«داعش» منشغلة بمنع حفلات الزفاف وجيش النظام يتقدم نحو مشارف حلب

عدت موسيقى الأعراس «فسقا وفجورا» وانشغلت بتدمير الأضرحة وتحطيم التماثيل

صورة وزعتها وكالة سانا الرسمية لجنود نظاميين يتجولون في قرية سبينة في ريف دمشق (أ.ب.)
TT

تناقل ناشطون سوريون خبر قيام عناصر من دولة العراق والشام بمداهمة حفل زفاف في قرية المفتاحية بمدينة مسكنة بريف حلب بسبب وجود مغنٍّ وفرقة موسيقية في حفل الزفاف.

ويقول موقع «تنسيقية مسكنة» وموقع «الثورة السورية ضد بشار الأسد في منبج» إن «أحد قادة الدولة الإسلامية في مسكنة حذر الأهالي أنه إذا جرى إحضار فرقة موسيقية ومطرب فسوف يعتقل المسؤول؛ لأن هذا الأمر به (فسق وفجور)»، ويضيف الموقع التابع لتنسيقيات الثورة السورية أن قيادات «داعش» طلبت من صاحب العرس حفظ «جزء عم» كاملا من القرآن مع حضوره لعدة دروس دينية تلقى في مقر الدولة في مسكنة. وأثار هذا الخبر ردود فعل وتعليقات واسعة بين الناشطين.. منهم من أيدها كون الاحتفالات في ظل هذه الظروف التي تمر بها سوريا والمناطق المحررة أمرا غير لائق، خاصة أن الكثيرين ممن فقدوا أقرباءهم قد لا تناسبهم أجواء الاحتفال.

ولكن نسبة كبيرة من الذين علقوا على الخبر عدوه امتدادا لنهج دولة العراق والشام المتشدد والمتطرف في التضييق على الحريات الشخصية وفي تطبيق قوانين أصولية تسيء إلى الإسلاميين عموما.

وبينما تنشغل داعش في منع احتفالات الأعراس، وتطبيق الحدود والتكفير وتدمير أضرحة الصوفيين وتحطيم التماثيل في حلب وريفها، يتقدم جيش النظام بشكل كبير في ريف حلب ويجهز لعملية واسعة في حلب المدينة. ويخشى الناشطون المقيمون في المناطق المحررة من ذكر أسمائهم عندما يتعلق الأمر بانتقاد داعش، بسبب نفوذها المتزايد وسطوتها الكبيرة، لكن الاستياء من ممارساتها في قرى ريف حلب، وإدلب خاصة، دفع لتصعيد نبرة العداء ضدها من السكان المحليين، بل والصدام مع بعض الفصائل الإسلامية المعتدلة على الأرض التي ترى فيها خطرا يهدد الثورة السورية من الداخل.

وقد أصدرت جبهة علماء حلب قبل أيام بيانا حادا وصفت فيه داعش بالفصيل ذي الأفعال الإجرامية ودعا «المجاهدين» للتبرؤ من أفعاله وعدم العمل معه و«الانتساب فقط للفصائل الجهادية المخلصة». ولخص البيان الذي صدر عن الجبهة التي ينتمي معظم أفرادها للتيار الصوفي والإخواني المعروف بخلافه مع المتشددين.. أن «داعش» قامت بتكفير وسفك دماء الأبرياء، وأنها متهمة بعمليات خطف للناشطين وموظفي الإغاثة، لكن الاتهام الأخطر الذي وجه لتنظيم داعش هو أن «أفعاله تصب في خدمة النظام»، بقصد أو من غير قصد، سواء لتآمر بعض قادته أو لرغبتهم في السيطرة الذاتية وإقامة الدولة على باقي الفصائل الإسلامية.

كما يعلق أحد الناشطين من داخل حلب، وفضل عدم الكشف عن اسمه كما هو حال معظم الناشطين الذين يخشون انتقام التنظيم الذي بات يسيطر على معظم مداخل حلب، أن جيش النظام يتقدم بشكل ملحوظ في حلب، بينما داعش أنهكت الفصائل بمعارك جانبية.. تهدف لبسط سيطرتها على مناطق محررة. ويضيف أحد المحامين في حلب يتابع منذ فترة هذا الملف ويكتب باسم مستعار على صفحات التواصل الاجتماعي: «إنهم يشنون معارك لتحرير مناطق محررة!! يريدون إخضاعنا لسلطتهم. إنهم وجه آخر لنظام الأسد ولا نستبعد أن يكونوا مخترقين من المخابرات الإيرانية والنظام لتدمير الثورة السورية وإنهاكنا داخليا». وتروج هذه الاتهامات بشكل كبير في حلب، خاصة بعد أن هاجمت داعش مدينة أعزاز ودخلت في معارك مع فصيل «عاصفة الشمال» ثم هاجمت فصيلا تابعا لحسن جزرة هو «غرباء الشام» في داخل حلب ثم اقتتلت مع لواء «شهداء بدر» وفصيل خالد الحياني في الأشرفية وطريق الكاستيلو.

ورغم أن معظم هذه الفصائل لا تتمتع بسمعة طيبة في المناطق المحررة، حيث تتهم بعمليات سرقة ونهب للمال العام.. فإن النظام تقدم في المناطق نفسها التي حصلت فيها تلك المعارك.. فالأشرفية وهي الحي الذي تسكنه غالبية كردية شهدت تقدما كبيرا للنظام في الأيام الأخيرة.

كما أن النظام بات يسيطر على أجزاء كبيرة من طريق الكاستيلو الاستراتيجي للمرة الأولى منذ أشهر.

وهي المنطقة التي سيطرت عليها داعش قبل أيام بعد اقتتالها مع الجيش الحر.

وفي هذه الفترة التي شهدت تنامي نفوذ داعش في ريف حلب.. واقتتالها مع باقي الفصائل، تقدم النظام للمرة الأولى منذ أشهر طويلة ليسيطر على السفيرة وخناصر، وهما بلدتان تملكان موقعا استراتيجيا غاية في الأهمية، ويعدهما بعض المراقبين مفتاح إعادة السيطرة على حلب، إذا إنهما يشكلان طريق الإمداد الرئيسي جنوب حلب.

وقبل ساعات من كتابة هذا التقرير، وصل النظام للمرة الأولى منذ نحو عام إلى مسافة كيلومتر واحد فقط من مشارف حلب الشرقية، وبات على وشك السيطرة على اللواء الثمانين الذي فقده منذ عام، وهو الموقع المتاخم لمطار حلب الدولي الذي يسيطر عليه النظام، قالت مصادر من الكتائب المقاتلة إن «داعش» أرسلت قوات لمؤازرة المقاتلين في اللواء ثمانين.. لمواجهة تقدم قوات الأسد بينما أمطرت دبابات النظام المتمركزة عند اللواء الأحياء الشرقية لحلب بوابل من القذائف في أشرس حملة قصف تتعرض لها الأحياء الشرقية لحلب منذ أسابيع طويلة.

ويقول الناشط السوري البارز في حلب رأفت الرفاعي إن النظام يستعد لشن حملة عسكرية كبيرة في داخل مدينة حلب، يمهد لها بالسيطرة على اللواء الثمانين. ويضيف الرفاعي: «يحشد النظام قواته في خمس نقاط في حلب، وأتوقع أن يحدث هجوم مباغت في نفس التوقيت في جميع الجبهات. هناك عجز واضح في جبهات المعارضة وشك كبير في إمكانية صمود جبهات الصد، لكن لا أعتقد أن النظام سيتغول كثيرا داخل حلب المدينة. وهناك مؤشرات ميدانية على أن النظام يستعد للتقدم في أحياء بستان الباشا والصاخور وكرم الجبل في حلب المدينة بعد السيطرة على اللواء الثمانين».