أردوغان يفتح جبهة جديدة ضد العلمانية في بلده.. ومعارضوه يتهمونه بأسلمة تركيا

رئيس الحكومة التركية يثير ضجة جديدة بمنع السكن الطلابي المختلط

TT

فتح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان جبهة جديدة في الحرب بين حكومته الإسلامية المحافظة وعلمانيي تركيا، بإطلاقه وعدا بالعمل على منع مساكن الطلاب المختلطة باسم الدفاع عن الأخلاق. وبعدما تم التطرق إلى هذا الملف في اجتماع مغلق لحزبه العدالة والتنمية شن أردوغان هجومه علنا أمام البرلمان أول من أمس، حيث بدأ عدد من النواب النساء منذ أسبوع بالحضور إلى البرلمان محجبات.

وقال أردوغان في كلمته الأسبوعية أمام نواب حزبه: «لم ولن نسمح باختلاط الفتيات والفتيان في مساكن الدولة». وأضاف «يمكن أن تحدث أمور كثيرة عند الاختلاط. إننا نتلقى شكاوى من العائلات التي تطالبنا بالتدخل». كما أوصى إدارات المحافظات الـ81 في البلاد للعمل على هذه المسألة.

وأفاد مصدر رسمي بأن 75 في المائة من مساكن الطلاب التي تديرها مؤسسة يورتكور الرسمية تفصل بين الشبان والشابات، ويفترض ألا يبقى أي منها مختلطا مع مطلع 2014. لكن رئيس الوزراء سبق أن أكد أنه لن يكتفي بذلك. ففي كلمته الثلاثاء تحدث عن فكرة توسيع معركته لتشمل مساكن الطلاب الخاصة والسكن المشترك. وصرح أمام نوابه: «لا يمكن للطلاب والطالبات الإقامة في المنزل نفسه، هذا مخالف لبنيتنا المحافظة الديمقراطية».

وفي بلاد أغلبيتها الكبرى من المسلمين لكنها علمانية بحسب الدستور منذ 1937 شكل كلام أردوغان مفاجأة للطلاب. وصرح أحمد طالب القانون البالغ 22 عاما ويقيم في مسكن للطلاب في أنقره لوكالة الصحافة الفرنسية: «لدينا أصلا مساكن منفصلة ذات مداخل منفصلة ولم يحدث أي شيء غير معتاد حتى الآن عندما نأكل معا في المطعم الجامعي». وأضاف: «إننا بالغون ويحق لنا التصويت لكن لا يحق لنا أن نكون معا رجالا ونساء، هذا أمر مثير للسخرية».

ولا يعد المعارضون السياسيون والمدافعون عن حقوق المرأة أو عن العلمانية مبادرة رئيس الوزراء أمرا مضحكا. فمنذ يومين وهم يكثفون الانتقادات لمثال آخر على مساعيه «لأسلمة» البلاد. وصرح كمال كيليتشيدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري أهم حزب معارض الثلاثاء أن «نية أردوغان الحقيقية هي إنهاء الاختلاط في التعليم بشكل عام». متهما أردوغان بالسعي لتطبيق جدول أعمال إسلامي.

وقال في اجتماع برلماني للحزب في أنقرة: «لديهم خطة في باطن عقولهم.. إنهم يرغبون في تحويل تركيا إلى دولة شرق أوسطية». حسبما نقلت «رويترز». وأضاف أنه: «ينبغي على كل مواطنينا وخاصة نساءنا الانتباه».

وذهب آخرون أبعد من ذلك. فبعد صدور القانون الذي يقيد بيع الكحول واستهلاكه والذي غذى الاحتجاجات ضد الحكومة في يونيو (حزيران) ثم المرسوم الأخير الذي يجيز وضع الحجاب في الوظائف الرسمية، ندد هؤلاء بأجندة حزب العدالة والتنمية المخفية.

وصرحت بيرسان تيمير التي ترأس جمعية نساء الأناضول: «تحت أعيننا تتحول الجمهورية التركية إلى دولة إسلامية». وتابعت أن «الجمهورية العلمانية كما كنا نعرفها تختفي تدريجيا». وفيما تثير هذه القضية غضب خصوم أردوغان يبدو أنها تثير الاضطراب في صفوف أكثريته. وأكد نائبه بولنت ارينتش الذي يعتبر أكثر اعتدالا أن الحكومة «لا تنوي على الإطلاق مراقبة» مساكن الطلاب، قبل صدور نفي رسمي لأقواله.

ومنذ يومين بدأ خبراء يشيرون إلى الصعوبات القانونية التي أثارتها مبادرة رئيس الوزراء. فكيف يمكن للدولة التدخل في شؤون طلاب بالغين إن قرروا العيش معا فيما يضمن الدستور التركي بوضوح المساواة بين الجنسين والحريات الأساسية؟ لكن نائب رئيس الوزراء بكير بوزداغ استبعد هذه الحجة مؤكدا أن «رئيس الوزراء لم يفعل أكثر من الإعراب عما يفضل.. هذا ليس تدخلا في الخصوصيات». وأكد أردوغان نفسه تصميمه برده على صحافية الثلاثاء بنبرة جافة «إن كان علينا تعديل القوانين فسنعدلها».

وكثيرا ما يتهم منتقدو أردوغان الذي ترجع جذوره إلى الإسلام السياسي رئيس الوزراء بالتدخل المتزمت في الحياة الخاصة بداية من نصيحته للنساء بشأن عدد الأطفال حتى آرائه في الإجهاض. وبدأت آراء أردوغان بخصوص مراكز الإقامة المختلطة في الظهور في الصحف التركية عقب تسريب تفاصيل اجتماع مغلق لحزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء قبل أيام. وسعى مساعدوه للتهوين من شأن المسألة وقالوا إنه كان يشير فقط إلى مراكز السكن غير المسجلة بصورة سليمة.