لبنان يدخل شهره الثامن من دون تشكيل حكومة

سلام يلتقي سليمان ويؤكد عدم اعتذاره عن المهمة التي كلف بها

TT

أكد الرئيس المكلف تشكيل حكومة لبنانية جديدة تمام سلام أن «توافق القوى السياسية وتجاوزها لخلافاتها يسهل تأليف الحكومة، إلا أنه مع مرور الأيام نرى أن العكس هو الصحيح والأمور بين هذه القوى نحو التصعيد والمواجهة». وقال بعد لقائه الرئيس اللبناني ميشال سليمان أمس: «لو وجدت في اعتذاري فرصة أو مخرجا ما كنت لأتأخر لحظة، فأنا لست من هواة أو سعاة المناصب».

ولم ينكر سلام، الذي أنهى أمس الشهر السابع لتكليفه تشكيل حكومة جديدة بعد استقالة سلفه رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، من دون إحراز أي تقدم يذكر، أن «المهمة صعبة وشاقة»، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن «الإرادة موجودة عندي ولدى الرئيس اللبناني لنصل إلى شيء يريح ونرى فيه المصلحة الوطنية».

وقال سلام في تصريحاته أمس إنه «صحيح أن الإجماع كان في التكليف، ولكن الاستمرار في المحاولة لتأليف الحكومة يستند في القسم الأكبر إلى ما أسمعه يوميا من الناس حيثما اجتمعت وذهبت، ودائما أسمع: (إياك الاعتذار، إياك التخلي، ابق صامدا، ثقتنا بك). وهذا يحملني مسؤولية أكبر بكثير ولا يجعلني أستخف ويجعلني أتحمل وأصبر وأعض على كثير من الجراح التي أصابتني خلال هذه الفترة، فهناك دائما المصلحة الوطنية».

ويصطدم سلام بشروط القوى السياسية المتناقضة، ورفضها لصيغ حكومية سبق وطرحت على طاولة النقاش. وتعارض قوى «14 آذار» صيغة اقترحها أخيرا رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وسارع رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط إلى تبنيها، كما لاقت تأييد حزب الله. وتقضي هذه الصيغة بتوزيع 18 مقعدا حكوميا (من أصل 24) بالتساوي بين فريقي 8 و14 آذار، فيما يحتفظ الفريق الوسطي (سليمان وميقاتي وجنبلاط) بالمقاعد الستة المتبقية. وتعرف هذه الصيغة باسم (9 - 9 - 6)، وهي تعطي فريقي 8 و14 آذار القدرة على تعطيل القرارات داخل مجلس الوزراء.

ويساهم استمرار أزمة سوريا والانقسام اللبناني بشأنها في تعميق الخلافات بين القوى السياسية، ويتهم كل فريق الفريق الآخر بتعطيل تأليف الحكومة بانتظار جلاء المشهد السوري وترجيح كفة فريق على آخر. وفي هذا الإطار، قال سلام إنه «في ظل غابة من الأزمات السياسية المتراكمة إن كان داخليا أو خارجيا تكونت صعوبات وعراقيل وموانع عديدة في وجه تأليف الحكومة»، مؤكدا أنه «لو وضعت مهلة محددة (للتكليف)، لكنا حصدنا فشلا وارتدادات سلبية على البلد، ولكن النيات شيء والواقع شيء آخر». وتابع: «لا يخفى على أحد أن الأجواء الإقليمية ملبدة وضبابية وصدامية، وهذا الأمر لا يساعد أبدا، وليس فقط على مستوى تأليف الحكومة، وإنما في كل الملفات التي تتطلب العلاج والحل في البلاد».

وكان سلام قد التقى أخيرا رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، في باريس. وقال سلام أمس إنه لمس «تأييدا ودعما من الحريري ضمن ما يراه هو وفريق (14 آذار) من مصلحة ومواقف تخدم التوجه السياسي الذي يعلنونه في حرصهم على البلد والوطن».

وجاءت مواقف سلام أمس غداة استغراب النائب جنبلاط، في حديث تلفزيوني ليل الثلاثاء الماضي، «رفض فريق 14 آذار صيغة الـ(9 - 9 - 6) بعدما سوق لصيغة (8 - 8 - 8)»، وهي لا تعطي القدرة على التعطيل لأي فريق، وقال: إنه «تم رفضها أيضا من قبل الفريق نفسه». وجدد التأكيد على أنه «لن يسير بحكومة أمر واقع، وسيسحب وزراءه من الحكومة في حال شكلت لأنه مع التوافق»، معتبرا أن «انسحاب حزب الله وأمل يؤدي إلى حكومة غير ميثاقية».

وفي رد على مواقف جنبلاط، قال النائب في كتلة «المستقبل» جمال الجراح إن «لجنبلاط نظرته وقراءته الخاصة للأمور، وليس بالضرورة أن يكون موقفه هو الحل»، لافتا إلى «أننا نحترم رؤيته السياسية الخاصة به رغم أننا لا نشاطره إياها».

وشدد الجراح، في حديث لوكالة «المركزية» الخاصة في لبنان، على «أهمية تحييد السلاح عن الحياة السياسية كي نضمن الاستقرار الاقتصادي والأمني»، مجددا دعوته إلى «تشكيل حكومة حيادية والذهاب بالملفات الخلافية إلى طاولة الحوار». وعزا تأخير تشكيل الحكومة إلى «الخلافات السياسية حول شكلها»، متسائلا: «كيف يمكن تشكيل حكومة تضم فريقا يشارك عسكريا في القتال في سوريا؟ وكيف يمكن أن نشارك في حكومة وحزب الله تجاوز كل المؤسسات الدستورية وذهب خارج الحدود للقتال إلى جانب النظام السوري».

في المقابل، اعتبر وزير التنمية الإدارية في حكومة تصريف الأعمال محمد فنيش المقرب من حزب الله أن «مشكلتنا في لبنان هي أن الفريق الآخر لا يملك حرية قراره. ولو كان يمتلك حرية قراره لما لجأ إلى هذه المواقف السلبية من مسألة تشكيل الحكومة ووضع الشروط التعجيزية ورفض الشراكة الحقيقية إلى مسألة تعطيل المجلس النيابي والعديد من المواقف التي لا تخدم مصلحة لبنان».

ورأى، خلال مجلس عاشورائي مركزي أقامه حزب الله في حارة صيدا (جنوب لبنان) أن «الفريق الآخر لا يملك في المعادلة السياسية ما يرجح كفته، ولو كان يملك ذلك لمضى في طريق حكومة حتى ولو هدد فيها الاستقرار».

وفي الإطار ذاته، اتهم نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق 14 آذار بعرقلة تأليف حكومة جديدة، وقال: «هم يعرقلون تشكيل الحكومة أو عقد جلسة حكومة لبت الحدود البحرية والاستثمارات، وما يحصل من عرقلة لمسار استثمار النفط اللبناني يتحمل مسؤوليته فريق 14 آذار وبإيحاءات خارجية».