عاهل الأردن يدعو إلى دعم بلاده لمواجهة استنزاف 600 ألف لاجئ سوري لمواردها

فوز الطروانة برئاسة مجلس النواب الأردني بعد انسحاب منافسه الدغمي

الملك عبد الله الثاني يصافح مسؤولين قبيل افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة، أمس (رويترز)
TT

أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أمس، أن بلاده قادرة على حماية مصالحها، إذا لم يسارع المجتمع الدولي لمساعدتها في تحمل أعباء الأزمة السورية. وقال: إن وجود 600 ألف لاجئ سوري يستنزف موارد المملكة. واعتبر أن حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين مصلحة وطنية أردنية عليا. وفي الشأن الداخلي أكد أنه سيدفع باتجاه تحقق المزيد من الإصلاحات.

وأوضح الملك عبد الله الثاني، في خطاب العرش، الذي ألقاه في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة (البرلمان) السابع عشر، أمس، أن «الأردن يحتضن اليوم نحو 600 ألف لاجئ سوري، ما يشكل استنزافا لمواردنا المحدودة أصلا وضغطا هائلا على بنيتنا التحتية، وإذا لم يسارع المجتمع الدولي لمساعدتنا في تحمل أعباء الأزمة السورية، فإنني أكرر وأؤكد بأن الأردن قادر على اتخاذ الإجراءات التي تحمي مصالح شعبنا وبلدنا»، دون أن يوضح ماهية تلك الإجراءات.

وذكر بأن الأردن التزم منذ بداية الأزمة في سوريا «بموقفه القومي والإنساني، وتأييد الحل السياسي الشامل، الذي يطلق عملية انتقالية تمثل جميع السوريين، ويكفل وحدة سوريا شعبا وأرضا، ويحمي أمن المنطقة».

وعلى صعيد آخر، جدد الملك عبد الله الثاني التأكيد التزام بلاده بدعم الفلسطينيين في المفاوضات الحالية مع الجانب الإسرائيلي لمعالجة جميع قضايا الوضع النهائي والمرتبطة بمصالح أردنية عليا، وذلك وفق جدول زمني واضح، وبالاستناد إلى الشرعية الدولية والمرجعيات المعتمدة، خاصة مبادرة السلام العربية.

وأضاف أن عملية السلام وحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين: «مصلحة وطنية أردنية عليا»، مشيرا إلى أن الأردن سيستمر في واجبه الديني والتاريخي في الحفاظ على القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، والتصدي لأي محاولة إسرائيلية لتغيير هوية القدس.

وفي الشأن الداخلي، أكد الملك عبد الله الثاني «أهمية الحفاظ على تحصين الجبهة الداخلية، وأن الأردن مستمر في سعيه لتطوير نموذج إصلاحي على مستوى الإقليم نابع من الداخل، ويرتكز على خارطة طريق واضحة، عبر إنجاز محطات إصلاحية محددة». وقال: «لقد عززت العملية الإصلاحية، المستندة إلى تعديلات دستورية جوهرية منظومة الحريات، ورسخت الفصل والتوازن بين السلطات، كما أوجدت مؤسسات ديمقراطية أساسية لاستكمال التحول الديمقراطي والانتخابات النيابية الأخيرة، وإطلاق خطوات أساسية نحو الحكومات البرلمانية على أساس المشاورات النيابية، والتي نسعى للوصول بها إلى حالة متقدمة عبر الدورات البرلمانية القادمة، بحيث تشكل الأغلبية النيابية المستندة إلى أحزاب برامجية الحكومات، ويوازيها أقلية نيابية مستندة إلى أحزاب برامجية أيضا، وتعمل بمفهوم حكومة الظل في مجلس النواب». وأضاف أنه يوازي هذا التقدم في أسس العمل الحزبي والنيابي والحكومي «تطور تدريجي في دور الملكية ومسؤولياتها الدستورية، وعلى رأسها ضمان التعددية والديمقراطية، وحماية التوازن بين السلطات والدفاع عن أمننا الوطني».

ودعا إلى تطوير قانون الأحزاب وقانون الانتخاب، تمهيدا لإجراء الانتخابات التشريعية القادمة لمجلس النواب الثامن عشر على أساسها وفي موعدها. كما دعا إلى «تطوير قانون البلديات واستكمال مشروع اللامركزية، وإقرار التشريعات اللازمة قبل الانتخابات البلدية القادمة».

وقال الملك عبد الله إن الاستمرار في تطوير أداء الجهاز الحكومي من أهم متطلبات نجاح الحكومات البرلمانية. وأكد ضرورة تطوير الموارد البشرية للقطاع العام وإعداد القيادات المتميزة، وتكريس ثقافة التميز واستكمال هيكلة مؤسسات القطاع العام، وشبكة خدمات الحكومة الإلكترونية، والارتقاء بنوعية الخدمات العامة الأساسية كالتعليم والصحة والنقل العام «بحيث يلمس المواطن نتائج الثورة البيضاء التي وجهنا لإطلاقها للنهوض بالقطاع العام والجهاز الحكومي».

وقال العاهل الأردني إن الإصلاح السياسي متلازم مع الإصلاح الاقتصادي، وما يستوجب «التعاون الكامل بين الحكومة ومجلس النواب، والارتقاء إلى مستوى المسؤولية، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية والإقليمية، والتي تؤثر على أوضاعنا الاقتصادية، لتجاوز التحديات المالية التي نواجهها»، معبرا عن ثقته بأن بلاده ستتجاوز كل التحديات المطروحة عليها.

ومن جهة اخرى، فاز النائب عاطف الطراونة أمس برئاسة مجلس النواب الأردني في دورته الثانية إثر انسحاب النائب عبد الكريم الدغمي من جولة الانتخابات الثانية بعد أن حصلا على أعلى الأصوات في الجولة الأولى التي لم ينل أحد منهما الأغلبية المطلقة فيها (النصف زائد واحد).

وتنافس في الجولة الأولى كل من النواب سعد هايل السرور وعاطف الطراونة وعبد الكريم الدغمي، حيث حصل الطراونة على 60 صوتا والدغمي على 43 صوتا والسرور على 37 صوتا، بينما ألغيت ثلاث أوراق اقتراع وأخرى رابعة قدمت بيضاء.

ويحتاج المرشح في الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة إلى 73 صوتا من أجل الفوز بسبب غياب خمسة نواب عن العدد الإجمالي للمجلس 150 نائبا.

وعقب إعلان نتيجة الجولة الأولى أجريت مشاورات بين النائبين الطراونة والدغمي «اللذين حصلا على أعلى الأصوات» وعدد كبير من النواب، أدت إلى إعلان الدغمي تنازله عن الاستمرار في الجولة الثانية. وعقب إعلان تنازل الدغمي أمام مجلس النواب أعلن رئيس الجلسة النائب محمد الحاج فوز المهندس الطراونة برئاسة مجلس النواب. وأكد الطراونة فور إعلان فوزه أن «الأردن سيظل داعما لحفظ أمن واستقرار سوريا وداعم جهود الحل للازمة السورية ووقف الاقتتال السوري - السوري من خلال دعم جهود الحوار السوري - السوري عبر عملية سياسية تحفظ دماء الشعب السوري ووحدته وسلامة أراضيه من شبح التقسيم».

وفاز النائب أحمد الصفدي بموقع النائب الأول لرئيس مجلس النواب، بينما فاز النائب مازن الضلاعين بمنصب النائب الثاني في الانتخابات التي جرت أمس.

والطراونة أحد النواب الذين حافظوا على مقعدهم لدورتين متتاليتين سابقتين، وذلك في البرلمان الرابع عشر (2003) والخامس عشر (2007) بعد أن استطاع إثبات وجوده على الساحة النيابية والسياسية رغم قدومه من عائلة مشغولة بأعمال القطاع الخاص.

ويعد الطروانة أحد المحركين الرئيسين لتيار الإصلاح والتغيير في مجلس النواب الخامس عشر، وكان له مواقف عدة من مسألة رئاسة مجلس النواب، وله الدور الأكبر في إقناع النواب بوجهة النظر الإصلاحية داخل المجلس.

وترشح الطراونة في انتخابات البرلمان عام 2010 ولم يحالفه الحظ، وفاز في الانتخابات الأخيرة 2012 على نظام القوائم، ويرأس حاليا كتلة وطن النيابية.

والطراونة من مواليد الخالدية في محافظة الكرك عام 1954، وهو متزوج ويحمل درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية، ورأس في الدورة الثانية من عمر البرلمان الخامس عشر لجنة الطاقة والثروة المعدنية.

وعمل الطراونة مهندسا في المملكة العربية السعودية ومديرا عاما لشركة مقاولات ومديرا لهندسة بلديات معان ومن ثم السلط والزرقاء فعمان، ورئيسا فخريا لنادي ذات راس ومؤسس لجمعية العون للطالب الفقير ورئيس لجنة الصداقة اليونانية - الأردنية، وهو أيضا رجل أعمال وكذلك رئيس لمجلس إدارة بعض الشركات في القطاع الخاص.

وفي غضون ذلك عقد مجلس الأعيان الغرفة الثانية لمجلس الأمة (البرلمان) أولى جلساته برئاسة رئيس المجلس عبد الرؤوف الروابدة وبحضور النسور وهيئة الوزارة.

وانتخب المجلس الأعيان رجائي المعشر وجواد العناني وصالح القلاب أعضاء للجنة صياغة الرد على خطاب العرش. كما انتخب أعضاء المجلس العين فيصل الفايز نائبا أول لرئيس المجلس والعين الدكتور معروف البخيت نائبا ثانيا، والعينين سلوى المصري ومحمد الشهوان مساعدين للرئيس.