القوى الأمنية تشدد إجراءاتها في الضاحية الجنوبية استعدادا لذكرى عاشوراء

وزير الداخلية اللبناني: لا تزال من أكثر المناطق عرضة للاستهداف بالتفجيرات

عنصر في الجيش اللبناني يمر من امام سيارات احترقت بسبب التفجير الهائل الذي حدث في منطقة الرويس بضاحية بيروت معقل حزب الله في اغسطس الماضي (أ.ب)
TT

أعلن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل، أن القوى الأمنية الرسمية المنتشرة في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، ستشدد من إجراءاتها الأمنية خلال مراسم إحياء عاشوراء، بدءا من الاثنين المقبل. وقال شربل لـ«الشرق الأوسط» إن الضاحية «لا تزال من أكثر المناطق عرضة للاستهداف بالتفجيرات».

وتبدأ الضاحية الجنوبية لبيروت، بإحياء مراسم عاشوراء السنوية، ليل الاثنين المقبل، بمخاوف أمنية متزايدة هذا العام، نظرا لتعرض المنطقة المعروفة بأنها معقل حزب الله في لبنان، لتفجيرين خلال الصيف الماضي، ونجاتها من تفجير ثالث بعد الإعلان عن تعطيل سيارة مفخخة منذ أسابيع.

وأوضح شربل أن القوى الأمنية، عادة: «تشدّد تدابيرها الأمنية، وتتخذ إجراءات استثنائية في الأماكن التي تضم تجمعات كبيرة للمدنيين، مثل التجمعات في مراسم إحياء عاشوراء»، نافيا في الوقت نفسه أن تكون هناك «خطة أمنية استثنائية للضاحية» طوال أيام عاشوراء العشرة. وأضاف: «الخطة الأمنية موجودة، ودخلت حيز التنفيذ منذ شهر ونصف، وتُطبق بشكلها المعتاد». وأشار شربل إلى أن البلديات «ستشارك في الخطة الأمنية، عملا بدورها الأمني المدرج في المادة 74 من قانونها»، لافتا إلى أنها «تشارك في تنظيم السير وغيرها من المهام الموكلة في القانون».

وعما إذا كانت التقديرات الأمنية تشير إلى أن الخطر من وقوع تفجيرات لا يزال مستمرا في الضاحية، قال شربل: «لا شك أن الضاحية من أكثر المناطق اللبنانية عرضة للاستهداف، ونأخذ هذا الموضوع في عين الاعتبار».

وكانت القوى الأمنية الرسمية اللبنانية، عطّلت سيارة رباعية الدفع، مفخخة بكميات من التفجيرات، في 14 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، داخل الضاحية الجنوبية، رغم خطة الانتشار التي نفذتها الأجهزة الأمنية اللبنانية في الضاحية، بعد تفجيري بئر العبد الذي وقع في التاسع من يوليو (تموز) الفائت، والرويس الذي وقع في 15 أغسطس (آب) الماضي، وأسفرت عن وقوع ثلاثين قتيلا وأكثر من 200 جريح.

وبموازاة الاستعدادات لإحياء المناسبة، والتي تعم سائر مناطق وأحياء الضاحية ذات الأغلبية الشيعية، ترتفع وتيرة الخوف في المكان، من إمكانية استهداف المنطقة بسيارات مفخخة. ويقول هادي (43 عاما)، الذي يسكن في بئر العبد، لـ«الشرق الأوسط»، إنه يفضل إحياء المناسبة في قريته في البقاع، خوفا من أي حدث أمني: «نظرا لاستمرار المخاوف من التفجيرات»، معربا عن اعتقاده أن «الإجراءات الأمنية، لا تستطيع أن تمنع انتحاريين، أو سيارات مفخخة، بدليل السيارة التي عُطلت قبل أسبوعين».

وعادة ما تشهد الضاحية الجنوبية مسيرات تضم مئات الآلاف من السكان، يخرجون إلى الشوارع إحياء لذكرى عاشوراء، ويلقي الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، كلمات في المناسبة، كما يختتم المسيرات في اليوم العاشر بخطاب سياسي عقب مسيرة تشمل سائر شوارع الضاحية.

وكان حزب الله يتولى المهام الأمنية خلال عاشوراء، بدءا من تنظيم الاحتفالية والمسيرات داخل الضاحية، وصولا إلى اتخاذ إجراءات التفتيش. وخلال العام الماضي، برز تطور لافت آخر، تمثل بإشراك الشرطة البلدية التابعة لاتحاد بلديات الضاحية في الخطة الأمنية الداخلية، إلى جانب حزب الله، فضلا عن تولّي الأجهزة اللبنانية الرسمية التدابير الأمنية على مداخل الضاحية.

وتساهم شرطة بلديات الضاحية التي يسيطر الحزب عليها في التدابير الأمنية، هذا العام: «بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الرسمية». وكانت هذه الشرطة، نفذّت خطة أمنية في العام الماضي، أثناء الاحتفال بذكرى عاشوراء، تمثلت بالانتشار في شوارع ومداخل الضاحية، واتخاذ تدابير أمنية، لمنع وقوع أحداث أمنية.

وتكتسب المشاركة هذا العام طابعا خاصا، بحكم تولي الأجهزة الأمنية الحكومية أمن الضاحية، منذ انتشارها فيها في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي. ويقول رئيس اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية محمد سعيد الخنسا لـ«الشرق الأوسط»، إن شرطة البلديات «ستكون جزءا من الخطة الأمنية الحكومية»، مشددا إلى أن الشرطة «تنسق مع الأجهزة الأمنية المنتشرة في الضاحية، وهي الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والأمن العام، لتنظيم الأوضاع والمساهمة في حفظ الأمن ضمن اختصاصها».

وإذ أكد الخنسا «أننا حريصون على أمن وسلامة المنطقة»، لفت إلى وجود «تدابير ستُتخذ بحسب طبيعة المكان والمنطقة، وسيكون هناك انتشار أمني لعناصر البلدية أيضا بهدف حفظ أمن وسلامة الناس»، معبرا عن تفاؤله بأن إحياء المناسبة هذا العام سيكون طبيعيا. وأكد أن «القوى الأمنية ترعى المسائل الأمنية، وسيكون هناك تنسيق دائم لأن كل مكان له ظروفه الخاصة».

وانسحبت التدابير الأمنية على مناطق شيعية أخرى تحيي المناسبة. وأصدر محافظ النبطية القاضي محمود المولى قرارات إجرائية في النبطية، استكمالا للتدابير الأمنية التي اتخذتها الجهات الأمنية الرسمية للحفاظ على الأمن والسلامة العامة خلال فترة إحياء مراسم عاشوراء.

وازدادت الهواجس الأمنية في الضاحية الجنوبية وغيرها من المناطق ذات الغالبية الشيعية، منذ بدء الأزمة السورية، وإعلان حزب الله عن موقف مؤيد للنظام السوري. وارتفعت حدة التوترات في هذه المنطقة، عقب إعلان نصر الله عن انخراط حزب الله في القتال إلى جانب النظام السوري، في مايو (أيار) الماضي.