المنتدى العربي في مراكش يعد استرداد الأموال المنهوبة رسالة قوية للمستقبل

المشاركون أكدوا التزامهم بخطة عمل شراكة «دوفيل»

جانب من أشغال الدورة الثانية للمنتدى العربي لاسترداد الأموال بمراكش (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
TT

أجمع المشاركون في أشغال الدورة الثانية من «المنتدى العربي لاسترداد الأموال»، التي اختتمت أشغالها مساء أول من أمس، في مراكش، على «ضرورة تعزيز جهود استرداد الأموال من خلال العمل المشترك وتضافر جهود مختلف الأطراف»، وشددوا على أن من شأن استرداد الأموال المنهوبة أن «يبعث رسالة قوية للمستقبل»، ملخصها أنه «لن يتمكن السياسيون أو كبار المسؤولين الفاسدين من الإفلات من العقاب».

وشدد المشاركون على «مسؤولية الجميع في مساعدة شعوب الدول العربية التي تمر بمرحلة انتقالية من أجل استرداد أموالها المنهوبة»، وهي الأموال التي لا تمثل متحصلات جرائم الفساد، فحسب، بل تشمل كذلك الأموال التي كان ينبغي استثمارها في هذه الدول من أجل تنميتها.

وأكد المشاركون التزامهم بخطة عمل شراكة (دوفيل) لاسترداد الأموال، التي انبثق عنها المنتدى، كما رحبوا بـ«فرصة تقييم التقدم المحرز، بعد عام من الدورة الأولى للمنتدى، التي استضافتها دولة قطر، بشراكة مع الولايات المتحدة».

وتعد شراكة «دوفيل» مع الدول العربية التي تمر بمرحلة انتقالية جهدا دوليا جرى إطلاقه من قبل مجموعة الثماني خلال اجتماع القادة في (دوفيل)، بفرنسا، في مايو (أيار) 2011، لدعم الدول في العالم العربي، التي تمر بتحول نحو «مجتمعات حرة، وديمقراطية، ومتسامحة». والتزمت الدول الأعضاء بشراكة (دوفيل)، وفقا لخطة العمل بشأن استرداد الأموال المنهوبة، بقائمة شاملة من الإجراءات الرامية إلى تعزيز التعاون وجهود بناء القدرات والدعم الفني من أجل دعم الدول العربية التي تمر بمرحلة انتقالية لاسترداد أموال جرى تهريبها من قبل أنظمة سابقة.

وتميزت أشغال الدورة الثانية، حسب البيان المشترك، بــ«روح من العمل البناء والمنفتح»، وشهدت انعقاد أكثر من سبعين لقاء ثنائيا في إطار عمل المنتدى.

وأكد النقاش، الذي ميز أشغال المنتدى، ما جرى إحرازه كنتيجة لعمل المنتدى، مع الإقرار في الوقت نفسه بأن عملية استرداد الأموال المنهوبة تبقى مسألة «معقدة وطويلة الأمد»، وأن القضية تبقى «مسألة إجراءات تقنية وقانونية، أكثر منها مسألة إرادات سياسية».

وثمن المشاركون «الخطوات التي اتخذتها الدول لتعزيز التنسيق المحلي بين أجهزتها»، كما رحبوا بـ«إنشاء مجموعات العمل المعنية باسترداد الأموال في العديد من الدول الطالبة والمطلوب منها»، وثمنوا «الفهم المتزايد للتدابير القانونية لمختلف الدول، من خلال نشر أدلة استرداد الأموال التي أصدرتها الدول المعنية»، و«المنهج الأكثر فاعلية المتبع في مجال استرداد الأموال، حيث لم تعد العديد من المراكز المالية تنتظر ورود طلبات المساعدة القانونية المتبادلة الرسمية، حتى تنخرط في التعاون بين المحققين، وكانت تبادر بفتح تحقيقاتها المحلية كلما كان ذلك ممكنا». كما رحب المشاركون بـ«جهود العديد من الدول لمراجعة إطاراتها القانونية بقصد الاستفادة من الممارسات الجيدة في الدول الأخرى، وضمان أنها تعمل بدقة وفاعلية وكفاءة في مجال استرداد الأموال»، وسجلوا «التزام دول مجموعة الثماني ودول أخرى باتخاذ إجراءات تتطلب حصول الشركات على معلومات عن الملاك المستفيدين الحقيقيين والاحتفاظ بها، وكذا ضمان توافر هذه المعلومات بشكل سريع حين تطلب لتقديمها لسلطات إنفاذ القانون وأجهزة تحصيل الضرائب، وغيرها من السلطات المعنية»، وثمنوا «المساعدة الفنية وجهود بناء القدرات التي قدمت خلال الجلسات الخاصة الثلاث للمنتدى، والعمل الذي قامت به مبادرة استرداد الأموال المنهوبة في الدول العربية، من خلال برامج المساعدة الثنائية». وشدد المشاركون، في الوقت نفسه، على الدور الذي «يمكن أن يلعبه المجتمع المدني في محاربة الفساد ومساعدة جهود استرداد الأموال».

وبالنسبة للمستقبل، جدد المشاركون رؤيتهم لقيمة المنتدى، وقدموا بعض الآراء التي يمكن الاشتغال عليها مستقبلا، من قبيل «مواصلة بناء المزيد من الشراكات والثقة بين الدول، سواء طالبة الاسترداد أو المطلوب منها»، و«التقدم بحذر من خلال إجراءات قانونية تستند لأدلة»، مع «مواصلة تشجيع أعضاء المنتدى الذين لم يقوموا بعد بإصدار أدلة استرداد الأموال على الانتهاء منها، بما في ذلك الدول التي تسعى لاسترداد أموالها المنهوبة»، و«مطالبة مبادرة استرداد الأموال المنهوبة أن تعمل مع الدول المستفيدة على تطوير تقييمات الاحتياجات الخاصة بكل دولة على حدة، وبرنامج عمل لعدة سنوات بخصوص المساعدة الفنية وبناء القدرات في تلك الدول». كما طالبوا دول مجموعة الثماني «بالانتهاء من المقترحات المتعلقة بترجمة الأسماء العربية إلى اللغات الأجنبية وتبادل الخطوات العملية مع باقي أعضاء المنتدى». ودعوا إلى «إشراك القطاع الخاص في الحوار المستقبلي حول جوانب الشفافية لاسترداد الأموال»، والعمل على «تشجيع مزيد من جهود بناء الثقة، وتبادل المعلومات بين مسؤولي إنفاذ القانون قبل إرسال طلبات المساعدة القانونية المتبادلة، بما في ذلك استخدام شبكات استرداد الأموال متعددة الأطراف، وكذا التعلم من خبرات المناطق الأخرى».

وتطلع المشاركون إلى اللقاء مجددا تحت رعاية المنتدى لمناقشة هذه القضايا وغيرها، مع الحرص على مواصلة إحراز التقدم على المستوى المحلي والثنائي، ومن خلال المنتديات الثنائية والمتعددة الأطراف.

وتميزت أشغال المنتدى، الذي نظمت دورته الثانية بشراكة مع المملكة المتحدة باعتبارها تتولى رئاسة مجموعة الدول الثماني، وبدعم من المبادرة المشتركة بين البنك الدولي ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، بحضور نحو 400 مشارك من 40 دولة، بينهم وزراء ومسؤولون حكوميون، ومشرفون على تنفيذ سياسات وبرامج محاربة الفساد على المستوى الإداري والقضائي والمالي، وأيضا ممثلون عن جامعة الدول العربية، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، ومجموعة إجمونت، وشبكة استرداد الموجودات التابعة لفرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية المتعلقة بغسل الأموال في أميركا الجنوبية، والمركز الدولي لاسترداد الأموال.