دعوات للجامعة العربية لإعفاء الإبراهيمي من منصبه عشية لقائه الأسد

«المجلس الوطني» أرسل الاقتراح.. و«الائتلاف» يناقشه نهاية الشهر الحالي

المبعوث الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي برفقة نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في دمشق أمس (رويترز)
TT

تدرس الهيئة السياسية في «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»، وفق معلومات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، اقتراحا تقدم به «المجلس الوطني» السوري، يطالب فيه وزراء خارجية الدول العربية بإعفاء المبعوث الأممي إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، من منصبه، على خلفية «استياء عام من تصريحاته ومواقفه». وتزامن الكشف عن هذا الاقتراح مع وصول الإبراهيمي إلى دمشق، أمس، للقاء الرئيس السوري بشار الأسد، في إطار جولته الإقليمية تحضيرا لمؤتمر «جنيف 2».

ووصل الإبراهيمي إلى دمشق أمس، عن طريق بيروت بعد انتهاء زيارته في طهران، في زيارة تستمر 5 أيام، يعود بعدها إلى بيروت، حيث سيقيم نتائج جولته مع المسؤولين اللبنانيين. وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن الإبراهيمي وصل إلى فندق شيراتون وسط دمشق، برفقة نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد. ولم يدل أي من الرجلين بتصريحات لدى وصولهما.

ومن المتوقع أن يجتمع الإبراهيمي بالأسد ويجري محادثات مع وزير الخارجية وليد المعلم ونائبه المقداد. وكان الإبراهيمي عقد في بيروت، قبل انتقاله إلى دمشق، اجتماعا جانبيا مع الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي وفريق العمل المساعد للإبراهيمي الذي حضر معه من طهران، وذلك في قاعة جانبية محاذية لقاعة الشرف الرئيسة في مطار رفيق الحريري الدولي.

وكشف عضو الائتلاف و«المجلس الوطني» سمير نشار لـ«الشرق الأوسط»، عن توصية أرسلها المجلس للائتلاف، تتضمن مطالبة وزراء الخارجية العرب الذين يجتمعون في القاهرة، بإعفاء الإبراهيمي من منصبه كمبعوث عربي إلى سوريا. وأشار نشار إلى أن هناك «أصواتا تتعالى في (الائتلاف) و(المجلس الوطني) مطالبة بهذا الإعفاء»، مشيرا إلى أن النقاش «لا يزال قائما ولم يحسم بعد».

وكان من المفترض أن ينهي الائتلاف دراسة التوصية وإحالتها إلى وزراء خارجية الجامعة العربية، لكن بحثها لم ينته بعد. وأوضح عضو الهيئة السياسية في الائتلاف أحمد رمضان، لـ«الشرق الأوسط»، أن المقترح «سيناقش في اجتماع الهيئة السياسية للائتلاف في جلسته نهاية الشهر الحالي»، لافتا إلى أن الاقتراح «أرسل إلى رئيس الائتلاف أحمد الجربا». وأعرب عن اعتقاده أن القضية «يمكن أن تناقش بشكل موسع لاحقا»، مستطردا بالقول: «مشكلتنا ليست مع الإبراهيمي فحسب، رغم حالة الاستياء من مواقفه، بل مع مؤتمر (جنيف 2) الذي يرفضه (الائتلاف) و(المجلس الوطني) وسائر قوى الثورة السورية، إذا لم يؤد إلى استبعاد الأسد من سوريا المستقبل».

وتضاعفت مواقف الانتقاد للإبراهيمي، على خلفية تصريحاته الأخيرة في طهران، حيث رأى أن إيران «يجب أن تدعى لحضور (جنيف 2)»، عادا هذه المشاركة «طبيعية وضرورية ومثمرة أيضا»، آملا أن توجه إليها هذه الدعوة.

وقال نشار إن مواقف الإبراهيمي «لم تغضب المعارضة فحسب، بل إن أبرز الدول العربية الداعمة للشعب السوري، إضافة إلى تركيا، أظهرت فتورا واضحا تجاه استقباله والتعامل معه، بعدما ظهر أنه وسيط دولي وعربي غير حيادي وغير نزيه بالتعاطي باستقلالية مع الملف». وأضاف: «حديثه عن مشاركة إيران، أبرز هذا الدور، إذ ينظر السوريون إلى إيران بصفتها مشاركة في عملية القتل التي يتعرضون لها، وباعتبارها طرفا رئيسا في الصراع إلى جانب النظام».

وتنظر المعارضة إلى مواقف الإبراهيمي على أنها تجاهل للدور اللوجيستي الذي تلعبه طهران وحلفاؤها في سوريا. وقال رمضان، وهو عضو الهيئة التنفيذية لـ«المجلس الوطني» أيضا، إن «الاستياء» من مواقف الإبراهيمي «يستند إلى تجاهله التدخل الخارجي من قبل الحرس الثوري الإيراني ونظام (رئيس الحكومة العراقية) نوري المالكي الذي أرسل قوات توغلت في اليعربية (شمال شرقي سوريا) نحو 5 كلم بـ45 دبابة عراقية، دمر منها أربعة خلال المواجهات». وأعرب عن اعتقاده أن التدخل في الحرب إلى جانب النظام «يستدعي من الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص الإبراهيمي إدانة كبيرة». وأشار إلى أن الاستياء من مواقفه «يستند أيضا إلى محاولة فرض آراء معينة على الشعب السوري، ويضاف إلى الاستياء التركي والعربي منه»، واصفا إياه بـ«مبعوث النظام السوري».

ويتخطى الموقف من الإبراهيمي إطار المجلس الوطني السوري، إذ تدعو أقطاب أخرى إلى إعفائه من مهامه. وقال عضو الائتلاف كمال اللبواني لـ«الشرق الأوسط» إن «إعفاءه من منصبه ضروري، لأنه جزء من النظام القمعي»، مضيفا: «إننا منزعجون جدا منه ونطالب بإقالته».

وقال اللبواني إن الإبراهيمي «غير محايد»، كونه «زار كل الناس من غير أن يزور الشعب السوري»، موضحا أن المبعوث العربي والدولي المشترك إلى سوريا «لم يزر يلدا والمعضمية اللتين يموت سكانهما جوعا، ولم يزر الغوطة التي ضربت بالأسلحة الكيماوية»، معتبرا أنه «لو كان وسيطا فعلا لزار الشعب السوري».

في هذا الوقت، يتحضر الإبراهيمي للقاء المسؤولين السوريين، خلال زيارته إلى دمشق، إضافة إلى لقاء وفد من معارضة الداخل، وفي مقدمها «هيئة التنسيق». وقال أمين سرها في المهجر، ماجد حبو، لـ«الشرق الأوسط»، إن الهيئة «تنتظر توجيه الدعوات إلى مؤتمر (جنيف 2)»، مشيرا إلى أن الإبراهيمي «سيبلغ الهيئة نتائج مشاوراته مع النظام السوري والدول الإقليمية المؤثرة في إنهاء الصراع بسوريا».

وقال حبو إن الوفد «سيشدد خلال اللقاء على ضرورة التقيد بالوثيقة السياسية التي قدمناها، لتمتين جسر الثقة بين النظام والشعب السوري، وتبدأ من فتح الممرات الآمنة للمدنيين، وإطلاق سراح المعتقلين وغيرها من مطالبنا».

وعما إذا كان النظام سيتجاوب مع تلك المطالب، قال حبو: «لا نملك إلا التفاؤل. تجربة النظام مع الشعب مريرة، ولكن لم يعد له ما كان عليه في السابق، ويجب الاستماع لصوت العقل والبحث عن قواسم مشتركة لإنهاء الصراع». وشملت جولة الإبراهيمي غالبية الدول الإقليمية المعنية بالنزاع السوري، وأبرزها إيران وتركيا والعراق وقطر، ويرجح أن يتشاور في حصيلتها مع دبلوماسيين روس وأميركيين.

ويتوجب على الإبراهيمي خلال جولته الشرق أوسطية أن يناقش مع ممثلي دول المنطقة طرق التسوية السياسية للأزمة السورية التي يجب أن تحدد في لقاء جنيف. وبات معلوما أنه عشية زيارة الإبراهيمي إلى دمشق، ارتفع عدد المجموعات المعارضة السورية للمشاركة في مؤتمر «جنيف 2» إلى 19.

وتعود الزيارة الأخيرة للإبراهيمي إلى سوريا إلى ديسمبر (كانون الأول) 2012، ووجهت دمشق والإعلام السوري إليه من بعدها انتقادات لاذعة.