الحكومة المصرية تناقش مشاريع قوانين «مثيرة للريبة» قبيل رفع حالة الطوارئ

وزير الخارجية: انتخابات البرلمان ستجرى في فبراير والرئاسة بالصيف

TT

تستعد الحكومة المصرية لإصدار تشريعات جديدة وصفت بـ«المريبة»، من قبل قوى سياسية داعمة لها، في وقت تقترب فيه البلاد من بدء استحقاقات انتخابية في فبراير (شباط) القادم تنتهي في الصيف المقبل بإجراء الانتخابات الرئاسية، بحسب وزير الخارجية نبيل فهمي.

وبينما قال المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء شريف شوقي لـ«الشرق الأوسط» أمس إن التشريعات الجديدة تعالج اللحظة «الاستثنائية» للمرحلة الحالية، فيما يتحسس المصريون سلاحهم مع سماع كلمة «استثنائي»، التي رافقتهم طوال ثلاثة عقود من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي أطيح به مطلع عام 2011.

تبدأ الأزمة في منتصف الشهر المقبل مع انتهاء المدة القانونية لحالة الطوارئ المعلنة في البلاد منذ نحو ثلاثة أشهر، على خلفية إعلان الحكومة «الحرب على الإرهاب»، بعد موجة عنف أعقبت فض اعتصامين للرئيس السابق محمد مرسي في 14 أغسطس (آب) الماضي، خلفت مئات القتلى.

وتناقش الحكومة التي انتهت فعليا من وضع قانون جديد مثير للجدل لتنظيم الحق في التظاهر، قانونين جديدين الأول يتعلق بـ«مكافحة الإرهاب»، والآخر لحماية المسؤولين. وبحسب التسريبات التي خرجت عن الحكومة يمنح قانون مكافحة الإرهاب لرئيس الجمهورية الحق في إعلان حظر التجوال واتخاذ إجراءات استثنائية مستنسخة من قانون الطوارئ الذي وضعت قيود على استخدامه في الدستور المعطل والإعلان الدستوري المعمول به حاليا.

ويخول إعلان حالة الطوارئ للسلطات الأمنية إجراءات استثنائية منها توقيف المواطنين وتفتيش المنازل من دون الحصول على إذن من السلطات القضائية. ويقول معارضو القوانين الجديدة التي تعتزم الحكومة المصرية سنها، إنها تعيد إنتاج قانون الطوارئ سيئ السمعة مجددا.

وتقول الحكومة إنها في حاجة لسن تلك القوانين لإعادة الانضباط للبلاد التي تعاني من اضطرابات منذ نحو ثلاث سنوات أثرت عميقا على الاقتصاد، بالإضافة إلى مواجهة الجماعات المتشددة التي امتدت عملياتها الإرهابية إلى داخل البلاد بعد أن ظلت مقتصرة على شبه جزيرة سيناء.

وقال شوقي إن قانون مكافحة الإرهاب لا يزال مجرد مشروع، منوها إلى وجود تعدد في وجهات النظر داخل مجلس الوزراء بشأنه، في حين أكد أن الحكومة كلفت وزراء العدل والاستثمار بوضع إطار تشريعي لقانون يحصن الوزراء بعد الانتقادات التي توجه إليهم لخشيتهم من اتخاذ قرارات حاسمة، خشية المساءلة القانونية.

وأضاف شوقي القانون أن القانون جاء على خلفية إشكالية واجهت الحكومة مع صدور حكم قضائي برد شركة بيعت من سنوات وبات لها أصول جديدة وأسهم في البورصة، ما يعقد جدا من إمكانية تنفيذ الحكم.

وأشار المتحدث الرسمي باسم الحكومة إلى أن الإطار القانوني الجديد سيحمي تصرفات كبار المسؤولين في الدولة التي تمت بحسن نية وبلا قصد جنائي، وسيكون التوجه الرئيسي تخفيف العقوبة من الحبس والغرامة إلى الغرامة فقط.

ويعترض عبد الغفار شكر نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان على مشاريع القوانين الثلاثة المثيرة للجدل. ويقول شكر لـ«الشرق الأوسط»: «أرسلنا (المجلس القومي لحقوق الإنسان) تحفظاتنا على مشروع قانون تنظيم الحق في التظاهر إلى الحكومة، كما أبدينا رفضنا لمشروع قانون مكافحة الإرهاب واعتبرناه غير صالح بالمرة».

وحكم مبارك البلاد لثلاثة عقود في ظل حالة الطوارئ، التي ظلت سارية بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني). وعلق الرئيس السابق محمد مرسي حالة الطوارئ خلال عام من حكمه وإن أعلنها لمدة شهر في محافظات القناة (بورسعيد والإسماعيلية والسويس)، بعد موجة من أعمال العنف.

وأضاف شكر وهو رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي: «نعتقد أن لدينا في قانون العقوبات والقانون الجنائي ما يكفي جدا لمواجهة المخاطر الحالية، ففي عام 1992 من بدء موجة الإرهاب في التسعينات وضعت مواد لتعريف العمل الإرهابي وخولت للسلطات أيضا إجراءات استثنائية كافية للتعامل مع العناصر الإرهابية».

وأوضح شكر أن قانون حماية المسؤولين قصد منه أساسا حماية الوزراء الذين تصدر بحقهم أحكام بالحبس لعدم تنفيذ أحكام قضائية. يقول: «القانون لا يمكن أن يعاقب إلا على الأفعال، ولا يصح على الإطلاق أن يصدر قانون يتعلق بنوايا المسؤولين».

ويتسامح القانون الجديد مع المسؤولين الذين ارتكبوا مخالفات بما يعتبره القانون «حسن نية». ويضيف شكر، الوزراء يتحدثون عن هشام قنديل (رئيس الوزراء السابق) الذي صدر بحقه حكم نهائي بالحبس، لكن صدور هذا القانون يضيع حقوق المواطنين الذين يقاضون الدولة ويصدر لصالحهم أحكام.

ويرى مراقبون أن من شأن إصرار الحكومة على إصدار التشريعات الجديدة توسيع نطاق القوى المعارضة لها، والتي اقتصرت على جماعة الإخوان التي ينتمي لها مرسي وبعض القوى الإسلامية الحليفة لها.

وتظاهر أنصار جماعة الإخوان أمس في القاهرة وعدد من المدن المصرية احتجاجا على توقيف السلطات ناشطات إخوانيات في الإسكندرية، في إجراء غير معتاد من قبل السلطات الأمنية في مصر. ووقعت اشتباكات بين أنصار الإخوان ومواطنين في عدد من المدن، أسفرت عن عدد من الجرحى.

وتبحث حكومة الببلاوي تحقيق الاستقرار لدفع عجلة الاقتصاد المأزوم، وتهيئة البلاد لإجراء استفتاء على الدستور الجديد التي تعكف لجنة معينة مكونة من خمسين عضوا على كتابته.

وعقب عزل مرسي في يوليو (تموز) الماضي، توافقت القوى السياسية وقادة الجيش على تعديل الدستور وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية. وقال وزير الخارجية أمس إن «الانتخابات البرلمانية ستجرى بين فبراير ومارس القادمين، تعقبها الانتخابات الرئاسية في بدايات الصيف».