إسلام آباد تبحث العلاقات مع واشنطن بعد مقتل حكيم الله محسود

الرئيس الأفغاني ينتقد توقيت تصفية زعيم طالبان في غارة أميركية

شرطي أفغاني يباشر عمله في نقطة تفتيش داخل العاصمة كابل أمس (أ.ب)
TT

ترأس رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف أمس اجتماعا لكبار مستشاريه الأمنيين مساء أمس، لمراجعة العلاقات مع الولايات المتحدة بعد الضربة الصاروخية من طائرة أميركية من دون طيار التي أسفرت عن مقتل زعيم طالبان الباكستانية حكيم الله محسود. وأثار مقتل محسود زعيم طالبان الباكستانية المسؤولة عن مقتل آلاف الأشخاص في تمرد تخوضه منذ ست سنوات ضد الدولة، بضربة من طائرة أميركية من دون طيار في منطقة القبائل قرب الحدود الأفغانية، الجمعة، ردود فعل غاضبة من إسلام آباد.

وجاء ذلك بينما تقوم الحكومة بأولى خطواتها لفتح محادثات مع طالبان مما دفع بوزير الداخلية الباكستاني شودري نثار إلى اتهام واشنطن بـ«إحباط» جهود السلام.

وضم الرئيس الأفغاني حميد كرزاي صوته إلى منتقدي هذه الضربة، قائلا إن مقتل محسود يأتي في «وقت غير مناسب»، وعبر عن أمله في ألا تتأثر عملية السلام نتيجة لذلك.

وتولى رئيس الوزراء نواز شريف السلطة في مايو (أيار) بعد تعهده بفتح حوار مع طالبان في محاولة لوقف تمردها الدموي الذي بث انعدام الاستقرار في الدولة التي تملك السلاح النووي.

وأول من أمس قال وزير الداخلية الباكستاني إن «كل جانب» من علاقات إسلام آباد مع واشنطن يجب أن يراجعه مجلس الأمن الحكومي، في وقت كانت العلاقات تشهد بعض التحسن بعد أزمات متتالية شهدتها في 2011 و2012.

وطالبت أحزاب المعارضة بقيادة حركة الإنصاف الباكستانية بزعامة عمران خان الحكومة بإغلاق طرق الإمدادات في باكستان لقوات حلف شمال الأطلسي المنتشرة في أفغانستان.

وقالت حركة الإنصاف إنها ستمنع مرور قوافل قوات حلف الأطلسي في إقليم خيبر باختونخوا شمال غربي البلاد، حيث يتولى السلطة، مما سيقطع أحد طرق الإمداد الرئيسة إلى أفغانستان.

ومنعت باكستان مرور قوافل حلف الأطلسي لمدة سبعة أشهر في 2012 بعد غارة جوية أميركية أخطأت هدفها وأدت إلى مقتل 24 جنديا باكستانيا.

ومع خطة «الأطلسي» بسحب نحو 87 ألف عنصر من أفغانستان بحلول نهاية السنة المقبلة بعد تدخل استمر 12 سنة، تعتبر خطوط الإمدادات عبر باكستان ذات حيوية كبرى.

والمشاعر المناهضة للأميركيين شديدة في باكستان ولا تحظى الضربات من طائرات من دون طيار بشعبية وينتقدها كثيرون لأنها تؤدي إلى مقتل مدنيين وتعد مساسا بالسيادة. لكن بعد تصعيد اللهجة ضد الولايات المتحدة في نهاية الأسبوع سيكون على شريف وحكومته أن يدرسوا جيدا الجوانب العملية لردهم في ضوء تحسن العلاقات مع شريك مالي حيوي.

والشهر الماضي استقبل الرئيس الأميركي باراك أوباما شريف في البيت الأبيض وأعلنت وزارة الخارجية عن الإفراج عن 1.6 مليار دولار من المساعدات بما يشمل 1.38 مليار للجيش الذي يحظى بنفوذ كبير في البلاد.

وكانت هذه المساعدات جمدت مع تدهور العلاقات بين البلدين إثر سلسلة أزمات في 2011 و2012 بما يشمل احتجاج باكستان على العملية الخاصة الأميركية التي أدت إلى تصفية أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة بمخبئه في باكستان والتي نفذت من دون إبلاغ السلطات الباكستانية مسبقا.

وأعلنت واشنطن أن مسألة التفاوض مع حركة طالبان الباكستانية تشكل قضية داخلية باكستانية لكنها شددت على أن الولايات المتحدة وباكستان لديهما «مصلحة حيوية واستراتيجية مشتركة في وقف عنف المتطرفين». وأعلنت حركة طالبان الباكستانية الأحد أنها اختارت رئيس المجلس الأعلى للحركة عصمت الله شاهين بهيتاني قائدا مؤقتا للحركة إلى حين اختيار زعيم دائم لخلافة محسود. وكان عصمت الله شاهين بهيتاني يعد أحد المرشحين المحتملين لخلافة حكيم الله محسود على غرار خان سعيد «سانجا» الرجل الثاني في الحركة حاليا، والملا فضل الله القائد الذي سيطر على وادي سوات.

من جهة أخرى، استبعد المتحدث باسم حركة طالبان الباكستانية شهيد الله شهيد أمس (الأحد) إجراء حوار مع الحكومة الباكستانية، وقال إن إجراء محادثات مع «عبيد الولايات المتحدة» لم يعد محتملا.

وجاء تصريح شهيد الله وسط بيانات متفائلة من الحكومة الباكستانية بشأن مصير محادثات السلام المقترحة. وأضاف شهيد الله أن اختيار خليفة لزعيم طالبان سيجري في غضون اليومين المقبلين، بحسب قناة «جيو» الباكستانية. وكان شهيد الله قد صرح في وقت سابق أمس بأن حركة طالبان قد عينت زعيما مؤقتا لقيادة الحركة بعد مقتل قائدها حكيم الله محسود في هجوم لطائرة أميركية من دون طيار. وتابع المتحدث باسم طالبان أنه «جرى تعيين عصمت شاهين رئيس مجلس الشورى الأعلى، رئيسا مؤقتا لحركة طالبان».

وفجر مقتل محسود رد فعل غاضبا من جانب الحكومة الباكستانية التي اتهمت واشنطن بتخريب جهود وليدة لإجراء مفاوضات سلام مع طالبان.

ويهدد مقتل محسود في منطقة قبلية بالقرب من الحدود الأفغانية بعرقلة خطط الحكومة الباكستانية، وقال المتحدث باسم طالبان إن «الحكومة الباكستانية سلمتنا جثمان حكيم الله محسود». وقالت باكستان إن الغارة بطائرة من دون طيار الجمعة خربت المحادثات. وكانت الحكومة تعتزم إرسال وفد لإجراء محادثات مع زعيم طالبان أول من أمس.

وقالت الحكومة «بنينا لبنة بلبنة عملية كان من شأنها أن تؤدي إلى سلام.. لكن الأميركيين دمروها».

واستدعت وزارة الخارجية الباكستانية السفير الأميركي في إسلام آباد احتجاجا على الغارة.

وكان شريف قد حث الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال محادثات في واشنطن الشهر الماضي على إنهاء الغارات بطائرات من دون طيار، التي تقتل غالبا مدنيين أبرياء، مما يؤجج العداء تجاه الولايات المتحدة.

وأغلقت باكستان طرق نقل المساعدات لعدة أشهر عامي 2011 و2012 بعد مقتل 24 جنديا باكستانيا في هجوم لـ«الناتو» في منطقة قبلية بالقرب من الحدود الأفغانية.