تجدد القتال حول آبار النفط السورية والنظام يصارع للحفاظ على حقل رميلان

يتقاسمها الإسلاميون والأكراد و«العصابات» في المناطق المحررة

TT

يتصدر الصراع على منابع النفط واجهة التطورات الميدانية في شمال سوريا، مع اتهام ناشطين سوريين لمقاتلي وحدات «حماية الشعب الكردي» بالقتال للسيطرة على منابع النفط في محافظة الحسكة. وتأتي هذه الاتهامات في أوساط المعارضة، على خلفية القتال المستمر بين مقاتلين أكراد والمقاتلين الإسلاميين في منطقة اليعربية الحدودية مع العراق، نظرا لوجود واحد من أكبر الحقول النفطية شمال شرقي سوريا.

وقال الناشط الإعلامي في الحسكة سالار الكردي لـ«الشرق الأوسط» إن الاشتباكات في هذه المنطقة «لم تهدأ حتى الآن، ما أجبر العاملين في استخراج النفط على التوقف عن إنتاجه من آبارها، بحكم المعارك العسكرية»، مشيرا إلى أن «مقاتلين إسلاميين وآخرين تابعين للجيش السوري الحر كانوا يسيطرون على المنطقة وآبار النفط فيها، ويستخرجون النفط وينقلونه إلى مناطق شرق وشمال سوريا، حيث تسيطر المعارضة».

ونفى المتحدث باسم حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي» نواف خليل لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون هدف القتال مع المقاتلين الإسلاميين السيطرة على آبار النفط في اليعربية، مؤكدا أنه «لا صحة لتلك الاتهامات». وأشار إلى أن تلك الاتهامات «جزء من الحرب الإعلامية التي تشن علينا». وإذ أكد «أننا لا نتصرف بالنفط، ولن نتصرف به لأننا نعتبره ثروة وطنية»، قال إن «المقاتلين الإسلاميين الذين كانوا يسيطرون على اليعربية أحرقوا عددا من آبارها، واستخرجوا النفط من آبار أخرى تتميز بأنها ذاتية الدفع».

وأوضح خليل أن القتال في اليعربية «جاء على خلفية اتخاذ تنظيمي (داعش) و(جبهة النصرة) المدينة منصة للهجوم على المنطقة الكردية، وكانت قاعدة انطلاق للعمليات الانتحارية ضد هذه المناطق»، مشيرا إلى أن «العشائر العربية، وفي مقدمها عشيرة (شمر) التي يتحدر منها رئيس الائتلاف أحمد الجربا، ساعدت وحدات حماية الشعب الكردي في القتال ضد هذه المجموعات، إضافة إلى مقاتلين آخرين». وأكد: «إننا جزء من المعارضة الساعية لإسقاط النظام السوري».

ويسيطر مقاتلو المعارضة السورية على معظم منابع النفط في شمال وشرق البلاد، بعدما اضطرت القوات الحكومية للانسحاب من عدد كبير من المواقع النفطية، أهمها حقول «الورد» و«رحيم» و«خشان» في دير الزور، فضلا عن مواقع في ريف الحسكة الجنوبي، وحقول اليعربية على الحدود العراقية، في محافظة الحسكة.

وتقول مصادر معارضة لـ«الشرق الأوسط» إن آبار النفط التي لا تزال عاملة شرق البلاد «تخضع لسيطرة كتائب مسلحة تابعة للجيش السوري الحر وفصائل إسلامية، فضلا عن عشائر تسكن المنطقة وتجار و(عصابات بيع النفط في السوق السوداء المحلية)»، مشيرة إلى أن القوات النظامية «فقدت السيطرة على معظم الحقول».

وتعد الحسكة الخزان النفطي لسوريا، كونها تضم أكبر الحقول النفطية في البلاد، وأهمها حقلا «السويدية» و«رميلان» شرق المدينة. ويسيطر مقاتلو حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي «بي واي دي» على هذه المنطقة منذ صيف عام 2012 بعد انسحاب القوات النظامية من المنطقة، قبل أن تبدأ المعارك بين الأكراد والإسلاميين في المنطقة، ما اضطر النظام السوري لتعزيز حضوره العسكري في المنطقة، ليؤازر المقاتلين الأكراد في معركة الدفاع عن أكبر حقول النفط، وهو حقل الرميلان.

ويقول الناشط الإعلامي في الحسكة سالار الكردي لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الحماية الشعبية الكردية تحكم السيطرة على رميلان الذي يعد الآن بعهدة حزب الـ«بي واي دي»، وهي المدينة النفطية الأولى على مستوى سوريا، مشيرا إلى أن «القوات النظامية لا تزال تحتفظ بمواقع عسكرية لها في المنطقة للحفاظ عليها، وإبقائها في عهدة الحزب الكردي المقرب من النظام». وتعود أهمية هذا الحقل الاستراتيجية إلى أنه الحقل الوحيد الذي يغذي مصافي النفط في حمص وبانياس، اللتين تقعان في نطاق سيطرته على الساحل ووسط سوريا، وهو المصدر الوحيد لنفط النظام في سوريا. ويشير الكردي إلى أن النظام السوري «أمر في صيف 2012 بتسليم الحقل إلى قوات (بي واي دي)، قبل عودة القوات النظامية لمساندة القوات الكردية في القتال للاحتفاظ بالحقل».

وخلافا لهذا الحقل، يسيطر مقاتلو الجيش السوري الحر وجبهة النصرة وكتائب «أحرار الشام» على حقول الريف الجنوبي للحسكة، وأهمها حقول منطقة الشدادة. ويقول الكردي إن مقاتلي المعارضة «ينتجون النفط بطريقة بدائية، ويوزعونها على المناطق المحررة، حيث يجري تكريرها بطريقة بدائية في المصافي اليدوية المنتشرة في دير الزور وريف حلب».

ورغم أهمية مواقع النفط شمال سوريا، تعد دير الزور من أوائل المحافظات المنتجة للنفط منذ عام 1977، قبل أن تتسع دائرة التنقيب مع تلزيم حقول لشركات جديدة، أميركية وكندية وأوروبية وآسيوية وروسية، في عامي 1985 و1990.

ويوضح قائد المجلس العسكري لثوار دير الزور، المقدم مهند الطلاع، لـ«الشرق الأوسط» أن القوات النظامية «لا تسيطر إلا على حقل العمر (شرقي مدينة دير الزور) الذي توقف عن الإنتاج، نتيجة لضربات المعارضة التي قطعت خطوط الإمدادات النفطية منه»، مشيرا إلى أن القوات النظامية «قصفت حقل رحيم الذي تسيطر عليه المعارضة، ما أدى إلى تعطله عن الإنتاج». ويعتبر حقل الورد، أبرز حقول النفط في دير الزور التي لا تزال تعمل. ويشير الطلاع إلى أن هذا الحقل «يسيطر عليه الجيش السوري الحر، وبعض الكتائب الإسلامية، حيث يستخرج منه النفط، وينقل عبر صهاريج إلى المناطق المحررة في الحسكة وحلب لتأمين حاجاتها من الطاقة». ويشير إلى أن حقلي «خشان كونيكو» للغاز وحقل «العزبة» للنفط، خاضعان لسيطرة الجيش الحر ومقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة، ويستخرجون النفط منه ويصدرونه إلى المناطق المحررة.

وتراجع الإنتاج الكلي للنفط السوري منذ اندلاع الانتفاضة السورية في مارس (آذار) 2011 بنحو 60 في المائة، ليصل إلى 153 ألف برميل يوميا في أكتوبر (تشرين الأول) 2012 بحسب تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.