استعداد رسمي في موريتانيا للانتخابات والمعارضة تقرر التظاهر لإفشالها

فرنسا تتحرك لإنهاء الأزمة.. وزعيم المعارضة يحملها مسؤولية تعذر تطبيق اتفاق دكار

TT

تعيش الساحة السياسية في موريتانيا على وقع جدل واسع يرافق الاستعداد للانتخابات التشريعية والبلدية المزمع تنظيمها في 23 من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وذلك في ظل مساع فرنسية للوساطة بين النظام وأحزاب منسقية المعارضة التي أعلنت مقاطعتها لهذه الانتخابات التي تصفها بالأحادية.

وفي الوقت الذي تزداد القطيعة بين الحكومة والأغلبية الرئاسية من جهة، ومنسقية المعارضة، من جهة أخرى، بدأ السفير الفرنسي في نواكشوط منذ أيام سلسلة من اللقاءات مع بعض زعماء أحزاب منسقية المعارضة، كان أولها مع زعيم المعارضة ورئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية أحمد ولد داداه، قبل أن يلتقي أيضا مع محمد ولد مولود، رئيس حزب اتحاد قوى التقدم ورئيس وفد المعارضة الذي حاور الحكومة والأغلبية في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وبحسب ما أكده مصدر من داخل المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، فإن الاجتماع الذي ضم السفير الفرنسي بزعيم المعارضة الموريتانية كان «ساخنا»، حيث أشار المصدر إلى أن ولد داداه انتقد الموقف الفرنسي حيال ما سماه «الأزمة السياسية التي تعيشها موريتانيا»، وعد ولد داداه أن «فرنسا تتحمل مسؤولية عدم تطبيق بنود اتفاقية دكار»، وهي الاتفاقية التي أشرفت أطراف دولية، من أبرزها فرنسا، على توقيعها سنة 2009. بين المعارضة ونظام الرئيس محمد ولد عبد عزيز لإنهاء أزمة أعقبت انقلاب 2008.

وأشار ذات المصدر إلى أن السفير الفرنسي دافع بشدة عن موقف بلاده حيال الأزمة السياسية التي تعيشها موريتانيا، وقال: إن بلاده «لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى»؛ وقبل أن ينتهي الاجتماع عرض السفير الفرنسي على زعيم المعارضة أن يقود وساطة بين منسقية المعارضة والنظام الموريتاني، من أجل إنهاء الأزمة وتمكين كافة أحزاب المعارضة من المشاركة في الانتخابات التشريعية والبلدية المقبلة.

وعلى العكس من اجتماعه مع زعيم المعارضة، كان الاجتماع الذي عقده السفير الفرنسي مع كبير مفاوضي منسقية المعارضة ورئيس حزب اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود «وديا وإيجابيا» على حد وصف مصادر من داخل حزب اتحاد قوى التقدم تحدثت لـ«الشرق الأوسط»؛ وأشارت هذه المصادر إلى أن ولد مولود أكد للسفير الفرنسي أنه «في ظل غياب ضمانات بشفافية ونزاهة الانتخابات، فإن المعارضة تجد نفسها مرغمة على مقاطعة الانتخابات، وذلك في حد ذاته خطير، لأنها بذلك ستفقد البرلمان كمنبر لإيصال خطابها السياسي، وبالتالي فلم يبق لها سوى الشارع، وذلك لا شك سيقود إلى الاضطراب في البلاد مما يهدد مصالح فرنسا على ضوء الوضع الإقليمي»، وفق تعبيره.

وفي هذه الأثناء يجمع المراقبون الموريتانيون على أن فرنسا تملك مفاتيح المشهد السياسي الموريتاني، فرغم علاقاتها القوية بالرئيس محمد ولد عبد العزيز، إلا أنها ظلت تحتفظ بعلاقة خاصة مع أطياف واسعة في المعارضة الراديكالية، وخاصة مع حزب تكتل القوى الديمقراطية الذي يقوده ولد داداه، ويجتمع مع حكام فرنسا في منظمة الاشتراكية الدولية.

وفي انتظار ما ستسفر عنه الجهود الفرنسية الساعية إلى تقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة، تواصل الحكومة الموريتانية اتخاذ الإجراءات المنظمة للانتخابات، حيث قررت في اجتماعها أول من أمس تشكيل مرصد لمراقبة الانتخابات، قال وزير الاتصال الموريتاني محمد يحيى ولد حرمه إنه «سيضم شخصيات ذات مصداقية وكفاءة ونزاهة ويملكون تجربة واسعة»، قبل أن يضيف أن «استحداث هذا المرصد يرمي لتعزيز شفافية وضمان نزاهة الانتخابات المقبلة، حيث سيجري إشراك هيئات مستقلة لمراقبة الانتخابات علاوة على اللجنة المستقلة للانتخابات».

وزير الاتصال، وهو الناطق الرسمي باسم الحكومة، أكد أن «الانتخابات ستنظم في موعدها المحدد، 23 نوفمبر الجاري»، قبل أن يقول إن «اللغط المثار حول تأجيل الانتخابات غير صحيح»، وذلك في إشارة إلى أنباء تداولتها الصحافة الموريتانية عن إمكانية تأجيل الانتخابات على ضوء الوساطة الفرنسية بين المعارضة والنظام.

من جهتها، دعت منسقية المعارضة الموريتانية أنصارها إلى تنظيم مسيرة احتجاجية بالعاصمة نواكشوط، يوم الأربعاء المقبل، وذلك في بداية ما سمته «أنشطة احتجاجية سلمية لإفشال الانتخابات».