«أبيي» تبدأ استفتاءها.. ومجلس السلم الأفريقي يدين الخرطوم لمنع وفده من الزيارة

رئيس اللجنة من جانب السودان لـ «الشرق الأوسط»: ما بني على باطل فهو باطل

نساء ينتظرن دورهن أمام مكتب للاقتراع للادلاء باصواتهن في استفتاء حول مستقبل منطقة أبيي أمس (رويتر)
TT

بدأت أمس عشائر قبيلة «دينكا نقوك» عملية الاقتراع للاستفتاء الخاص بمنطقة «أبيي» للاختيار بين الانضمام إلى السودان أو جنوب السودان، رغم رفض الدولتين ومجلس السلم والأمن الأفريقي للخطوة وعدم الاعتراف بنتائجها التي يتوقع إعلانها نهاية الشهر الحالي، في حين أدان الاتحاد الأفريقي منع الحكومة السودانية وفدا تابعا له من زيارة المنطقة، في وقت اعتبر فيه رئيس اللجنة الإشرافية على أبيي من جانب السودان، أن «ما يجري في أبيي اتجاه لخلق فوضى في المنطقة.. وما بني على باطل فهو باطل».

وقال المتحدث الرسمي باسم اللجنة العليا لاستفتاء أبيي، القيادي في الحركة الشعبية (الحزب الحاكم) في جنوب السودان، الدكتور لوكا بيونق لـ«الشرق الأوسط» إن عملية الاقتراع على الاستفتاء الشعبي بدأت منذ صباح أمس في كل مراكز التصويت البالغة 29 مركزا في أبيي، واصفا الاستفتاء بأنه يوم تاريخي بكل المقاييس، وشدد على أن الإقبال كان كبيرا بصورة غير مسبوقة من قبل المواطنين، الذين وصفهم بأنهم تواقون إلى هذه اللحظة التاريخية التي انتظروها لأكثر من 100 سنة، مؤكدا أن الشعار المستخدم هو ذاته الذي استخدم في استفتاء جنوب السودان قبل عامين «اليد الواحدة تشير إلى انضمام أبيي إلى جنوب السودان، واليدان المتشابكتان للبقاء في دولة السودان».

وقال بيونق إن الاستفتاء تجرى مراقبته بواسطة منظمات دولية (لم يفصح عنها) ومنظمات المجتمع المدني، إلى جانب الإعلام المحلي والإقليمي والدولي الموجود في المنطقة منذ فترة التسجيل. وأقر بأن نتيجة الاستفتاء مهمة لعشائر قبيلة «دينكا نقوك»، وأن التحدي الأكبر هو قبول النتيجة من قبل دولتي السودان وجنوب السودان والاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي.

وأوضح بيونق أن هناك تحركا دبلوماسيا سيجري عقب نتيجة الاستفتاء لتوضيح أن «الحق الديمقراطي أقره شعب أبيي، ويجب الاعتراف به»، وأضاف أن المقترح الذي أجازه مجلس السلم والأمن الأفريقي في العام الماضي كحل نهائي للمنطقة ووافقت عليه جوبا ورفضته الخرطوم.

وكشف بيونق عن أن مجلس السلم الأفريقي عقد اجتماعا طارئا أمس عقب رفض الخرطوم زيارة وفد من المجلس إلى أبيي لأسباب قال إنها «أمنية»، وقال إن المنطقة تحرسها القوات الإثيوبية الموجودة تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة بقرار من مجلس الأمن الدولي قبل عامين، مشيرا إلى أن القوات الأممية أكدت استتباب الأمن واستقرار الأوضاع بأبيي.

من جانبه، قال رئيس اللجنة الإشرافية لمنطقة أبيي من جانب السودان الخير الفهيم لـ«الشرق الأوسط»، إن الاستفتاء باطل، وإنه لا يعيره اهتماما. وأضاف أن «ما بني على باطل فهو باطل، لأن حكومتي السودان وجنوب السودان لا تعترفان به، وكذلك الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي»، متهما من يشرفون على إجرائه بأنهم «يعملون على خلق فوضى وجر المنطقة إلى مربع الحرب، رغم أن الرئيسين عمر البشير وسلفا كير اتفقا في القمة التي عقدت في جوبا على تشكيل إدارية للمنطقة».

وقال الفهيم إنه لا يوجد «استفتاء في العالم لا يحظى باعتراف إقليمي ودولي، وهذا الاستفتاء منبوذ من كل الأطراف». وتابع أن «المقصود هو تخريب العلاقات بين جوبا والخرطوم وخلق فوضى»، مشيرا إلى أن في إمكانية قبيلته (المسيرية)، التي هي في نزاع مع «دينكا نقوك»، القيام باستفتاء آخر.. لكنه تابع: «لكننا نتريث لأننا لا نريد الدفع إلى كارثة في المنطقة، وطلبنا من المسيرية عدم الانسياق وراء هذه الفوضى».

من جهة أخرى، أعلن الاتحاد الأفريقي في بيان أصدره أمس، أن حكومة الخرطوم منعت أعضاء في مجلس السلم والأمن بالاتحاد من زيارة أبيي. وكان من المفترض أن تبدأ الزيارة إلى المنطقة يومي 22 و23 من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. وأوضح البيان أن مجلس السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي «يعبر عن بالغ خيبة أمله وأسفه لعدم تمكنه من زيارة أبيي (..)، بسبب إصرار السودان على تأجيل الزيارة لدواع أمنية ليست مستجدة»، وأكد الاتحاد الأفريقي في بيانه «انشغاله العميق» للوضع في أبيي، مشيرا إلى «ضرورة انخراط أفريقي نشط ومستمر» في هذا الملف.

وتشكل أبيي، وهي منطقة تبلغ مساحتها نحو عشرة آلاف كيلومتر مربع تقع بين السودان وجنوب السودان، أحد أهم نقاط الخلاف التي لم يحلها اتفاق السلام الذي أنهى في 2005 الحرب الأهلية السودانية، وأفضى إلى استقلال جنوب السودان في 2011.

إلى ذلك، قال وزير الخارجية السوداني علي كرتي في تصريحات صحافية بحسب وكالة السودان الرسمية للأنباء، إن ما تقوم به جهات محلية في أبيي لإجراء استفتاء من طرف واحد لا علاقة لها بحكومة جنوب السودان، معتبرا أن الخطوة تعد تجاوزا لكل ما جرى الاتفاق عليه بين البلدين عبر الآلية الرفيعة التابعة للاتحاد الأفريقي. وأضاف أن «هذه الخطوة مجافية لقرارات مجلس السلم والأمن الأفريقي، بما فيها الاجتماع الأخير الذي جرى بنيويورك علي مستوى الرؤساء، إلى جانب أنها تمثل خروجا على نتائج لقاءات رئيسي البلدين»، مشيرا إلى أن موضوع أبيي أصبح في يد الرئيسين البشير وسلفا كير.

وقال كرتي إن تأجيل زيارة وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي جاء في وقت غير مناسب، حتى لا تتزامن زيارة المجلس مع «التحرك الأحادي المرفوض من قبل هذه المجموعة». وأضاف: «نحن أردنا أن تجري الزيارة بعيدا عن التشويش في منطقة أبيي»، مجددا التزام حكومته بمقررات الاتحاد الأفريقي على كل مستوياته.