26 أسيرا فلسطينيا إلى الحرية أقدمهم معتقل منذ 29 عاما

نتنياهو يبني مزيدا من المستوطنات مقابل إطلاق سراح فلسطينيين

الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونظيره النيجيري غودلاك جوناثان يستعرضان حرس الشرف في مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله (أمس)
TT

تعهدت الحكومة الإسرائيلية، أمس، بمواصلة البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، فيما كانت تطلق سراح أسرى فلسطينيين ضمن اتفاق سابق مع السلطة، يقضي بالإفراج عن جميع الأسرى القدامى، منذ قبل اتفاق أوسلو (عام 1993) وعددهم 104.

وقال أوفير أكونيس، نائب الوزير في ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي «إنه لا رغبة حقيقية في السلام لدى الجانب الفلسطيني»، مضيفا أن «الدليل القاطع لذلك هو رفضه المستمر للاعتراف بإسرائيل كدولة الشعب اليهودي». وتعهد أكونيس بأن تواصل الحكومة تطوير المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية، مؤكدا أن «سياسة إسرائيل واضحة ألا وهي: نحن نبني.. ولا نقتلع».

جاء ذلك قبل ساعات من الموعد المفترض للإفراج عن 26 أسيرا من قدامى المعتقلين الفلسطينيين بعد أن أفرج عن 26 من رفاقهم كذلك قبل شهرين. ويفترض أن الأسرى الـ26 قد أفرج عنهم حتى فجر هذا اليوم (الأربعاء). ويعتقد أن عملية الإفراج تبدأ بعد منتصف الليلة وتستمر حتى ساعات مبكرة من فجر اليوم، بسبب إجراءات إسرائيل البطيئة في هكذا مواقف. وفي مرات سابقة، تعمدت إسرائيل الإفراج عن الأسرى بعد منتصف الليل، لمنع الفلسطينيين من الظهور بمظهر «المنتصر».

ونقلت إدارة مصلحة السجون، بعد ظهر الأمس، الأسرى الـ26 إلى سجن عوفر، تمهيدا لإطلاق سراحهم. وخضع الأسرى إلى فحوصات طبية من قبل ممثلي الصليب الأحمر الدولي الذين تأكدوا كذلك من هوياتهم.

وكانت السلطة أنهت الاستعدادات، أمس، لاستقبال الأسرى في مقر الرئاسة في رام الله، بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ومسؤولين آخرين. وتحركت عائلات الأسرى من معظم مدن الضفة إلى رام الله مساء بانتظار معانقة أبنائهم لأول مرة منذ أكثر من ربع قرن.

وفشلت جهود منظمة «الماغور» الإسرائيلية في منع الإفراج عن الأسرى بعدما ردت محكمة العدل العليا التماسا ضد الإفراج عن الأسرى. وقال الملتمسون الذي يمثلون عائلات قتلى إسرائيليين سقطوا على يد بعض الأسرى «إن إخلاء سبيل قتلة تلطخت أيديهم بالدماء يعد خطوة غير أخلاقية لا يمكن أن تكون خطوة معقولة ومفهومة».

وكان آلاف من أنصار اليمين الإسرائيلي تظاهروا أمام سجن عوفر، حيث مقر تجميع الأسرى، وطلبوا منع إطلاق سراحهم، كما ذهبوا إلى قبور جنود من الجيش الإسرائيلي في إحدى المقابر العسكرية، وكتبوا على يافطات رفعت على قبورهم « نأسف أن موتكم لم يكن له ثمن».

وقال وزير الإسكان الإسرائيلي، أوري آرييل، الذي شارك في التظاهرة أمام عوفر «إن الإفراج عن مخربين هو عمل غير أخلاقي». وأضاف أن «الشعب اليهودي سيعود إلى يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وغور الأردن وسيقوم بالبناء في أورشليم القدس وفي كل مكان، ولن يطرده أحد من بلاده». ورد وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعالون، بقوله «إن إطلاق سراح السجناء جاء من تقديرات استراتيجية بعيدة المدى، وهم أسرى كبار في السن نفذوا عمليات قبل اتفاقيات أوسلو، وسنعمل على متابعتهم».

ومن غير المعروف إذا ما كان الأسرى وقعوا تعهدات بعدم العودة إلى أي نشاط أم لا. وقالت وزارة العدل الإسرائيلية إن مذكرات تخفيف العقوبة التي سيتلقاها السجناء الأمنيون الفلسطينيون ستنص على أنهم ملتزمون بعدم العودة إلى «ممارسة الإرهاب». وأوضحت وزارة العدل أن هذه المذكرات قد تستخدم وسيلة لتقديم المفرج عنهم مجددا إلى المحاكمة في حال عودتهم إلى أي نشاط. لكن في صفقات تبادل سابقة رفض الأسرى التوقيع على تعهد مماثل.

لكن هذا المنطق لم يكن مقنعا لأعضاء اليمين. ويبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد «رشوة» اليمين عبر بناء مزيد من المستوطنات. وقالت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية إن نتنياهو يسابق الزمن من أجل تسريع بناء مزيد من الوحدات الاستيطانية، لإرضاء خصومه في الحكومة وخارجها، مقابل قراره الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين القدامى. ومن المتوقع أن يصادق نتنياهو، الخميس، على بناء 1700 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية.

وفي وقت سابق رفضت السلطة مقايضة الأسرى بالمستوطنات، وقالت إنها لن تعترف بأي خطوة استيطانية جديدة مقابل إطلاق سراح الأسرى. ومع إطلاق سراح 26 أسيرا آخر، يتبقى 52 أسيرا من أصل 104 معتقلين منذ قبل أوسلو، ويفترض أن يفرج عنهم في دفعتين لاحقتين، بحسب اتفاق فلسطيني إسرائيلي، وبرعاية أميركية.

واكتسبت هذه الدفعة أهمية استثنائية، بسبب قدم تاريخ اعتقال المفرج عنهم، وتاريخهم النضالي. وبعض المعتقلين المفرج عنهم قضوا في السجن 29 عاما، مثل عيسى عبد ربه المعتقل منذ عام 1984. وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إنهم جميعا مسؤولون عن مقتل 27 إسرائيليا.