توترات في السليمانية بين حزب طالباني وحركة التغيير

الصراع على السلطة أبرز معالمها

TT

شهدت الأيام الأخيرة تصعيدا بين حركة التغيير والاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس العراقي جلال طالباني على خلفية النتائج التي أفرزتها الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي غيرت المعادلة السياسية في مناطق محافظة السليمانية، معقل الحزبين.

فقد تصدرت حركة التغيير المعارضة المشهد السياسي بفوزها بـ24 مقعدا مقابل 18 مقعدا للاتحاد الوطني ما غير موقعيهما، حيث حلت الحركة بالمركز الثاني على مستوى الإقليم والمركز الأول على مستوى محافظة السليمانية، وبالمقابل نزل الاتحاد الوطني إلى المرتبة الثالثة على المستويين المذكورين، ما دعا حركة التغيير على المطالبة بتداول السلطة استنادا إلى استحقاقها الانتخابي، وهذا ما يرفضه لحد الآن حزب طالباني الذي لجأ خلال اليومين الأخيرين إلى التهديد كأسلوب لمواجهة حركة التغيير.

وبعد أن دعا رئيس الحركة نوشيروان مصطفى تنظيمات حركته إلى مناقشة مصير إدارة محافظة السليمانية في ظل غياب أي أمل لتنظيم انتخابات مجالس المحافظات، وظهور دعوات من داخل المجلس الذي تحتل فيه الحركة أغلبية بضرورة تسليم إدارة المحافظة إلى الكتلة الفائزة بالانتخابات، إذ إن حركة التغيير تحتل 14 مقعدا فيه مقابل 8 مقاعد للاتحاد الوطني، إذا أضيفت إليها خمسة مقاعد للاتحاد الإسلامي وثلاثة للجماعة الإسلامية باعتبارهما طرفين في المعارضة، تكون أعداد مقاعد المعارضة 22 مقابل 8، وهذا ما يدفع المعارضة إلى المطالبة بتسليم شؤون إدارة المحافظة إليها.

وأثارت دعوات رئيس الحركة بهذا الصدد مخاوف الاتحاد الوطني من حدوث اضطرابات على مستوى المحافظة، خاصة بعد تهديد بعض الأطراف بالنزول إلى الشوارع أو إعلان الإضراب العام بالمدينة، ما دفع بمسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للاتحاد الوطني الملا بختيار للتصريح بشكل واضح بأن «الاتحاد الوطني اتخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة الاحتمالات المقبلة». وقال أثناء لقائه النواب الجدد لحزبه في البرلمان الكردستاني، إنه لمواجهة «التوترات الحاصلة بالمحافظة لدينا برنامج محدد واتخذنا الاحتياطات اللازمة».

وكان المكتب السياسي للحزب قد أشار في بلاغ صدر عن اجتماع قيادته أيضا إلى أن «الاجتماع أكد أهمية المحافظة على أمن واستقرار المحافظة وجميع أنحاء إقليم كردستان، ويحرص على سيادة القانون واتخاذ جميع الإجراءات التي تحول دون وقوع الاضطرابات أو خرق القوانين».

وتركز حركة التغيير في الوقت الحالي على أهم مطالبها وهو تسليم سلطة إدارة المحافظة إليها على اعتبار أنها فازت بالأغلبية على مستوى محافظة السليمانية في ثلاث انتخابات سابقة لبرلمان كردستان عام 2009 والانتخابات العراقية عام 2010 والانتخابات البرلمانية الأخيرة في 21 سبتمبر (أيلول)، وبناء عليه فإنها حزب الأكثرية الذي يفترض أن يدير السلطة بالمحافظة، لكن الاتحاد الوطني يرفض تسليمها له.

ويطالب مجلس إدارة المحافظة الذي تسيطر عليه حركة التغيير محافظ المدينة بتقديم استقالته والانسحاب أمام مرشح آخر من المعارضة للمنصب، لكن بهروز محمد صالح محافظ السليمانية قال في تصريحات أمس، إن تعيينه بمنصب المحافظ «جرى وفقا للقانون والإجراءات الأصولية وبقرار صادر عن رئاستي الحكومة والإقليم وهما جهتان قانونيتان»، مضيفا أنه يتطلع إلى «التعاون من أجل خدمة مواطني المحافظة، وفي حال صدرت الأوامر بتعيين أي قائمقام أو مدير عام بالمحافظة فإنه مستعد لتنفيذها». وفي تطور لاحق التقى كوسرت رسول علي نائب الأمين العام للاتحاد الوطني ونائب رئيس الإقليم برئيس الحكومة نيجيرفان بارزاني، نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، وتباحثا حول تطورات الأوضاع في كردستان. وأشار بلاغ صدر عن مكتب نائب رئيس الإقليم إلى أن «الجانبين أكدا ضرورة الإسراع بتنظيم انتخابات مجالس المحافظات لكي يتمكن المواطنون من اختيار ممثليهم في مجالس المحافظات».

وفي تطور مثير، عقد نائب رئيس حكومة الإقليم عماد أحمد اجتماعا موسعا مع القيادات الأمنية على مستوى محافظة السليمانية للتباحث حول الإجراءات المسبقة لمواجهة أي تطورات أمنية محتملة على صعيد المحافظة. ونقل مصدر بمكتب نائب رئيس الحكومة لـ«الشرق الأوسط» أن أحمد «أبلغ اللجنة الأمنية باتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة ومراقبة الأوضاع وعدم السماح لأي كان بأن يعبث بالأمن والاستقرار في المدينة، وأن تطلق أيدي أعضاء اللجنة الأمنية للحفاظ على الأمن وسيادة القانون».