفي أرجاء المدينة.

ورغم أن يوم أمس كان هادئا مقارنة بالأيام الستة الماضية، على محوري القتال، فإن إطلاق رصاص القنص بقي على حاله مع اشتباكات متقطعة طوال النهار، وهي الحال التي اعتادها أبناء طرابلس، أي ازدياد وتيرة المعارك ليلا وتراجعها نهارا، يؤكد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل، أن نتائج الخطة الأمنية في مدينة طرابلس ستظهر خلال 48 ساعة، مشيرا إلى أن خطة أمنية اجتماعية ستنفذ أيضا، في طرابلس بعد الإنهاء من الخطة الأمنية.

وعما يعيق إنهاء هذا الوضع في عاصمة الشمال، رغم إعلان كل الأطراف السياسية المعنية رفع الغطاء عن المتورطين، يقول شربل في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المواقف مهمة ولكنها غير كافية؛ لأنه للأسف مرجع معظم المقاتلين على الأرض ليس في لبنان وإنما خارجه، ولم يعد يخفى على أحد أن ما يحصل في طرابلس مرتبط بشكل رئيسي بما يحصل في سوريا».

وفي السياق عينه، رأى مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار أن «ما يحدث في طرابلس هو استمرار لأحداث 7 مايو (أيار) 2008 في بيروت»، حين نزل حزب الله بسلاحه إلى شوارع بيروت ووقعت مواجهات بينه وبين «تيار المستقبل»، مشيرا إلى أن «الحزب العربي الديمقراطي أعلن ولاءه للرئيس السوري بشار الأسد وللأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وللرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد»، معتبرا أن «هذا الإعلان يشير إلى تبرُّئه من ولائه إلى لبنان، ويدل على أنه ينفذ خطة خارجية تريد أن تجر طرابلس إلى معركة داخلية بين أهل طرابلس والعلويين».

وقال: «هناك خطة وإرادة من البعض بأن يقلقوا وضع طرابلس وأن يجروها إلى معركة»، مستغربا القول عن أن طرابلس كانت تمرر السلاح إلى سوريا، ومعتبرا أن «هذا أمر مبالغ فيه جدا».

وأكد أنه ليس لديه مانع من أن يدخل الجيش إلى باب التبانة، «لكن عليه أن يكمل طريقه إلى جبل محسن»، مضيفا: «إذا الجيش أخذ قرارا بأن يوقف إطلاق النار بين الفريقين فهو قادر على إنهاء الموضوع في طرابلس بوقت قصير جدا».

من جهته، قال مسؤول الإعلام في «الحزب العربي الديمقراطي» عبد اللطيف صالح إن «المسؤول السياسي في الحزب (العربي الديمقراطي) رفعت عيد وجه رسالة صوتية إلى عناصر الحزب دعاهم فيها إلى الانسحاب من الشوارع وترك المعالجة للجيش وعدم الرد على أي عمليات قنص من باب التبانة»، مشيرا: «إننا أعطينا كلمة شرف ووعد للجيش وتركنا المعالجة له».

وفي سياق الجهود السياسية والحكومية التي تبذل على خط طرابلس، عقد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي سلسلة اجتماعات سياسية وأمنية معلنا أن «الأولوية هي لوقف الأحداث في طرابلس وإعادة الهدوء إلى المدينة»، وفق ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام، إذ اطلع من قائد الجيش العماد جان قهوجي على التدابير والإجراءات الميدانية التي يقوم بها الجيش، إضافة إلى توقيف المخلين بالأمن وإحالتهم إلى القضاء، وأجرى اتصالات بوزير العدل شكيب قرطباوي ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، شدد خلالهما على «أهمية الإسراع في التحقيقات الجارية مع الموقوفين في حادثي تفجيري طرابلس وإحالة جميع المتورطين على القضاء ومحاكمتهم».