عائلات فلسطينية تجري فحوص «دي إن إيه» قبل تسلم جثامين أبنائها من إسرائيل

إسرائيل تحتجز عشرات الجثث في «مقبرة الأرقام» بعضها يعود إلى 1967

فلسطينيان ينتحبان في نابلس أمس بعد أنباء عن وفاة الأسير حسن الترابي في مستشفى العفولة داخل إسرائيل جراء إصابته بالسرطان (إ.ب.أ)
TT

أنهت 30 عائلة فلسطينية أمس فحوص «دي إن إيه» في إسرائيل من أجل مطابقتها على جثامين أبنائهم المحتجزة في «مقابر الأرقام» الإسرائيلية منذ سنوات طويلة، قبل تسلمها الشهر المقبل.

وقال سالم خلة، منسق حملة استرداد جثامين الشهداء، لـ«الشرق الأوسط»، إن «30 عائلة أنهت الفحوصات بنجاح، على أن تجرى ست عائلات فحوصا أخرى الخميس».

وتحتجز إسرائيل عادة جثامين منفذي العمليات ضد إسرائيل، أو من قتلوا خلال اشتباكات مسلحة، وكذلك جثامين عدد من القتلى الذين اغتالتهم وحداتها الخاصة، أو ممن توفوا في السجون الإسرائيلية.

وتهدف الفحوص إلى التأكد من أن تلك الجثامين التي تحللت وأصبحت عظاما، ستسلم إلى العائلات الصحيحة، وذلك عبر التأكد من تطابق العينات بين أحد أفراد العائلة والجثمان. واضطرت العائلات إلى السفر إلى إسرائيل لعدم وجود بنك فحوصات لدى السلطة الفلسطينية.

وقال خلة، إن «ثمة مطالبات وضغوطات كبيرة على إسرائيل من أجل السماح للسلطة بإقامة بنك (دي إن إيه) في الضفة الغربية». وأضاف: «توجهنا لمحكمة العدل العليا الإسرائيلية من أجل استصدار قرار.. هذا من واجبات القوة المحتلة». وتابع: «بنك الـ(دي إن إيه) أحد أهم النواقص لدى السلطة والفلسطينيين بشكل عام».

وحتى ذلك خاطبت «حملة استرداد الشهداء» بالتنسيق مع السلطة فريق تشريح أنثروبولوجي أرجنتيني، للمساعدة في الكشف عن مصير القتلى غير المعرفين.

والعام الماضي واجه الفلسطينيون معضلة في التعرف على جثامين 19 شخصا من ضمن 91 سلمتهم إسرائيل للسلطة.

وقال خلة «استطعنا التعرف آنذاك على تسعة من خلال مقتنياتهم وبعد بحث وتدقيق طويل، وفشلنا في التعرف على تسعة آخرين». ودفن هؤلاء التسعة في مقبرة في رام الله لحين تمكن السلطة من إجراء فحوصات تدل على هوياتهم.

وقال خلة: «بنك الـ(دي إن إيه) سيمكننا من حفظ المعلومات عن أي شهيد حتى تظهر عائلته فنجري فحوصات للمطابقة».

ويبدو أن هذا حلم بعيد المنال، إذ رفضت إسرائيل في السابق طلبا مماثلا من السلطة. وستنتظر العائلات الفلسطينية من أسبوعين إلى ثمانية أسابيع قبل أن تتسلم نتائج الفحوصات.

وقال خلة: «هذا بسبب الوضع الصعب واللاإنساني التي تكون عليه الجثامين».

واكتسبت «مقابر الأرقام» تسميتها تلك، لأن كل قبر فيها يحمل فقط رقما، سجل فوق لوحة معدنية، يرمز إلى ساكن القبر الذي لا يعرف هويته إلا الجيش الإسرائيلي.

ولا أحد يملك معلومات دقيقة عن عدد هذه المقابر، إلا أنه كشف عن أربع منها فقط، تقع داخل أراضي عام 1948، وهي مقبرة جسر «بنات يعقوب» التي تقع في منطقة عسكرية عند ملتقى حدود فلسطين ولبنان وسوريا، وتضم رفات مئات الفلسطينيين واللبنانيين الذين قتلوا في حرب 1982 وما بعد ذلك، ومقبرة «بير المكسور» أو «جسر دامية» التي تقع في منطقة عسكرية مغلقة بين أريحا وغور الأردن، ويحيط بها جدار فيه بوابة حديدية معلق عليها لافتة كبيرة كتب عليها بالعبرية «مقبرة لقتلى العدو»، ومقبرة «ريفيديم» بغور الأردن، ومقبرة «شحيطة» في قرية وادي الحمام شمال طبريا، وبالتحديد في سفح الجبل الذي شهد معركة حطين.

وتشير الإحصاءات الفلسطينية إلى وجود 288 جثمانا حتى الآن في مقابر الأرقام، لكن إسرائيل تتحدث عن 80 جثة فقط. وبعض هذه الجثث محتجز منذ 46 عاما، أي منذ عام 1967.

وقال خلة: «لقد عرضوا (الإسرائيليون) العام الماضي، تسليمنا 80 من الجثامين المعروفة وغير المعروفة، مقابل إغلاق الملف، لكننا رفضنا ذلك، وأصدر الرئيس (محمود عباس) تعليماته بعدم تسلم أي جثمان غير معروفة الهوية».

وقال مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، الذي قدم عدة التماسات للمحاكم الإسرائيلية، بالإفراج عن جثامين محددة، إنه قدم عشرات القوائم التي تضم أسماء «شهداء الأرقام»، وهناك قوائم أخرى قيد الدراسة والتحضير.

ومن بين الجثامين التي ستسلمها إسرائيل في الدفعة المنتظرة جثماني، الأخوين عادل وعماد عوض الله، المحتجزين منذ 1998.

وكانت عائلة عوض الله تمني النفس بأن يكونا أحياء إذ لم يعرف مصيرهما منذ ذلك الوقت. ومن غير المعروف ما إذا كانت ستتطابق الفحوصات أو لا.

كما ستسلم إسرائيل جثمان الفتاة الشابة، آيات الأخرس التي نفذت عملية فدائية في القدس الغربية في 2002.

وينكأ تسليم الجثامين جروحا قديمة لدى الأهالي، لكنهم ينتظرون كل حفنة تراب، وكل إصبع وكل عظمة كما قال محمد الأخرس، والد آيات، لـ«الشرق الأوسط» وهو يعد الدقائق من أجل اللحظة التي يحتضن فيها رفات ابنته، كي ترتاح ويرتاح.