تواصل الخلاف بين «النهضة» والمعارضة حول رئيس وزراء تونس الجديد

اعتقال إمام مسجد حرض على قتل قوات الأمن

TT

لم يرتسم في الأفق أمس أي حل للخلاف القائم في تونس بين الإسلاميين الحاكمين والمعارضة حول اسم رئيس وزراء جديد لإخراج البلاد من أزمة سياسية عميقة، وذلك بعد أن جرى تحديد يوم أمس مهلة جديدة للتوافق بهذا الشأن.

وكان مقررا انعقاد المفاوضات أصلا في الساعة التاسعة صباحا (الثامنة تغ) لكنها انطلقت فعليا نحو الساعة 13.00 تغ، واستمرت لساعة لا غير قبل توقفها من جديد. ثم استؤنفت نحو الساعة 17.30 تغ.

ويتبادل الطرفان المسؤولية في جمود الموقف في هذه المفاوضات التي كان يفترض أصلا أن تنتهي السبت. لكن المفاوضين لم يتوصلوا إلى الحسم بين شخصيتين هما محمد الناصر (79 عاما) المدعوم من المعارضة وأحمد المستيري (88 عاما) المدعوم من النهضة وحلفائها.

وأكد عامر العريض، القيادي البارز في حزب النهضة وشقيق رئيس الوزراء الحالي علي العريض، بعد ظهر أمس أن «أفضل سيناريو هو التوافق على أحمد المستيري رئيسا للحكومة».

من جانبه قال مراد العمدوني، النائب المعارض أن تحالف المعارضة «جبهة الإنقاذ» اقترحت التخلي عن المرشح محمد الناصر واقترحت مرشحين آخرين غير المستيري لكن النهضة والتكتل (عضو الائتلاف الحاكم) رفضا.

ويرى الإسلاميون أن المستيري هو أكثر المرشحين استقلالية بينما ترى المعارضة أنه طاعن كثيرا في السن ليتحمل عبء المسؤولية، في حين تعد النهضة الناصر قريبا كثيرا من حزب نداء تونس المعارض.

وحذر زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي قبل المباحثات من أن «ليس لدينا أي اسم نقترحه» ما عدا المستيري.

ويهدف الحوار الوطني إلى إخراج تونس من أزمة سياسية عميقة تتخبط فيها منذ اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في 25 يوليو (تموز) الماضي في عملية نسبت إلى التيار السلفي المتطرف.

ووافق العريض على إفساح المجال أمام حكومة غير مسيسة شرط احترام مجمل الجدول الزمني للحوار الوطني.

وينص الحوار على سن قانون انتخابي وجدول للانتخابات وإطلاق عملية تبني الدستور الجديد الذي تجري صياغته منذ عامين.

لكن تعطلت عدة ملفات أصلا، إذ لم يجرِ انتخاب أعضاء اللجنة الانتخابية السبت كما كان مقررا بسبب مشكلة إجرائية، ولم يبدأ العمل على إعداد قانون الانتخابات الذي يفترض أن تجري المصادقة عليه في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. ولن تستقيل حكومة العريض قبل منتصف نوفمبر.

وتساءلت الصحف التونسية حول فرص نجاح المباحثات في ظرف أمني متوتر بسبب تصاعد أعمال عنف الإسلاميين المسلحين.

وكتبت صحيفة «لابرس»: «إذا لم يجرِ التوصل إلى الحل المنشود اليوم فهل يجب أن نتوقع إخفاق الحوار الوطني؟»، وانتقدت «حوار طرشان يحاول كل طرف الاستفادة منه لمصلحته».

من جهة أخرى، وقفت الشرطة التونسية في مدينة منزل عبد الرحمن بولاية بنزرت (شمال شرق) أمس إمام مسجد حرض المصلين على قتل قوات الأمن والجيش والمتعاونين معها من المدنيين، حسبما أبلغ مسؤول أمني مراسل وكالة الصحافة الفرنسية في بنزرت.

وقال المسؤول إن أحمد بن زبيدة (30 عاما) نصب نفسه إماما على المسجد «العتيق» في مدينة منزل عبد الرحمن، وأفتى خلال صلاة الجمعة الماضي بوجوب قتل قوات الأمن والجيش والمتعاونين معها من المدنيين باعتبارهم «طواغيت».

ولفت إلى أن بن زبيدة ينتمي إلى جماعة «أنصار الشريعة بتونس» التي صنفتها السلطات في 27 أغسطس (آب) الماضي تنظيما «إرهابيا» وأصدرت بطاقة جلب دولية ضد مؤسسها سيف الله بن حسين الملقب بـ«أبو عياض».

وذكر بأن الموقوف كان يقيم في فرنسا وعاد إلى تونس بعد الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

وتصف جماعة أنصار الشريعة بتونس قوات الأمن والجيش بأنهم «طواغيت». ويحرض أتباع الجماعة باستمرار على قتل «الطواغيت».

على صعيد آخر، أعلنت وزارة الداخلية التونسية أمس أنها أمرت بفتح تحقيق لتحديد ما إذا كانت وفاة معتقل في مركز شرطة في تونس الأسبوع الماضي قد حصلت نتيجة تعرضه للتعذيب من قبل عناصر من الشرطة.

وصرح وزير الداخلية لطفي بن جدو لإذاعة «شمس إف إم» أن «أمرا صدر بإجراء تحقيق إداري وجنائي، وكلف قاضي التحقيق بالملف وننتظر نتائج التشريح». وأضاف: «سنتخذ كل التدابير الضرورية طبقا لنتيجة التشريح». وأعلنت محامية عائلة المتوفى أنها تنتظر نتائج الفحص الطبي الشرعي، لكنها أكدت في الوقت نفسه قناعتها بأن الشاب توفي بعد تعرضه للتعذيب.

وصرحت راضية النصراوي، الناشطة ضد ممارسات تعذيب الشرطة التي كانت سائدة في عهد نظام الرئيس الأسبق بن علي لإذاعة «إكسبرس إف إم»: «أنا شخصيا متأكدة أن الوفاة ناجمة عن التعذيب لكنني أنتظر نتائج التشريح». وأضافت: «ذهبت بنفسي لأرى (الجثة) السبت، وشاهدت أشياء مروعة، جروحا ودما جافا وآثار عنف في الجمجمة والوجه والركبتين وآثار أصفاد في اليدين والرجلين».

وأكدت الناشطة أن الشاب واسمه وليد دنقير تعرض على الأرجح لشكل من أشكال التعذيب يطلق عليه اسم «المشوي» المتمثل بتعليق الضحية بحبال طيلة ساعات وجعله يدور على نفسه.

وكان الضحية مطلوبا في إطار عدة جرائم، منها تهريب المخدرات، واعتقل الجمعة في حي المدينة بتونس وقد يكون توفي اليوم نفسه.

وأقر وزير حقوق الإنسان سمير ديلو، المنتمي إلى حركة النهضة الإسلامية، في مطلع أكتوبر أن «التعذيب ما زال يمارس في تونس في مراكز الاعتقال» بعد ثلاث سنوات على قيام الثورة التونسية التي أطاحت ببن علي.