سكان بغداد يشكون من خرابها.. والحكومة تتهم أمانتها

ناشطة في الاحتفال السنوي بيومها: إنها في حالة يرثى لها

النفايات تتراكم أمام تمثال الشاعر العراقي الكبير محمد معروف الرصافي وسط بغداد («الشرق الأوسط»)
TT

انتقدت أوساط أكاديمية وإعلامية وسياسية التدهور الخطير الذي تعانيه العاصمة العراقية بغداد، والتشويه المتعمد والعبثي الذي أصاب محالها وأزقتها وأهم معالمها التراثية والحضارية خلال السنوات العشر الماضية، إضافة إلى خرق التصميم الأساسي للمدينة، وتراكم النفايات والأوساخ فيها.

وتعاني مناطق عدة ببغداد من تردي الواقع الخدمي وتقادم بناها التحتية، إضافة إلى عمليات منظمة لتقويض معالمها التراثية المميزة واقتلاع أشجارها المعمرة، وتغيير ملامحها وخريطتها لصالح منشآت استهلاكية على حساب بساطتها وهويتها الضاربة في القدم، مما أدى إلى تراكم التلوث البصري والبناء الفوضوي فيها، وبشكل لا يليق بـ«عاصمة الرشيد» التي كانت حاضرة الدنيا على مر العصور والأزمان.

وكانت منظمة «ميرسر» قد صنفت في تقريرها لعام 2011 بغداد باعتبارها «أسوأ» مدن العالم من ناحية نوعية الحياة ومستوى الأمن، مما سبب تذمر العراقيين، وأخذ مساحة من نقاشاتهم اليومية.

الأمين العام لمجلس الوزراء العراقي علي العلاق، حمل، في كلمة ألقاها خلال الاحتفال السنوي بـ«يوم بغداد»، الذي أقيم، أمس، في متنزه الزوراء، «أمانة بغداد» مسؤولية ما تشهده العاصمة من تجاوز وإهمال وتشويه، موضحا أن الحكومة لا تريد بناء «ناطحات سحاب» في بغداد، وأنها تريدها «بسيطة وعفوية»، وتحتوي على «محطات نتنفس فيها عبق الماضي وذكرياته».

وأضاف أن «بغداد تختزل تاريخ العراق وتشكل محطات تاريخية، بما تزخر به من أحداث كبرى، وعليه، يجب أن تكون محمية حضاريا وتاريخيا، ومن المؤسف أن نرى الإهمال والتجاوز والتشويه لا يزال واقع هذه المدينة، وأن أهم مشاريع التأهيل لم تشهد تقدما ملموسا حتى اليوم».

بدورها، تذرعت أمانة بغداد، وعلى لسان أمينها عبد الحسين المرشدي، بالصلاحيات التي تفتقر لها الأمانة من أجل الشروع في ترميم البيوت البغدادية غير العائدة للأمانة، لجعلها مكانا تراثيا جميلا، مؤكدا أن الأمانة تبذل كل ما في وسعها من أجل تجميلها وتنظيفها.

المهندسة والناشطة شروق العبايجي، التي قادت حملة «إنها بغداد»، مع مجموعة من الناشطين والأكاديميين لحماية بغداد من الخراب، قالت لـ«الشرق الأوسط»: «إننا نكاد نبكي على بغداد اليوم، فهي في حالة يرثى لها، وهي تفقد ملامحها وعمارتها التي شكلت روحها وهويتها». وأضافت: «هناك تقصير كبير من قبل أمانة بغداد، وهي ترتكب جرمها كل يوم أمام الملأ بإهمالها المدينة وصمتها عن انهيار رموزها كل يوم، بفعل الظروف الجوية، أو الإهمال أو العبث».

أما الكاتب والإعلامي محمود موسى، فقال: «شكلت بغداد في العقل الجمعي للإنسانية رمزا حضاريا وحاضنة للجمال والمدنية، لكن المؤلم أن بغداد اليوم لم تعد وطنا لأهلها.. فهي أسوأ مدينة في العالم، تسير إلى الوراء بخطى ثابتة».

وفي حين بالغت أمانة بغداد في الإعداد للاحتفال، الذي تضمن مشاركة 14 بلدية ومعارض للزهور والأعمال النحتية والفلكلورية والصور الفوتوغرافية وعرض فيلم سينمائي يحكي عن بغداد وتنظيم مهرجان للشعر الشعبي وعرض للسيارات الملكية القديمة، فإنها أكدت أن تعزيز الاحتفال جاء تزامنا مع فعاليات مشروع «بغداد عاصمة الثقافة العربية»، وبالتالي كان هناك حرص على إخراج الاحتفال بمظهر يليق بمكانة بغداد في الحضارة العربية والإسلامية.

أنوار تقي مدرسة في إعدادية السلام، قالت: «نحتاج إلى بغداد نظيفة ومرتبة، وخالية من الحواجز الخرسانية التي أصابت بصرنا بالعمى، وطمست تفاصيل المدينة. نشعر أننا نمشي داخل سجن كبير».