وزير الخارجية الإيراني: استخدام القوة ضد طهران سيشكل «كارثة للعالم أجمع»

دعا الغرب إلى الاستفادة من «النافذة المفتوحة» لتسوية الملف النووي

وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس يرحب بنظيره الإيراني محمد جواد ظريف في باريس أول من أمس (أ.ب)
TT

استثمر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وجوده لثلاثة أيام في باريس وقبل توجهه إلى جنيف للمشاركة في اجتماعات مجموعة «5 زائد 1» حول البرنامج النووي الإيراني للقيام بحملة علاقات عامة واستهداف الصحافة الفرنسية وعبرها الرأي العام الغربي. فحضوره إلى العاصمة الفرنسية كان للمشاركة في الجمعية العامة لمنظمة اليونيسكو حيث ألقى كلمة بلاده. ونشاطه الرسمي الثاني تمثل في لقائه وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي سبق أن التقاه في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. أما ما تبقى له من وقت، فقد كرسه، الوزير الإيراني، لإلقاء محاضرة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية ولإعطاء مجموعة من المقابلات الصحافية التلفزيونية وللصحافة المكتوبة سعى عبرها لإعطاء «وجه جديد» للدبلوماسية الإيرانية وللتعبير عن مواقف «معتدلة» قياسا على ما درج عليه خطاب طهران السياسي والدبلوماسي السابق.

بيد أن المعارضة الإيرانية سعت لـ«تنغيص» حضور ظريف في باريس؛ إذ تظاهر عدة مئات منها أمام مبنى اليونيسكو في باريس لحظة إلقاء الوزير خطابه، منددة بعهد روحاني الذي أعدم، كما تقول، 300 إيرانيا منذ وصوله إلى الحكم، ونصبت مشانق رمزية بمكان تجمعها الذي كانت تحميه الشرطة الفرنسية. وخرج ظريف من باب خلفي لقاعة الاجتماعات الكبرى في اليونيسكو لتحاشي المتظاهرين.

ففي الملف النووي، حرص ظريف على إشاعة مناخ من التفاؤل الذي بدا نوعا ما «مبالغا فيه» وفق ما قالته مصادر أوروبية لـ«الشرق الأوسط»؛ إذ أكد أن اتفاقا «يمكن التوصل إليه في جنيف هذا الأسبوع».

وبحسب هذه المصادر، فإن حجم المشكلات العالقة بين طهران ومجموعة الست «يحتاج إلى أسابيع من المناقشات الجادة» قبل التوصل إلى وضع الأطر المناسبة لحلها «شرط أن تكون إيران مستعدة للتجاوب مع ما تطلبه مجموعة الست».

وقال ظريف لصحيفة «لو موند» إن هناك «نافذة» للوصول إلى تسوية، وهذه النافذة أوجدها الشعب الإيراني «عبر انتخابه حسن روحاني» رئيسا للجمهورية.

وبحسب الوزير الإيراني، فإن اجتماعات فيينا بين خبراء الوكالة الدولية للطاقة النووية والجانب الإيراني كان بعضها «إيجابيا للغاية». ومعلوم أن مجموعة الست يطلبون منذ سنوات من إيران أن تجيب عن تساؤلات الوكالة حول برنامجها النووي وأن تفتح أمامها موقع بارشين العسكري وأن تصدق على البروتوكول الإضافي لمعاهدة منع انتشار السلاح النووي الذي يتيح للوكالة القيام بعمليات تفتيش من غير سابق إنذار ما يمكن أن يشكل بادرة ثقة تجاه الأسرة الدولية.

وأنحى ظريف باللائمة فيما وصل إليه ملف بلاده النووي على الغربيين الذين رفضوا مدها باليورانيوم المخصب لمفاعل طهران التجريبي وللأغراض الصحية وللعقوبات التي فرضت عليها بحيث لم يعد أمام طهران من خيارات أخرى غير التخصيب الذي وصفه بأنه «حق شرعي». وأعلن ظريف أن طهران تمتلك 19 طاردة مركزية لكنه لم يذكر كم الطاردات التي تشتغل ولا أنواعها.

ورغم اللهجة المتفائلة، فقد نبه الوزير الإيراني إلى أن «النافذة» المفتوحة اليوم «يتعين الاستفادة منها قبل أن تقفل مجددا». والمفارقة أنه يلتقي في ذلك مع الغربيين الذين ينبهون إلى أن المفاوضات مع إيران «يجب أن لا تدوم إلى الأبد».

ولا تصل «الليونة» الإيرانية إلى حد قبول المطالب الغربية كما هي؛ إذ رفض ظريف التجاوب مع مطلب إخراج اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة من بلاده إلى بلد آخر، وهو ما يطلبه الغربيون وما تنص عليه المقترحات التي سلموها في ألما آتا إلى الجانب الإيراني في الربيع الماضي.

ودعا المسؤول الإيراني الغرب إلى التوقف عن «فرض» مواقفه على طهران، لكنه بالمقابل أبدى انفتاحا لقبول مطلب الوكالة الدولية بزيارة موقع بارشين، محيلا ذلك إلى المناقشات القائمة مع خبرائها، ولم يرفض في المطلق السماح للوكالة باستجواب العالم الإيراني محسن فخري زاده الذي يعد المسؤول عن الشق العسكري من البرنامج النووي.

وحذر ظريف من خيار اللجوء إلى القوة ضد طهران؛ لأن ذلك سيشكل «كارثة للعالم أجمع»، داعيا إلى التأمل فيما آل إليه التدخل العسكري الأميركي في أفغانستان وفي العراق. وأكد ظريف أن الهدف الأول لبلاده هو الانتهاء من الملف النووي. ويفهم هذا الطلب على ضوء رغبة طهران في رفع العقوبات التي تصيب اقتصادها في الصميم. أما بخصوص الاعتراف بإسرائيل، وهو ما رفضته طهران دائما، فقد قال ظريف إن الموضوع «غير مطروح».

أما في الملف السوري، فقد كان لـظريف، بحسب الخارجية الفرنسية، نقاش «صريح ومعمق» مع الوزير فابيوس. ومعلوم أن فرنسا لا تمانع مشاركة إيران في «جنيف 2» شرط أن تقبل علنا أن هدف العملية هو إنشاء حكومة انتقالية تتمتع بكل الصلاحيات التنفيذية للحكومة والرئاسة، بما فيها الإشراف على القوات المسلحة والمخابرات والأجهزة الأمنية الأخرى.

ورغم نفي ظريف أن تكون لبلاده يد في الحرب الدائرة في سوريا، فقد عبر عن استعدادها للمساهمة في التوصل إلى تسوية، وخصوصا في الدعوة لخروج كل المقاتلين الأجانب من سوريا من غير الدخول في التفاصيل أو الإشارة إلى ميليشيا حزب الله أو الميليشيات الأخرى التي تقاتل إلى جانب النظام السوري.