التفجيرات تعاود ضرب بغداد صباحا.. وانتحاري يوقع عشرات القتلى والجرحى في الموصل

لجنة الأمن البرلمانية: محاولات تجفيف منابع الإرهاب فشلت

عمال البلدية يزيلون الأنقاض من موقع انفجار سيارة مفخخة في بغداد أمس (أ.ب)
TT

في وقت يشهد فيه الأحد من كل أسبوع شللا مروريا في بغداد بسبب كونه يأتي عقب عطلة أسبوعية من يومي الجمعة والسبت فإنه تزامن أمس مع موجة تفجيرات بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة ضربت مناطق مختلفة من العاصمة العراقية أسفرت طبقا للمصادر الأمنية عن سقوط العشرات بين قتيل وجريح.

ففي ساعات الصباح الأولى وعكس الاستراتيجية التي اتبعتها الجماعات المسلحة خلال الشهور الأخيرة وذلك بتنفيذ عملياتها عند حلول المساء فإن التفجيرات بأكثر من عشر سيارات مفخخة ضربت مناطق بغداد الشمالية والشرقية والجنوبية في وقت متزامن. من جانبها لجأت الأجهزة الأمنية إلى المزيد من الإجراءات المشددة من خلال نصب نقاط تفتيش إضافية وقطع الكثير من الطرق والجسور داخل العاصمة.

وقالت الشرطة إن عشر سيارات مفخخة انفجرت في مناطق تقطنها أغلبية شيعية في أنحاء بغداد ومحيطها قتل فيها 37 شخصا، حسب وكالة رويترز. وكان أعنف الهجمات في بلدة النهروان جنوب العاصمة حيث انفجرت سيارتان مفخختان في تتابع سريع قرب سوق مزدحمة ما أسفر عن سقوط سبعة قتلى. وقالت امرأة تدعى سعاد أحمد تقيم بمنطقة البلديات في بغداد حيث انفجرت سيارة ملغومة أخرى وقتلت ثلاثة أشخاص «كنت أفطر حين هز انفجار قوي المبنى وهشم نوافذ شقتي وغطت قطع الزجاج مائدة الطعام... أصابني الفزع وسمعت بكاء نساء وأطفال في المنزل المجاور وبدأت أبكي».

وقالت الشرطة إن أدمى هجمات أمس وقع في مدينة الموصل الشمالية حين فجر رجل يقود سيارة نفسه خارج بنك حكومي أثناء انتظار الجنود لصرف رواتبهم ما أسفر عن سقوط 12 قتيلا وعشرات الجرحى. وكانت أعمال العنف في العراق بلغت ذروتها عامي 2006 و2007 قبل أن تنحسر والآن تتزايد من جديد وقتل حتى الآن هذا العام نحو ثلاثة آلاف مدني وفقا لمشروع «ضحايا حرب العراق» الذي يتولى تحديث قاعدة بيانات القتلى المدنيين جراء العنف في العراق منذ الغزو الأميركي.

وفي وقت لم تعلن جهة معينة مسؤوليتها عن هذه العمليات إلا أن المصادر الأمنية الرسمية ترجح أن يكون تنظيم القاعدة وراء هذه العمليات. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية وعمليات بغداد العميد سعد معن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «من يقف وراء هذه العمليات الإجرامية هو تنظيم القاعدة ويهدف من خلالها إلى بث رسالة إعلامية مفادها أنه موجود وقادر على الفعل والحركة». وأضاف العميد معن: «إننا في الوقت الذي لا نقلل فيه من مخاطر هذه الهجمة الإرهابية على العراق والمنطقة إلا أن ما نريد التأكيد عليه أن هذه الجماعات بدأت تنفذ عملياتها على أهداف مفتوحة ويصعب تأمين الحماية لها كلها لا سيما أن الكثير من مواد التفجير تستخدم داخل المناطق» فضلا عن أن «هناك من لا يزال يدعم هذه الجماعات بشكل أو بآخر وهناك حواضن لها وهو ما نعمل على تجفيفها وقد فعلنا الكثير بهذا الاتجاه». وأكد معن أن «هناك هدفا معلنا لهذه الجماعات وهو إشعال الفتنة الطائفية ولكنها فشلت وأدركت بالفعل فشلها بالأمر الذي جعلها تعلن حربها على كل أبناء وطوائف الشعب العراقي».

من جهتها، اعتبرت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي أن الوقت قد حان لمواجهة القاعدة والجماعات المسلحة بأساليب جديدة بعد فشل الأساليب والصيغ القديمة. وقال شوان محمد طه، عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمر الذي يجب أن ننظر إليه الآن هو ليس انفجار سيارة مفخخة هنا أو عبوة ناسفة هناك على أهمية ما يشكله ذلك من مخاطر وما يترتب عليه من خسائر بالأرواح والمعدات بل إن النظرة يجب أن تكون أوسع وأشمل في إطار مواجهة الإرهاب». وأضاف طه أن «علينا الإقرار أننا نواجه الآن إرهابا منظما ويعمل باستراتيجية وخطط وآليات تقدمت على ما بحوزتنا كثيرا»، كاشفا عن أن «هناك مناطق باتت بحكم الساقطة بيد الإرهاب مثل أجزاء واسعة من محافظة نينوى فضلا عن محافظة الأنبار وهو ما يعني أن الدولة العراقية فشلت ليس فقط على صعيد الحرب مع الإرهاب بالوسائل العسكرية بل فشلت فيما هو أدق وأبعد وذلك بالكيفية التي تتمكن بواسطتها من تجفيف منابعه»، معتبرا أن «محاولات تجفيف منابع الإرهاب من خلال الاعتقالات أو التضييق أو سواها من الأمور ثبت فشلها بينما يفترض أن يكون هناك العكس وذلك من خلال نشر ثقافة التسامح واعتماد صيغ تنموية وتخطيط شامل للقضاء على كل مظاهر الفقر والبطالة والعمل على استغلال الطاقات البشرية في المناطق التي يمكن أن تتحرك فيها المجاميع الإرهابية لهذا السبب أو ذاك». وأشار طه إلى أن «المشكلة التي نواجهها أننا حتى على صعيد الأساليب والصيغ الإدارية التي تتبعها الأجهزة الأمنية بتنا غير قادرين على مواجهة ما لدى الإرهابيين من خطط وأساليب عمل». وأوضح أن «ما يجب العمل عليه هو ليس اتباع ما يسمى أسلوب مكافحة الإرهاب بل هو الصدام معه، إذ أن المسألة تخطت مسألة المكافحة لأن ما نحتاجه هو القضاء على الظاهرة وهذا لا يمكن أن يتم بأساليب المكافحة التي لا يمكن إلا أن تمثل نجاحا جزئيا».