وزير خارجية المغرب: تصريحات بوتفليقة لا تساعد على تصفية الأجواء لإيجاد حل لقضية الصحراء

الجزائر: لسنا طرفا في النزاع.. ولدينا موقف ثابت ينسجم مع الشرعية الدولية

TT

عقد صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية المغربي، مساء أول من أمس، سلسلة اجتماعات مع سفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وكذا مع ممثل الاتحاد الأوروبي، ومع سفراء المجموعة العربية والمجموعة الأفريقية المعتمدين في الرباط، إلى جانب قادة الأحزاب السياسية المغربية، وذلك على خلفية استدعاء الرباط سفيرها لدى الجزائر للتشاور احتجاجا على تصريحات الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بشأن الصحراء.

وأوضح مزوار عقب هذا اللقاء أن كل ممثلي الأحزاب السياسية عدوا التصعيد من طرف الجزائر «غير مسؤول»، ولا يسير في اتجاه تصفية الأجواء من أجل مساعدة الأمم المتحدة على القيام بمهامها فيما يخص إيجاد حل سياسي متوافق عليه لقضية الصحراء.

وأضاف أن قادة الأحزاب السياسية شددوا أيضا على ضرورة الاستمرار في التعبئة، وأن المغاربة لا يمكن أن يسمحوا بتجاوز مستويات معينة أساسا فيما يخص قضيتهم الوطنية الأولى، ومسألة ما يسمى توسيع صلاحيات بعثة المينورسو، مشيرا إلى أن الأحزاب السياسية أجمعت على أن هذا يعد بمثابة «خط أحمر» بالنسبة للمغرب. كما جرى الاتفاق خلال هذا اللقاء، حسب الوزير، على توجيه الدعوة إلى المنتظم الدولي من أجل الاهتمام بالمآسي التي تشهدها مخيمات تندوف في الجزائر.

وقال مزوار إن قرار استدعاء السفير المغربي في الجزائر جاء على أثر التصعيد في مواقف الجزائر، التي وصلت إلى ذروتها في الكلمة التي ألقيت باسم الرئيس الجزائري في أبوجا.

وأضاف الوزير مزوار أن المغرب «كان دائما يتعامل مع كل التصريحات من منطلق المسؤولية والعمل على إيجاد حل سلمي سياسي عادل للنزاع حول قضية الصحراء المغربية، وتسهيل مأمورية المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس، غير أنه عندما تمس مصالحه وأساسا قضيته الوطنية، فإنه يتخذ موقفا حازما».

وخلص مزوار إلى القول إن المملكة المغربية «ستتعامل دائما بروح المسؤولية وحسن الجوار والرزانة والتفكير في المستقبل وفي البناء المغاربي من أجل إرساء تكتلات قادرة على مواجهة التحديات المطروحة على مستوى المنطقة فيما يخص الأمن والاستقرار والتنمية الاقتصادية».

وفي السياق ذاته، قال مصطفى الخلفي وزير الاتصال (الإعلام) الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية عقب الاجتماع الأسبوعي للحكومة مساء أول من أمس، إنه «لم يكن من الممكن بأي حال من الأحوال تجاهل التصعيد الجزائري ضد المغرب في قضية وطنية مصيرية تتعلق بقضية الصحراء»، مؤكدا أن الأمر «لا يتعلق بجمعية حقوقية ولا بهيئة أو لجنة، ولكن بأعلى سلطة في الدولة الجزائرية».

وأوضح أن رسالة الرئيس الجزائري إلى اجتماع أبوجا «تضمنت مغالطات وادعاءات في قضايا متعددة سواء تعلق الأمر بحقوق الإنسان أو بأوصاف لبلادنا لا يمكن التغاضي عنها»، مضيفا أنه «كان من اللازم الرد دفاعا عن توجهات واختيارات المغرب في قضية مصيرية».

وكان وزير الخارجية قد قدم عرضا أمام مجلس الحكومة ذكر فيه أن رسالة بوتفليقة في ندوة أبوجا «تضمنت العديد من المغالطات، واكتست طابعا عدائيا واضحا تجاه المغرب، واستفزازا خطيرا، كما اشتملت على ادعاءات تضليلية وعبارات غير مسؤولة وغير مقبولة في حق المغرب، وهي معطيات تؤكد موقف الجزائر كطرف فاعل في هذا الخلاف».

وأوضح مزوار أن قرار استدعاء السفير «جاء عقب تواتر الأعمال الاستفزازية والعدائية للجزائر تجاه المملكة، لا سيما فيما يتعلق بالنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، وذلك بعد أن شهدت الشهور الأخيرة تصاعدا في الحملة الموجهة ضد المغرب، بدأت بتصريحات وأعمال عدائية من قبل مسؤولين جزائريين، وحملات مغرضة من طرف الإعلام الرسمي الجزائري»، مشيرا إلى أنه «خلال فترة استدعاء السفير المغربي ستواصل الممثليات الدبلوماسية والقنصلية للمملكة في الجزائر العمل تحت سلطة القائم بالأعمال».

وفي الجزائر، قال عمار بلاني المتحدث باسم الخارجية الجزائرية، إن بلده «ليس طرفا في نزاع الصحراء الغربية، ولكن لديه موقف ثابت (من النزاع) ينسجم مع الشرعية الدولية ومستلهم من مساره التاريخي الخاص به»، في إشارة إلى أن الجزائر كانت أرضا مستعمرة (1832 - 1962).

وذكر بلاني أمس في بيان وزعه على الصحافة المحلية، وعلى مراسلي وسائل إعلام أجنبية، أن وزير الاتصال الناطق باسم الحكومة المغربية: «قدم مبررات واهية لاستدعاء سفير المغرب بالجزائر للتشاور، عندما قال إن الجزائر ابتعدت عن الحياد (عن نزاع الصحراء)، كما تحدث عن تصعيد في موقف الجزائر، خاصة ما تعلق بمراقبة أوضاع حقوق الإنسان في الصحراء المحتلة، بواسطة آلية مستقلة».

وبخصوص حديث الخلفي عن «عدم حياد الجزائر» بشأن النزاع، قال بلاني: «إن المفهوم الذي يضفيه الجيران لمعنى الحياد، يلزم فقط الذين ينكرون علينا الحق في اتخاذ موقف مبدئي والتعبير والدفاع عنه عاليا في المحافل الدولية، ويجري هذا الإنكار تحت غطاء أزمات مفتعلة واستفزازات عدائية».

وأضاف بيان المسؤول الجزائري: «أما الحديث عن التصعيد الجزائري، فكان جديرا بالوزير المغربي أن يرد على التصريحات غير المقبولة واللامسؤولة، للأمين العام لحزب الاستقلال (حميد شباط)، الذي دعا في 1 مايو (أيار) الماضي إلى غزو الجزائر عسكريا». وتابع: «إنني ملزم بتذكيره (الوزير الخلفي) بأن تلك التصريحات الخطيرة والمغامرة، لم تثر أي رد فعل رسمي من الجانب المغربي.