الخلافات بين الفلسطينيين والإسرائيليين في أوجها مع وصول كيري إلى المنطقة

إسرائيل اقترحت أن يكون الجدار الفاصل أساسا لمحادثات السلام

TT

لا تبدو مهمة وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، هذه المرة سهلة، بل أكثر تعقيدا في ظل التسريبات الفلسطينية والإسرائيلية حول خلافات كبيرة بين الطرفين في مفاوضات السلام، التي ترعاها الولايات المتحدة، تنذر بتفجرها.

وعلى الرغم مما قاله الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) بالأمس، في مؤتمر صحافي، من أنه سيواصل بذل الجهود من أجل «إيجاد حل سلمي وسياسي، يحقق السلام والأمن والاستقرار في منطقتنا، وينهي الاحتلال الذي بدأ عام 1967، وصولا إلى قيام دولة فلسطين»، فإن ما قاله في الاجتماعات المغلقة مع قادة حركة فتح قبل يومين يبدو أكثر أهمية، وهو أن: «المفاوضات قد تنفجر».

وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن أبو مازن تحدث عن انفجار محتمل بسبب إصرار إسرائيل على مواصلة البناء الاستيطاني بطريقة محرجة للسلطة وتظهرها كمن قايض الاستيطان بإطلاق سراح الأسرى، «وهذا ليس صحيحا أبدا».

وبعد 3 شهور من المفاوضات، يتضح مما قاله أبو مازن مؤخرا، وما تسربه مصادر إسرائيلية، أنه لا يوجد تقدم في المفاوضات مطلقا، ويكفي أن الوفد الفلسطيني المفاوض وضع على طاولة أبو مازن استقالته احتجاجا على «الصلف والمماطلة» الإسرائيلية. ورفض عباس استقالة كبير المفاوضين صائب عريقات وعضو الوفد المفاوض محمد أشتية الخميس الماضي.

وأظهرت تسريبات نشرتها صحيفة «يديعوت أحرنوت» أمس أنه بعد ثلاثة أشهر من جولات المحادثات بين الطرفين، وإجراء أكثر من 15 اجتماعا، نصفها في القدس ونصفها في أريحا، فإنه لا يوجد اتفاق على شيء.

وكتبت «يديعوت» أنه منذ سبتمبر (أيلول) تحولت المحادثات إلى مكثفة أكثر، بحيث يحضر كل طرف، خلال الاجتماعات، عرضا تقديميا، ويرد الطرف الآخر في الاجتماع التالي، ويقدم أسئلته حول الموضوع.

وحسب الصحيفة فإنه في كل مرة تطرح مسألة واحدة من بين المسائل الست الجوهرية، ولكن من الناحية الفعلية، لم ينظر حتى الآن في كل المسائل، وقد تناولت معظم المحادثات الشؤون الأمنية حسب طلب إسرائيل، وقد تعلق بعضها بمسألة الحدود، وقليل منها كان متعلقا بموضوع المياه.

وكشفت الصحيفة أن إسرائيل اقترحت أن يكون مسار الجدار الفاصل أساسا لمحادثات السلام بدلا من حدود عام 1967 التي يطالب بها الفلسطينيون.

وبحسب ما أوردت «يديعوت أحرونوت» والإذاعة العامة الإسرائيلية، اقترح المفاوضون الإسرائيليون على نظرائهم الفلسطينيين أن يكون هذا الجدار الذي يقع 85% منه في الضفة الغربية إلى عزل 9,4% من الأراضي الفلسطينية من بينها القدس الشرقية (بحسب الأمم المتحدة)، نقطة انطلاق المحادثات.

وقالت يديعوت: «كانت نقطة الانطلاق الفلسطينية هي حدود 1967 مع تبادل للأراضي. وفي المقابل، كانت نقطة الانطلاق الإسرائيلية هي الحفاظ على مسار جدار الفصل، وطالبت إسرائيل بإبقاء الكتل الاستيطانية بحوزتها ومستوطنات تقع خارجها مثل مستوطنات (بساغوت) و(بيت إيل)، إلى جانب الاحتفاظ بغور الأردن، مع وجود عسكري إسرائيلي، وكذلك مصادر المياه، بينما يمكن للفلسطينيين شراء المياه من إسرائيل».‎

وفي موضوع القدس، طالب المفاوض يتسحاق مولخو، مندوب رئيس الحكومة الإسرائيلي، بتقليل المساحة «الحرة» التي يمكن للفلسطينيين والإسرائيليين الوصول إليها حتى الحد الأدنى الممكن، أما تسيفي ليفني، رئيسة الوفد الإسرائيلي، فقد طرحت موقفا أكثر ليبرالية.

وعمليا يرفض الفلسطينيون معظم الطروحات الإسرائيلية هذه، ويطلبون دولة كاملة السيادة على حدود 1967 مع ممر آمن لقطاع غزة وسيطرة على الحدود والقدس الشرقية عاصمة للدولة، مع تبادل أراضٍ طفيف.

ولا تلقى طروحات الطرفين قبولا عند الآخر، بل أظهر الوزراء الإسرائيليون أمس قبل ساعات من وصول كيري تشددا كبيرا بشأن القدس.

وقال مسؤول في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية: «إن إسرائيل أوضحت للفلسطينيين أن القدس ستبقى موحدة تحت السيادة الإسرائيلية في حدودها الحالية». وفورا انبرى وزراء إسرائيليون للتأكيد على أن القدس لن تقسم بعد تقرير «يديعوت». وقال وزير المالية، يائير لابيد: «إن قضية أورشليم القدس ليست مطروحة على بساط البحث خلال المفاوضات مع الفلسطينيين ولن تقسم المدينة». وأضاف: «القدس تقع في لب وصميم العقائد القومية والوطنية للشعب اليهودي، وهي غير قابلة للتجزئة، غير أنه من المرجح إجراء استفتاء عام أو انتخابات إذا وصلنا إلى مرحلة إخلاء مستوطنات وحسب».

كما قال وزير حماية البيئة، جلعاد اردان: «إن القدس ستظل العاصمة الموحدة لدولة إسرائيل». وأكد وزير المواصلات الإسرائيلي يسرائيل كاتس إنه يعارض تقسيم المدينة أو أي مس بـ«السيادة الإسرائيلية» فيها. وأضاف: «في حال صحة التقارير التي تتحدث عن طرح موضوع القدس على طاولة المفاوضات، فعلى ليفني أن تترك المهمة وتذهب إلى بيتها، فلا يمكنها تمثيلنا في المفاوضات، ولن تتمتع بأي غطاء داخل الحكومة».

وسيكون مطلوبا من كيري التصدي لكل هذه المشكلات. ويلتقي كيري اليوم بعباس بعد لقائه بنتنياهو. وقالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية إن الولايات المتحدة تدرس إمكانية اتخاذ خطوة خلال الشهرين القادمين، لدفع عملية المفاوضات للأمام، تتضمن مبادئ للحل الدائم للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. وأضافت: «كيري سيطرح هذه المبادرة في حال بقيت المفاوضات بين الجانبين تراوح مكانها».

وأفاد مصدر إسرائيلي مطلع بأن «الاقتراح سيكون بمثابة جسر للهوة بين الطرفين». وأكدت ذلك عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشرواي.

وكان كيري نفى قبل يومين وجود مثل هذه الخطة قائلا: «إن الولايات المتحدة ستستمر في مسارها الحالي وليس هناك خطة أخرى لذلك».