لقاء «محرج» جمع أوباما والمالكي في البيت الأبيض قياسا بلقائهما قبل سنتين

مستشار لرئيس الوزراء العراقي: الرئيس الأميركي شكا من معاناته مع الكونغرس

الرئيس الأميركي باراك أوباما ينصت فيما تترجم تصريحاته إلى اللغة العربية خلال لقائه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في البيت الأبيض أول من أمس (رويترز)
TT

نفى علي الموسوي المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن تكون هناك أسباب داخلية في العراق أجبرت المالكي على قطع زيارته إلى واشنطن والعودة إلى بغداد. وكانت أنباء نقلتها قناة «العراقية» الحكومية عن مراسلتها في واشنطن التي ترافق المالكي في زيارته أن أسبابا طارئة في بغداد أدت إلى أن يقطع زيارته التي كان مقررا لها أن تستمر خمسة أيام، ويعود في اليوم الرابع.

وفي هذا السياق، أكد الموسوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «السبب الرئيس الذي دعانا إلى العودة إلى بغداد قبل الموعد المقرر هو أنه كان هناك ضمن جدول الزيارة أن يكون لقاء لرئيس الوزراء مع الجالية العراقية في واشنطن غير أننا فوجئنا بأن الجهة المنظمة لهذا اللقاء، وهم عراقيون، لم تنسق جيدا مع مكتب رئيس الوزراء.. الأمر الذي يعني أن اللقاء لن يحصل». وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت الزيارة قد حققت أهدافها قال الموسوي إن «الزيارة حققت من النجاح ما لم نكن نتوقعه على كل المستويات». وحول ما إذا كان قد جرى إقناع الكونغرس بخصوص مخاوفه حيال التسليح، قال الموسوي: «لقد تحدثنا إلى الكونغرس ولكن الكونغرس الأميركي اتجاهات ورؤى مختلفة وجزء منه ناتج عن الصراع بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري»، مشيرا إلى أن «الرئيس أوباما أبلغ المالكي أن معاناته مع الكونغرس هي شبيهة بما يعانيه المالكي مع شركائه السياسيين».

وفي حديثه عقب اجتماعه بالرئيس أوباما في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، قال المالكي إنه وأوباما لديهما «أفكار ورؤى متشابهة» بشأن أولوية مكافحة الإرهاب، رغم عدم الإفصاح عن التفاصيل الخاصة بطلبات شراء العتاد العسكري أو أي مساعدات أخرى. وقال مسؤولون عراقيون آخرون إن الحكومة سعت للحصول على سلسلة من المساعدات، بما في ذلك مروحيات «أباتشي» المقاتلة وصواريخ «هيل فاير»، وكذلك الحصول على المزيد من دعم الاستخبارات الأميركية والأشكال الأخرى من الجهود الداعمة لمحاربة الإرهاب، مثل التزود بطائرات الاستطلاع من دون طيار التي يجري توجيهها من قبل الأميركيين.

بدوره، قال أوباما: «دارت بيننا الكثير من المحادثات بشأن كيفية ومدى إمكانية التنسيق فيما بيننا للتصدي لهذه المنظمة الإرهابية التي لا تؤثر على العراق فحسب، بل تشكل تهديدا للمنطقة بأكملها والولايات المتحدة الأميركية أيضا». وحسب صحيفة «نيويورك تايمز» تأتي زيارة المالكي للبيت الأبيض الأولى له منذ ديسمبر (كانون الأول) عام 2011، بعد تغيرات قاسية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. فقد كانت الولايات المتحدة الأميركية قد سحبت آخر جنودها من العراق نهاية عام 2011، عقب تسع سنوات من الحرب، وكان المالكي وأوباما يبدأان علاقة جديدة. والآن يشهد العراق تفجيرات في ظل تزايد التوترات الطائفية ومحاربة حكومة المالكي لتنظيم القاعدة الذي استعاد نشاطه مرة أخرى في العراق، مما جعل المسؤولين الأميركيين يقولون إن التنظيم يعمل على إقامة المعسكرات ومنشآت التدريب ومناطق تمركز غرب العراق. وحسب الصحيفة، ألقت الإخفاقات السياسية والانتكاسات الأمنية أوباما والمالكي في موقف حرج؛ فأوباما الذي رحب قبل سنتين بانخفاض وتيرة العنف وأثنى على المالكي بسبب قيادته «لأكثر الحكومات الشاملة في العراق»، يتوق الآن إلى التركيز على أولويات أخرى. فيما يجد المالكي الذي دعم الانسحاب الأميركي من العراق وحاول الابتعاد قدر الإمكان عن واشنطن، نفسه مضطرا لأن يطلب مساعدة الرئيس الأميركي.

وكانت الظروف المتغيرة واضحة في قرار البيت الأبيض بالامتناع عن عقد مؤتمر صحافي مشترك مثل المؤتمر الذي انعقد في آخر مرة زار فيها المالكي الولايات المتحدة. وعوضا عن ذلك، اكتفى الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء العراقي ببيان مقتضب في المكتب البيضاوي. وأشار البيان إلى أن المسؤولين العراقيين قدموا خطة خمسية جديدة بميزانية قدرها 357 مليار دولار أميركي لإنعاش وتجديد حيوية مجال صناعة الطاقة، تضمنت إنشاء خطوط أنابيب جديدة. وتعد هذه الخطة طموحة بشكل كبير، لكن ميزانية الحكومة العراقية في عام 2012 التي بلغت 100 مليار دولار أميركي فقط، دفعت بعض المحللين إلى التشكيك فيها. ويقول رمزي مارديني، زميل مساعد في المعهد العراقي للدراسات الاستراتيجية في بيروت: «لا أعرف من أين سيأتون بالأموال». ويأتي الطلب العراقي بالحصول على مساعدات في وقت تتفوق فيه قدرات التسليح لقوات تنظيم القاعدة على القوات العراقية، فصرح مسؤول بارز في الإدارة للمراسلين في مؤتمر عبر الهاتف يوم الأربعاء «بأن بعض شبكات تنظيم القاعدة القادمة من سوريا والتي لها مقرات في العراق تمتلك حاليا أسلحة ثقيلة». وذكر أحد المسؤولين، الذي طلب عدم الكشف عن هويته في معرض حديثه عن المراسلات الدبلوماسية الخاصة، أنه «قتل الطيارون العراقيون الذين دربناهم، عبر استهدافهم بالأسلحة الآلية الثقيلة»، وأردف قائلا: «ولذلك، فإنهم يحاولون التعامل مع هذا التهديد باستخدام معدات ليست مؤهلة بالفعل لأداء ذلك الأمر بفاعلية». وبالإضافة إلى ذلك، ذكر المحللون أن المالكي شدد على طلب معدات باهظة الثمن، مثل الطائرات المقاتلة «إف 16» التي ستمنح حكومته قوة رمزية في المنطقة أكثر من مجرد اجتثاث معسكرات تنظيم القاعدة.