اشتباكات مسلحة في شرق العاصمة الليبية.. ونفي حكومي لإغلاق المدارس

فتوى بتحريم الفيدرالية.. والأمم المتحدة تدين مسلسل الاغتيالات في بنغازي

TT

استأنف المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا اجتماعاته بمقره الرئيسي في العاصمة طرابلس وسط تحركات مريبة لعناصر وميليشيات مسلحة، فيما اندلعت اشتباكات بالأسلحة الثقيلة فجر أمس بين ميليشيات في منطقة سوق الجمعة في شرق طرابلس.

ونفى عمر حميدان، الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني لـ«الشرق الأوسط» أن تكون ميليشيات مسلحة تحاصر مقر المؤتمر، الذي كان يناقش تفعيل قراره بشأن دمج التشكيلات العسكرية والأمنية فرادى وبأرقام عسكرية، وإلغاء تكليف غرفة ثوار ليبيا بتأمين العاصمة طرابلس.

وقال حميدان لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من العاصمة طرابلس إن العناصر المسلحة الموجودة خارج المقر تتبع لـ«غرفة عمليات ثوار ليبيا»، مشيرا إلى أن وجودها حول مقر المؤتمر الكائن بأحد فنادق طرابلس جرى بالتنسيق مع الحرس الرئاسي الذي يتولى مهمة حماية وتأمين مقر المؤتمر.

من جهته، أعلن عادل الغرياني، المتحدث باسم الغرفة، أن قوة تابعة لهم توجد في مداخل ومخارج وداخل مقر المؤتمر الوطني العام لتأمين المؤتمر، كون هذه المهمة أصبحت من الآن وصاعدا من ضمن مهام الغرفة باعتبارها تتبع مباشرة لرئاسة المؤتمر. لكن الصفحة الرسمية للغرفة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، نفت محاصرة قوات تابعة لها لمقر المؤتمر من أجل الضغط على أعضائه للتصويت على إبقاء الغرفة، معتبرة أن هذا الكلام محض افتراء وكذب. وأضافت أن «الغرفة منهجها بسط الأمن والأمان لينعم المواطن وعائلته بالطمأنينة في ربوع ليبيا، معتبرة أنها بعيدة كل البعد عما وصفته بـ(المماحكات السياسية والأجندات الحزبية)».

وذكر شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن أكثر من 20 سيارة محملة بأسلحة متوسطة وثقيلة كانت تتمركز أمس بشكل مفاجئ حول مقر المؤتمر من دون سبب واضح لهذه التحركات المفاجئة، التي تأتى وسط انقسام بين أعضاء المؤتمر حول مصير غرفة عمليات ثوار ليبيا التي اتهمها علي زيدان رئيس الحكومة الانتقالية بالتورط في عملية اختطافه المثيرة للجدل الشهر الماضي.

وكان المؤتمر قد رفع جلسته الصباحية أمس لمدة ساعة بناء على طلب من أعضاء لجنة التواصل بين الكتل السياسية، في محاولة للتوصل إلى اتفاق حول القضايا الخلافية فيما بينها.

وقبل رفع الجلسة، كشفت عضوتا المؤتمر «نجاح صلوح» و«زينب التارقي» عن تعرض عدد من أعضاء المؤتمر للتهديد في محاولة للتأثير على تصويتهم على بعض قرارات المؤتمر المتعلقة بجدول الأعمال. وقالت السيدتان خلال الجلسة الصباحية للمؤتمر إنهما تعرضتا للتهديد والترهيب، وأن مسلحين تجمعوا مساء أول من أمس أمام قاعة المؤتمر وقاموا بإطلاق الرصاص في الهواء والتلفظ بألفاظ نابية، إضافة إلى تعرض عدد من أعضاء المؤتمر للتهديد في محاولة للتأثير على تصويتهم على بعض قرارات المؤتمر.

وطلبت العضوة نجاح صلوح من نوري أبو سهمين، رئيس المؤتمر، التحقيق مع أحد الأعضاء بالمؤتمر؛ متهمة إياه بأنه حاول الاعتداء عليها، ومشيرة إلى أنها سوف تقدم شكوى قانونية إلى النائب العام. كما دعت إلى تفعيل المادة 52 من اللائحة الداخلية للمؤتمر، التي تنص على تشكيل لجنة تحقيق في حالة تعرض رئاسة المؤتمر أو أحد الأعضاء للاعتداء داخل حرم المؤتمر بالضرب أو السب أو أي صور من الاعتداء الصريح المباشر. في المقابل، تعهد أبو سهمين باتخاذ الإجراءات القانونية المنصوص عليها في النظام الأساسي المعمول به داخل المؤتمر.

من جهة أخرى، استبقت وزارة التربية والتعليم مظاهرة متوقعة في التاسع من الشهر الحالي للمطالبة بإسقاط المؤتمر الوطني والحكومة الانتقالية، بالتأكيد على أن الدراسة مستمرة ومنتظمة في جميع مدارس ليبيا. ودعت الوزارة في بيان أصدرته أمس كل المعلمين والطلبة إلى عدم الانجرار وراء ما وصفته بـ«الشائعات والدعوات المشبوهة التي تحرض على إغلاق المدارس وتعطيل العملية الدراسية». كما أكد مجلس طرابلس المحلي استمرارية الدراسة بكل المؤسسات التعليمية، وأنه لا صحة لما يشاع أو يتداول عن توقف الدراسة. من جهة اخرى، أعلنت دار الإفتاء الليبية تأييدها لبيان رابطة علماء ليبيا الذي حرم الدعوة لنظام الحكم الفيدرالي في ليبيا حاليا بسبب ارتباطها بإغلاق حقول وموانئ النفط، وما ستؤدي إليه هذه الدعوة من تشرذم وانقسام وانحياز إلى الجهوية والقبيلة بين الليبيين.

وأكدت دار الإفتاء في بيان أصدرته أمس أن «وحدة الوطن كانت ولا تزال على رأس أهداف ثورة السابع عشر من فبراير (شباط)»، مطالبة المؤتمر الوطني العام والحكومة ألا يفرطوا في وحدة الوطن الذي تزداد الأطماع في تقسيمه وإهدار طاقاته وثرواته وسلب خيراته. وأعربت عن استغرابها من رصد ميزانية تقارب المائة مليار دينار ليبي (نحو 80 مليار دولار) على بلد لا يزيد سكانه على الخمسة ملايين نسمة، حسب آخر تعداد لمصلحة الإحصاء، بينما ما زالت جبال القمامة والنفايات مكدسة في مناطق وسط العاصمة طرابلس.

وكان سكان في العاصمة طرابلس قد سمعوا في الساعات الأولى من صباح أمس أصوات إطلاق نار كثيف ونيران أسلحة مضادة للطائرات على مدى ثلاث ساعات.

وقال هاشم بشر، رئيس اللجنة الأمنية العليا في طرابلس إن ما حدث هو مجرد إشكال بين كتيبة النسور وبين قوة الردع المشتركة (سرية النصر) عند بوابة أمام القبة الفلكية بطريق الشط، تطور إلى تبادل إطلاق نار، مما أسفر عن إصابة آمر كتيبة النسور نوري فريوان.

ونفى بشر عبر صفحته الرسمية على «فيس بوك» ما يشاع عن أن الأمر سببه خلاف بين مصراتة وسوق الجمعة، أو أن الحادث نتيجة لما كان في المؤتمر الوطني مساء أول من أمس.

كما نفى مصدر أمني رسمي وجود أي علاقة لأي من التشكيلات الأمنية أو الكتل السياسية في الحادث الذي وقع في المنطقة الواقعة بين أبي ستة وسوق الجمعة، التي كانت مركزا للمقاومة ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي عندما امتدت الانتفاضة التي ساندها حلف شمال الأطلنطي (الناتو) في 2011 من منطقة شرق ليبيا إلى العاصمة.

ونقلت وكالة الأنباء المحلية عن المصدر قوله إن الحادث ناجم عن سوء تفاهم وقع بين أحد المواطنين المارين بإحدى نقاط التفتيش والمكلفين بالعمل فيها، مستبعدا وجود أية تجاذبات سياسية لها علاقة بالحادث. وأوضح أن إطلاق النار حدث بعد أن أوقف المكلفين بالعمل في نقطة التفتيش المواطن لعدم وجود لوحات معدنية لمركبته ووجود الزجاج المعتم وعدم امتثال المواطن لطلب المكلفين بالعمل لإزالته.

وأعلن أن تبادل إطلاق النار بين الطرفين أسفر عن جرح اثنين من المواطنين، معتبرا أن وقوع مثل هذه الحادثة يعكس ما وصفه بسوء التقدير من قبل الطرفين، ولانتشار السلاح بين المواطنين والذي أصبح استعماله دون رادع. وأكد المصدر أن الوضع الأمني في مدينة طرابلس وضواحيها هادئ جدا، وأن المؤتمر الوطني يعقد جلساته وسط حالة أمنية جيدة. وأعلنت الشركة العامة للكهرباء عن إتلاف محول كهربائي بجانب مستوصف عرادة بطرابلس خلال هذه الاشتباكات، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن جزء بالمنطقة.

على صعيد ذي صلة، أدانت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا وبشدة استمرار مسلسل الاغتيالات في بنغازي، والذي يستهدف يوميا قيادات أمنية وعسكرية وناشطين سياسيين وسواهم من المواطنين. وشددت البعثة في بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط» على ضرورة تضافر الجهود الحكومية والأهلية للتصدي لهذه الجرائم البشعة عن طريق اتخاذ خطوات عملية وسريعة لتدارك آثارها المدمرة على السلم والأمن وسلامة المواطنين في المدينة. كما دعت السلطات الليبية إلى إيلاء هذا الأمر الأولوية التي يستحقها لضمان توفير ظروف ملائمة لاستكمال مسار التحول الديمقراطي.

على صعيد آخر، تضاربت التصريحات بشأن تكليف العقيد عبد الله السعيطي آمرا للمنطقة العسكرية والأمنية ببنغازي. فبينما أعلن الناطق الرسمي باسم الغرفة الأمنية المشتركة لتأمين مدينة بنغازي أن وزير الدفاع عبد الله الثني أصدر قرارا يقضي بتكليف السعيطي، نفى الناطق الرسمي باسم القوات الخاصة تعيين السعيطي حاكما عسكريا لمنطقة بنغازي، واعتبر أن التكليف يقتصر فقط على رئاسة الغرفة الأمنية المشتركة لتأمين المدينة.