المرجعية الشيعية تضع البرلمان العراقي في زاوية حرجة برفضها زيادة مقاعده

رغم تقديرات وزارة التخطيط ارتفاع عدد السكان إلى 35 مليون نسمة

TT

لم تكتمل فرحة البرلمان العراقي الذي صوت على ست فقرات فقط من قانون الانتخابات المثير للجدل الخميس الماضي على أن يكمل التصويت على باقي فقرات القانون في جلسة كانت مقررة أمس بعد تسوية بعض المسائل الفنية العالقة بشأن زيادة عدد المقاعد طبقا لكتاب من وزارة التخطيط بشأن الزيادة السكانية.

إذ بينما كانت الخلافات قد دارت بين الكتل السياسية خلال الشهور الماضية بشأن الدائرة الواحدة أو الدائرة المتعددة أو طبيعة النظام الانتخابي، فإنه في ظل عدم وجود تعداد سكاني في البلاد فقد أصبح البرلمان العراقي بين خيارين وهما: إما اعتماد البطاقة التموينية أساسا لعدد السكان مع تحديث سجلات الناخبين أو إحصائيات وزارة التخطيط واعتمد في النهاية الخيار الثاني. وطبقا لإحصائيات التخطيط فقد اتضح أن سكان العراق يبلغ 35 مليون نسمة، وهو ما يعني حصول زيادة في عدد أعضاء البرلمان طبقا لقاعدة التمثيل النسبي (مقعد لكل مائة ألف نسمة) من 325 وهو العدد الحالي إلى 351 في الدورة البرلمانية المقبلة.

وفي هذا السياق، صرح محسن السعدون، نائب رئيس كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «الحل الوحيد والدستوري المتاح الآن هو كتاب وزارة التخطيط حول عدد السكان؛ إذ إن ذلك يتطلب زيادة عدد المقاعد بالتساوي؛ لأنه لا يمكن لجهة أو كتلة تأخذ مقاعد أكثر من سواها من دون وجه حق». وأضاف السعدون أنه «في الوقت الذي نقول فيه إن هذا الحل لا يلبي كل طموحنا لكننا قبلنا به لأنه منسجم مع الدستور بعكس التصورات الأخرى؛ لأن من يعترض على كون أن أي زيادة في المقاعد لا تتم إلا بعد تعداد سكاني فإن المحكمة الاتحادية حسمت الأمر وفق المادة 49 من الدستور، وبالتالي فإن هذا الحل هو حل دستوري»، مشيرا إلى أن «الوقت بدأ يدرك الجميع، ولا بد أن تجرى الانتخابات في موعدها، ويجب أن نقتنع بأن نفوس العراق هي 35 مليون نسمة، وهو ما يتطلب زيادة عدد المقاعد».

وبينما طلب التحالف الوطني (الكتلة الشيعية الكبرى في البرلمان) إمهاله لكي يبت في أمر زيادة عدد المقاعد التي يطالب الأكراد منها بنحو 8 مقاعد، فقد جاء رفض المرجعية الشيعية العليا خلال خطبة الجمعة أول من أمس بمثابة دعم قوي لموقف التحالف الرافض لزيادة عدد المقاعد.

وكان ممثل المرجعية الدينية في محافظة كربلاء عبد المهدي الكربلائي قال في خطبة صلاة الجمعة إن «مطلب زيادة عدد مقاعد البرلمان، بحسب ما يراه الشعب العراقي، أمر غير منطقي، ويحمل الدولة أموالا طائلة، ولا ينسجم مع مطالبه وآماله وطموحاته». وتساءل: «هل العبرة لحل مشاكل العراق بزيادة عدد أعضاء البرلمان لتفعيل الدور الرقابي والتشريعي له؟ وهل العبرة بالكم أو النوع؟ وقد لاحظنا هذه الدورة عندما زاد عدد النواب، وهل حققت دورا ملموسا؟». وأضاف: «اليوم نحتاج إلى نوع المسؤول والآلية التي تتعامل بها الكتل السياسية في مجلس النواب في مسألة التشريع لتصل إلى التوافق، وليس العبرة في العدد». وبين أنه «على ضوء ما ذكرناه وبحسب ما يطالب به المواطنون فإن هذا المطلب غير منطقي وخلاف ما يطالبه به أبناء الشعب العراقي».

من جهته، أكد محمد رضا الخفاجي، عضو البرلمان عن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «قانون الانتخابات كان ينبغي أن يقر قبل أكثر من تسعة أشهر، لكن الخلافات بين الكتل والقوى السياسية حولته من قانون انتخابي يهم كل الشعب العراقي إلى قانون سياسي؛ إذ إن كل كتلة أو جهة تريد الحصول على أكبر عدد من المقاعد ولو على حساب الآخرين». وأضاف الخفاجي أن «الكرد لديهم تحفظات كثيرة، وكذلك القائمة العراقية، وبالتالي فإن عدم التوافق بشأن تقاسم المقاعد هو الذي يجعلنا ندور منذ شهور في حلقة مفرغة». ورأى الخفاجي أن «عدم وجود إحصاء سكاني يجعل من الصعب زيادة المقاعد، وهو الموقف الذي عبرت عنه المرجعية الدينية؛ لأن العبرة ليست في زيادة عدد المقاعد بقدر ما هي النوعية والكفاءة». وتوقع الخفاجي أن «يجري إقرار القانون لأن الجميع يدرك أن لا حل سوى في إقرار هذا القانون مهما كانت الخلافات الدائرة حوله الآن».